الانفتاح الاقتصادي يوفر فرصاً واعدة لجذب الاستثمارات السعودية من الخارج

وسط قرار السعودية تأجيل سداد الدفعات على الشركات الصغيرة والمتوسطة حتى نهاية العام الحالي، توقع عاملون ومختصون في القطاع الخاص السعودي أن تسهم حركة الانفتاح الاقتصادي، بجانب توفر الفرص الواعدة في السعودية، في جذب مزيد من الاستثمارات السعودية من الخارج، لا سيما خلال العامين المقبلين، مع قرب انطلاق مشروعات عملاقة تعمل المملكة، وفق مشروع الرؤية، على إتمام أعمالها.

وتؤدي الإشكاليات التي تواجه بعض المستثمرين السعوديين خارج البلاد إلى خسائر مالية تصل في إحدى الدول، بحسب مصادر، إلى نحو 12 مليار دولار، الأمر الذي دفع بمختصين في الشأن القانوني إلى المناداة بضرورة دراسة واستيفاء الشروط في الدول المراد الاستثمار فيها، خاصة في منطقة اليورو، مع ضرورة عودة جزء من الأموال المهاجرة للسوق السعودية التي تتوفر فيها كثير من الفرص المتنوعة.

ويشدد المختصون على أنه لا ضير في الاستثمار خارج المملكة، ما دامت الاشتراطات اللازمة الآمنة التي تكفل حق المستثمر السعودي متوفرة، مع ضرورة أن يكون جزء من هذه الاستثمارات في الداخل، خاصة أن وزارة الاستثمار تقدم جملة من التسهيلات للمستثمرين الراغبين في الدخول للسوق السعودية.

وتوفر الحكومة السعودية معلومات متنوعة معيارية عن الأسواق المحلية، كذلك مشاركة معلومات الاتصال وقاعدة البيانات، والمساعدة في دراسات الجدوى. كما تقوم بالمساعدة في تأسيس وبدء العمل، والمشورة على الكيان القانوني، إضافة إلى التنسيق مع الجهات الحكومية، والتقديم على التراخيص والخدمات والتأشيرات المطلوبة للبدء بالعمل، كذلك التنسيق مع الجهات التمويلية لدراسة إمكانية التشارك والدعم.

وتتلاءم تلك التسهيلات مع مكانة السعودية التي تعد أكبر سوق اقتصادية حرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، باستحواذها على 25 في المائة من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي العربي، فيما تشهد سوقها المحلية توسعاً مستمراً بنسبة 3.5 في المائة سنوياً، ما مكنها من أن تكون من أسرع الدول في النمو الاقتصادي على مستوى العالم.. وإلى آراء المختصين وقرار مؤسسة النقد العربي السعودي:

الفرص الواعدة

تعززت مكانة السعودية بصفتها واجهة استثمارية، بموقعها الجغرافي الذي يجعلها منفذاً لأسواق التصدير في أوروبا وآسيا وأفريقيا، مع امتلاكها أكبر احتياطي نفطي في العالم بنسبة تقدر بنحو 25 في المائة، كما تعد عملتها (الريال) من أكثر العملات في العالم استقراراً.

وهنا، قال رئيس مجلس إدارة مجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية، عجلان العجلان، لـ«الشرق الأوسط»، إن الاقتصاد السعودي حر، يتيح للجميع الاستثمار في فرص واعدة متنوعة، لذلك تعد السعودية من أفضل دول العوائد الاستثمارية، موضحاً أن من مصلحة الاقتصاد السعودي نجاح الاستثمار الخارجي بتحقيق عوائد، لما له من إضافة مكاسب عدة تنعكس على الاقتصاد الوطني.

وأشار العجلان إلى أن 90 في المائة من رجال الأعمال السعوديين والشركات الوطنية تستثمر أموالها داخل البلاد، وفي مشاريع مختلفة، بينما النسبة الباقية تتجه للاستثمار خارج السعودية، وهو أمر طبيعي على المستوى الدولي، على حد وصفه.

العامان المقبلان

وعن الاستثمار في السعودية، أكد العجلان أن الاستثمار في السوق المحلية ذو جدوى اقتصادية مغرية، حيث غالبية المستثمرين حول العالم يرغبون في دخول السوق المحلية لما تمتلكه من مقومات كثيرة، متوقعاً أن العامين المقبلين سيشهدان تدفق عدد كبير من الشركات الكبرى ورجال الأعمال الأجانب، بالتزامن مع انطلاق جملة من المشاريع المستقبلية المتسقة مع «رؤية المملكة 2030».

تحديات خارجية

إلى ذلك، قال المستشار القانوني أمين عام الغرفة العربية الفرنسية، الدكتور صالح الطيار، لـ«الشرق الأوسط»، إن كثيراً من أموال رجال أعمال سعوديين تجمدت في الخارج لنزاعات قضائية وخلافات مع شركاء محليين، الأمر الذي نتج عنه خسائر مالية كبيرة للمستثمر السعودية، كاشفاً أن هناك 27 قضية لرجال أعمال في إحدى الدول، قيمتها تصل إلى 12 مليار دولار.

لجنة استشارية

واستطرد: «هذه الإشكاليات متراكمة منذ سنوات، وجارٍ حلها، مع تشكيل لجنة للنظر في هذه القضايا وحلها بشكل ودي»، معرجاً حول أبرز المشكلات التي يواجها المستثمر السعودي في مختلف دول العالم، خاصة أوروبا، وهي الجهل بنظام الضرائب والتراخيص المفروض استكمالها، والعمل قبل الانتهاء من استيفاء الشروط كافة، بالإضافة إلى الاتفاق مع محامين غير أكفاء، وعدم التزام الشريك الأجنبي مع الشريك السعودي.

وقال: «هذه جميعها إشكاليات تراكمية يجري التعامل معها، إضافة إلى حسن النية في كثير من الحالات لدى المستثمر السعودي»، مردفاً أن وجوده بصفة رئيس الفريق القانوني في مجلس أعمال سعودي مشترك دفعه للدخول في التحالف الاستشاري المهني الدولي الذي يجمع أهم شركات المحاماة والاستشارات المالية والاستثمارية الدولية متعددة الجنسيات، وذلك بهدف حماية المستثمر السعودي، وإيجاد آلية تحمي مصالحه بشكل شامل يضمن استمرارية مشاريعه دون توقف، وفق إطار قانوني.

تمديد التأجيل

وفي تطور محلي مالي، في إطار جهود السعودية المتواصلة في التعامل مع جائحة فيروس كورونا، والتدابير المتخذة لتخفيف آثارها المالية والاقتصادية على مختلف الأنشطة الاقتصادية، أعلنت مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) عن قرار تمديد فترة برنامج تأجيل الدفعات لمدة 3 أشهر إضافية إلى منتصف ديسمبر (كانون الأول) المقبل، رغبة منها في استمرار تمكين القطاع المالي من القيام بدوره في دعم القطاع الخاص، خصوصاً المنشآت المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، والمساهمة في تعزيز النمو الاقتصادي، والمحافظة على مستويات التوظيف في القطاع الخاص.

وكانت «مؤسسة النقد» أعلنت عن دعم تمويل القطاع الخاص في مارس (آذار) الماضي، تحت اسم برنامج تأجيل الدفعات لمدة 6 أشهر لقطاع المنشآت المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، ينتهي في 14 من الشهر الحالي، مشيرة إلى أن توجه التأجيل لنهاية العام يأتي استمراراً لدور مؤسسة النقد العربي السعودي في تفعيل أدوات السياسة النقدية، وتعزيز الاستقرار المالي.

العقود المستفيدة

وبحسب البيانات الرسمية، فإن عدد العقود المستفيدة من برنامج تأجيل الدفعات منذ إطلاقه حتى أمس بلغ نحو 71.7 ألف عقد، بقيمة دفعات تتخطى 50.6 مليار ريال (13.4 مليار دولار)، متجاوزة مبلغ الدعم المخصص للبرنامج في فترته الأولى، البالغ 30 مليار ريال، لارتفاع الجهات الراغبة في الاستفادة من البرنامج.
ورغم التحديات الحالية في هذه المرحلة الاستثنائية، وفق «مؤسسة النقد»، أظهرت مؤشرات السلامة المالية للقطاع المصرفي قوة ومتانة القطاع في مواجهة التحديات الحالية، مما عزز إيجاباً أداء المصارف التجارية لدورها المحوري في الاقتصاد بدعم وتمكين القطاع الخاص في مختلف الأنشطة الاقتصادية.

مصدرجريدة الشرق الأوسط - سعيد الأبيض
المادة السابقةفنادق باريس الفخمة تفتح أبوابها للأثرياء
المقالة القادمةتجمع دولي لصياغة نهج جديد في مستقبل قطاع الصناعة العالمي