حتى الساعات التي سبقت إنعقاد الجلسة التشريعية أمس، كانت الرهانات على موقف تكتل «لبنان القوي»، متضاربة، بين تعطيل نصاب الجلسة أو تأمينه، لكن الجلسة إنعقدت وأقرّ فتح الإعتمادات الإضافية لموظفي القطاع العام وأساتذة الجامعة اللبنانية بما يتجاوز الـ37 ألف مليار ليرة، وذلك في موازنة عام 2023 قبل تصديقها.
وكان خيار المشاركة في الجلسة وتأمين النصاب هو الراجح، إذ شارك عدد من نواب «لبنان القوي» على قاعدة الفصل بين الخلافات السياسية والدستورية وعدم تدفيع الناس الثمن، وفق ما أكد رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان بعد الجلسة، قائلاً: «إنّ السقف الوحيد الذي أتى بنا إلى الجلسة والموافقة على الإعتماد هو حقوق 400 ألف عائلة من عسكر وموظفين ومعلّمين وضعتهم الأزمة تحت الأرض، والدولة معلّقة على هؤلاء، فهل يجوز لنا بخلافاتنا الدستورية والسياسية أن ندفّع الناس الثمن؟ هذه الملفات يجب أن تُسحب من التجاذب السياسي».
وكانت جملة مواقف سُجّلت داخل الجلسة وخارجها ممن شارك فيها أو لم يُشارك. رئيس مجلس النواب نبيه برّي قال في معرض ردّه على مداخلة للنائب علي فيّاض حول دستورية الجلسة: «في ناس شايفة الدستور بأن لا تجتمع الحكومة وأن لا يعمل المجلس النيابي ولا يشرّع، وإذا بدنا نردّ على هؤلاء منبطّل نشتغل».
وكان فيّاض أوّل المتحدّثين داخل الجلسة، مستعرضاً تهديد بعض النواب بالطعن بشرعيتها ودستوريتها، معتبراً أنهم لم يطّلعوا على نص المادة 85 من الدستور ومواد قانون المحاسبة العمومية، شارحاً مصادر التمويل لهذه الإعتمادات التي أبلغتها الحكومة الى اللجان المشتركة، ولا سيّما مداخيل المرفأ والمطار والدولار الجمركي وغيرها.
ثم تحدّث النائب هادي أبو الحسن فطلب طرح إقتراح القانون المعجّل المكرّر المعدّ من لجنة الصحّة النيابية من أجل تخصيص إعتماد لوزارة الصحة بقيمة 4000 مليار ليرة. أما النائب جميل السيد فطلب شطب عبارة «قبل تصديقها من نص الإقتراح».
ثم تحدّث كنعان عن الأسباب التي دفعت الى المشاركة في الجلسة، معتبراً أنّ «موضوع الحكومة وممارستها بتجاهل الفراغ في رئاسة الجمهورية وكونها حكومة تصريف أعمال أمر مرفوض دستورياً، ونحن لا يمكننا الإستمرار بهذا الإجتزاء والمخالفات».
أما نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب فتحدّث عن المشهد الإنقسامي في البلد الذي برز من خلال الجلسة، على الرغم من أن رئيس المجلس يُراعي الظروف ولا يوسّع في جدول الأعمال، بينما الحكومة لا تراعي هذه الظروف، متمنّياً على برّي إيجاد طريقة للحوار مع الزملاء الذين قاطعوا الجلسة.
ميقاتي
وأعطيت الكلمة لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي فأعلن أنّ «موازنة 2023 جاهزة، وسندعو إلى جلسات حكومية متتالية لإقرارها، كما أن وزارة المالية سترسل المشروع النهائي للموازنة إلى الحكومة قبل آخر شهر حزيران لبدء مناقشته». وقال: «إنّ الحكومة تقوم بدورها بتسيير أمور الدولة والمواطنين، وليس هناك أيّ شيء شخصي يمرّر».
ثم طلب النائب علي حسن خليل، وعطفاً على المادة 84 من الدستور، التصويت على إقتراحات الإعتمادات الواردة في جدول الأعمال، وأن يأتي إقتراح إعتماد وزارة الصحة بشكل مستقل. ثم جرى التصديق على إقتراح فتح الإعتمادات المخصّصة للموظفين بقيمة نحو 37 ألف مليار ليرة.
بعد ذلك طرح الإقتراح المتعلّق بفتح إعتماد للجامعة اللبنانية بقيمة 265 مليار ليرة، وتحدث النائب إيهاب حمادة عن حقوق أساتذة الجامعة اللبنانية التي لم تصلهم بعد من ضمن مبلغ الـ500 مليار ليرة التي أقرّت للجامعة في موازنة العام 2022.
وذكّر النائب سجيع عطية بمبلغ الـ50 مليون دولار من فحوصات الـ PCR، الذي يفترض أن يحوّل إلى الجامعة اللبنانية. فرد ّميقاتي مؤكداً حرصه على الجامعة، وأنه استقبل رئيسها قبيل الجلسة، وقد أبدى شكره على كل ما تقدّمه الحكومة من دعم للجامعة.
وشرح النائب علي حسن خليل الإلتباس لدى مديرية الصرفيات في وزارة المالية، ما رتّب تأخير تحويل مستحقات الجامعة والأساتذة سابقاً. وبعد التوضيح والشرح طلب برّي من وزير المالية العمل بمضمون التفسير الذي يُعطي الأساتذة حقوقهم.
ثم صدّق الإقتراح، وطرح بري إقتراح فتح الإعتماد لوزارة الصحة، فطلب النائب ألان عون الكلام وسط شبه إنسحاب من نواب «التيار الوطني الحر».
وطلب برّي منهم التريّث وأعطى الكلام لعون الذي قال: «هذا الإقتراح لم تدرسه أي لجنة، ونحن كتكتّل قرّرنا المشاركة في الجلسة حصراً بموضوع الرواتب، لذلك أتمنى على دولتك عدم السير به».
فطلب بري إحالة الإقتراح إلى اللجان النيابية المشتركة، وتلاوة محضر الجلسة واختتمها.
في الخلاصة، الجلسة إنعقدت في حضور نحو 70 نائباً، وتغيّب عنها بعذر كلّ من النواب: بلال عبدالله، سيمون أبي رميا، فؤاد مخزومي وأغوب بقرادونيان، فيما قاطعها تكتل «الجمهورية القوية و»الكتائب» وجزء من «تجدّد» وبعض النواب المستقلين وغالبية نوّاب «التغيير» الذين لم يُرصد أي مشاركة أو حضور لهم.