البرلمان يُقرّ قانون المنافسة ويربطه بـ”هيئة”… أبدية

التعويل على قانون المنافسة كان كبيراً، وخصوصاً من جانب جمعية حماية المستهلك. وقد شاركت «الجمعية» ورافقت مراحل الإعداد والتحضير له مع النواب وفي البرلمان منذ البداية، إلى أن جرى إقصاؤها بعدما بدأت الأمور تأخذ مساراً جدياً. وعندها تيقّنت أن القانون سيخرج بقطبة مخفية.

«بالفعل لم يكذّب البرلمان شكوكنا»، تقول نائبة رئيس «جمعية حماية المستهلك» د. ندى نعمة. «حيث نصت المادة الخامسة من قانون المنافسة المقر على استمرار العمل ببعض الوكالات الحصرية لمدة 3 سنوات، مع إعطاء الوكلاء حق التقاضي. وحددت المادة 9 وضعية الشخص المهيمن في السوق، سواء كان مورداً أو مشترياً لنوع معين من السلع أو الخدمات التجارية، إذا كانت حصته في السوق المعني لا تقل عن 35 في المئة. وهي نسبة مرتفعة جداً لا توجد في أي اقتصاد يشبه الاقتصاد اللبناني من حيث الشكل والحجم. وهي تتيح لشركتين أو ثلاث السيطرة على السوق بدلا من أن تكون شركة واحدة. الأمر الذي أعادنا إلى مربع الاحتكار الأول. وفي أحسن الاحوال ستضطر بضع شركات، تمتلك حصة تتجاوز 35 في المئة، إلى اعادة ترتيب وضعها وتأسيس شركة جديدة تحت اسم مستعار لشخص آخر (شركة الغاز مثالاً) لتبقى المهيمنة على السوق. في المقابل ترى نعمة أن «الحد الأعلى للهيمنة يجب ألّا يتجاوز 15 في المئة. لان وجود ثلاثة أشخاص يملكون كل السوق لا يسمى اقتصاداً حرّ بل احتكاراً».

أكثر ما يهم المواطن في الداخل من طبخة القوانين هذه، هو مدى تأثيرها على انخفاض الأسعار. وبغض النظر إن طبّق هذا القانون أو لم يطبق، فـ»لن يكون له أي انعكاس ايجابي على أسعار المواد الغذائية ومواد التنظيف بشكل أساسي»، برأي نائب رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان د. نبيل فهد، «إذ لا يوجد هناك أي حماية على الوكالة الحصرية في استيراد المواد الغذائية. كما أن الحماية على وكالات مواد التنظيف رفعت في مرسوم في العام 1992 أيام الوزير مروان حمادة». أما في ما يتعلق ببقية الأصناف وتحديداً الكماليات منها، والمعدات والأدوات الكهربائية، فيعتبر فهد أن «وضع حد للهيمنة على السوق بنسبة 35 في المئة، هو بمثابة جرس انذار ينبه «مجلس المنافسة» إلى احتمال وضع احتكاري ويدفعه إلى التحقق من الأسعار، واتخاذ الإجراءات التي تمنع الاحتكار. فاذا كانت الأسعار أعلى من المفروض يعني أن هناك سوء استغلال وتحكماً بالسوق نتيجة الحصة. أما إذا كانت الأسعار أقل فهذا يدفع أيضاً للشك بالتصرف الاحتكاري، لانه يجبر بذلك المنافسين على الخروج من السوق.

ضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي عدنان رمّال يعتبر أن القانون يتيح دخول منافسين جدد إلى السوق في مختلف المجالات والاصناف، فور نشره في الجريدة الرسمية، وتحديداً تلك التي تكون فيها الأسعار مرتفعة.

أما في ما يتعلق بالجدل على الفقرة الرابعة من المادة رقم 5 فيرى رمال أن «عدم السماح بتخليص البضائع المستوردة من إنتاج شركة ما في الخارج مرتبط بوجود دعوى مقامة حالياً من قبل الوكيل على المورد، فاذا كان هناك حكم مبرم صادر من المحاكم اللبنانية يعطي حقّاً للوكيل اللبناني بتعويضات من الوكيل في الخارج، يمنع إدخال بضائع الشركة لمدة 3 سنوات.

من الواضح أن القانون يتيح لأي كان البدء باستيراد ما كان يعتبر حتى الأمس القريب حقاً حصرياً، إنما في المقابل رُبط تطبيق القانون بالهيئة الوطنية. و»نعلم جيداً أنه عندما تربط القوانين بالهيئات العصية عن التشكيل تبقى حبراً على ورق»، تقول الدكتورة ندى نعمة. و»هذا يذكرنا بقانون سلامة الغذاء الذي يعود إصداره للعام 2014، وحتى الساعة لم يتم تشكيل الهيئة الوطنية له».

 

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةالعراق يخطّط لتصدير الغاز في عام 2025
المقالة القادمةالمنافسة أُقِرّت… و”كارتيل” المهرّبين يبقى المحتكر الأكبر