البطاقة التمويلية عالقة بين الحكومة وسلامة

تعيش السلطة انحلالاً كاملاً يعززه الانهيار المستمر في سعر صرف الدولار، آخذاً في طريقه أي أمل بمستقبل أفضل. لا مبادرات ولا خطط ولا أفكار لمواجهة الانفجار الاجتماعي المحتمل، والناتج عن فقدان السيطرة على الأسعار، حتى صار كثر غير قادرين على تأمين الأساسيات المعيشية لأسرهم. يترافق ذلك مع استمرار العتمة، التي صارت على خطين، دولة واشتراك. أما البنزين، فبدأت السوق السوداء تنظم نفسها، على وقع أخبار عن انفراج قريب، بسبب دخول ١٥٠ مليون ليتر إلى السوق. لكن، بالنسبة إلى المعنيين، صار واضحاً أن لا أفق لأزمة المحروقات، طالما أن الترقيع والقرارات العشوائية مستمران. في مناطق عديدة، لم يعد غريباً مشهد تولّي موزعي البنزين مهمة البيع للمستهلكين مباشرة، وبأسعار تفوق السعر الرسمي بكثير، بدلاً من التفريغ في المحطات. يدفع الموزع لصاحب المحطة ضعف الربح الذي يفترض أن يحققه، ثم يقوم ببيع الصفيحة بالسعر الذي يريده. أين وزارة الاقتصاد؟ الجواب نفسه يتكرر، لا قدرة للوزارة، بعديدها المحدود على مراقبة كل البلد.

وإلى أن تحل هذه المعضلة، يبدو أن مشروع البطاقة التمويلية لن يبصر النور قريباً، بما يعني عملياً استمرار حالة التشظّي المجتمعي، واستمرار هدر الأموال على ما بقي من دعم لا يستفيد منه سوى التجار والمهربين.
المشكلة الأكبر التي تتكرر عند كل مطبّ أن القابعين في سدة المسؤولية، ولا سيما منهم وزير الاقتصاد راوول نعمة، يفتقرون إلى أي حس اجتماعي، هم الذين يزنون الملفات بالأرقام. انطلاقاً من ذلك، لم يستوعب نعمة أن ربطة الخبز ليست رقماً. هي خط الدفاع الأخير عن الأسر الفقيرة والمعدمة. لذلك، فإن تحول الخبز إلى سلعة تسعّر حسب سعر الدولار، لا يتناسب مع الحد الأدنى مع مسؤولية الدولة. ومع إدراك الجميع أن الحكومة من رئيسها إلى وزرائها قد تخلوا عن مسؤولياتهم، لكن كان يفترض، على الأقل، على قاعدة حماية الناس من الجوع، أن يحموا ربطة الخبز. إلا أن الواقع أن هذه الربطة، بالرغم من استمرار دعم استيراد القمح على سعر ١٥٠٠ ليرة للدولار، ارتفع سعرها من ١٥٠٠ ليرة مع بداية الأزمة إلى ٤ آلاف حالياً. لكن حتى ذلك لم يعد يرضي كارتيل الأفران، ومن خلفه حارس مصالحهم راوول نعمة. فقد شدد اتحاد نقابات المخابز والأفران، في بيان أمس، على أن سعر صرف الدولار وأسعار كل المواد التي تدخل في صناعة الخبز تتأثر بارتفاع سعر الدولار إلى عتبة العشرين ألفاً، فضلاً عن كلفة اليد العاملة التي تضاعفت والصيانة التي تُدفع بالدولار نقداً على أساس سعر السوق السوداء

 

مصدرجريدة الأخبار
المادة السابقةبيروتي: أزمة الكهرباء قد تضطر المؤسسات السياحية الى الإقفال طوعًا
المقالة القادمةسوريا تستأنف عمليات بناء سد الشيخ حسن في ريف اللاذقية