مع دخول البلاد في اجازة الاعياد، وترحيل الاستحقاقات الى السنة الجديدة، وأبرزها استحقاق انتخاب رئيس للجمهورية بعد تعطيل استمر لأربعة أشهر، فإن الهمّين المعيشي والصحي عادا ليطغيا على كل الهموم مع إرتفاع سعر صرف الدولار بشكل فاق أي قدرة مواجهة التحديات المعيشية والحياتية للمواطنين، وقد توقفت شركات الأدوية عن تسليم حليب الأطفال والدواء للصيدليات، ما ينذر بعودة أزمة فقدان الدواء.
كما أن ارتفاع سعر الدولار انعكس سلبا على الحركة التجارية في فترة الأعياد، التي كان يؤمل منها تحريك الأسواق في ظل الجمود القائم.
الخبير المالي والاقتصادي الدكتور لويس حبيقة وصف الصورة بالرمادية المائلة للسواد، واعتبر في حديث مع “الأنباء” الإلكترونية أن “ما يشهده لبنان من ترد اقتصادي ومعيشي ليس بجديد، لكن المهم ألا تطول الأزمة لأن لبنان سيصبح عندها كالمرض الذي لا شفاء منه. لأننا نعيش أوضاعا سياسية وإدارية واجتماعية سيئة للغاية وقد انعكست على كل القطاعات”، ورأى أن “من حق الناس ان تهرب من الليرة الى الدولار لأنهم فقدوا الثقة بالعملة الوطنية واصبحوا معلقين بحبال الهواء. والمفارقة ان هناك طلبا ولا يوجد عرضا. حتى الوافدين من اللبنانيين لتمضية اجازة الأعياد يفضلون التداول بالدولار وليس بالعملة الوطنية”، عازياً السبب المباشر لارتفاع الدولار لعدم قدرة مصرف لبنان على التدخل وتراجع الاحتياط الذي بالكاد يكفي لدعم القمح والدواء، وخير دليل الصرخة التي اطلقها نقيب الصيادلة بالنسبة لانقطاع الدواء. وأشار إلى أن ارتفاع الدولار بشكل عام بسبب الازمة السياسية وانسداد افق الحل.
حقيقة لفت الى أن “من الممكن وجود تهريب غير شرعي للدولار، فالناس لا تلام إذا حافظت على أموالها لأن الثقة مفقودة بالمصارف وهناك ايضا تهريب دولارات الى خارج الحدود. وقد رأينا دولا عديدة مثل لبنان كيف انهار اقتصادها كباكستان وسريلانكا وهايتي والبيرو، ورغم ذلك لم نصل الى درجة اليأس. فالمسألة متوقفة على إعادة انتخاب رئيس جمهورية وبمجرد العودة الى شد الحزام تستقيم الامور”.
من جهته شرح نقيب أصحاب الفنادق بيار الاشقر عبر “الانباء” الالكترونية الواقع السياحي، لافتا الى ان اجازة الاعياد لا تتعدى ١٢ يوما وهي فرصة لأكثرية اللبنانيين المغتربين للعودة إلى وطنهم، ونسبتهم ٦٥ بالمئة من مجموع الوافدين والقسم الاكبر منهم كما بات معروفا يملكون منازل خاصة بهم وليسوا بحاجة للفنادق، وهناك شريحة منهم مازالت عائلاتهم في لبنان فيقضون الإجازة إلى جانبهم. فالايجابية الوحيدة ان مداخيلهم بالنقد النادر وهي تنشط الحركة السياحية. أما القسم الآخر من الوافدين فنسبتهم ٣٥ في المئة وجلهم من الاشقاء العرب، لكن اعدادهم ضئيلة وهؤلاء لديهم حجوزات في الفنادق. مضيفا أنه في الايام الخمسة الأولى من عطلة العيد تبقى الناس في البيوت ولن تستفيد منهم مكاتب تأجير السيارات والمطاعم والمقاهي والملاهي. أما الفترة الثانية من الاجازة فتتحول نسبة التشغيل إلى ٦٥ في المئة وبقية المناطق تبقى شبه معدومة، إذ لا حفلات ولا مازوت ولا مياه. المناطق الوحيدة التي تشهد حركة سياحية هي القريبة من أماكن الحفلات ومناطق التزلج وكل المدة مقتصرة على ثلاثة او اربعة ايام.
الاشقر اعتبر ان هذه السنة افضل من سابقاتها ولكنها مقارنة مع السنوات السياحية مازالت المسافة بعيدة وباختصار السياحة تحسنت مداخيلها لكن المصيبة أن أموالنا تذهب لشراء المحروقات والمياه.
الى ذلك في الشأن الأمني طمأنت مصادر وزارة الداخلية إلى أن الأمن في اجازة الاعياد ممسوك بيد من حديد، وأن تعليمات وزير الداخلية واضحة في هذا الشأن. وأشارت في اتصال مع “الأنباء” الإلكترونية أن لا تهاون في موضوع الأمن والحفاظ على حياة اللبنانيين في تنقلاتهم واماكن سهرهم، وأن الاجهزة الامنية بمؤازرة الجيش اللبناني ستقمع اي اشكال امني بالقوة.
وفيما يأمل اللبنانيون بأن ينقضي زمن الاعياد بأقل الضغوط المحتملة، وأن يستعيد لبنان عافيته بعد ذلك تباعا، فإن القلق الأكبر يبقى المم المعيشي بالدرجة الأولى.