بين احتجاز المصرف المركزي أموالها التي فقدت قيمتها، وبين القوانين التي تفرض سقفاً للإنفاق لم يعد كافياً لتزفيت طريق فرعية، تقف غالبية البلديات عاجزة عن القيام بأبسط المهمات، فيما يهدّد الانهيار المالي بـ«فرطها» تماماً
مع تفاقم المسؤوليات التي «رمتها» الدولة على البلديات، من ملف «كورونا» إلى صيانة إشارات السير وشبكات الصرف الصحي ومعالجة النفايات المنزلية الصلبة، يشتدّ الضغط على البلديات التي «فرطت» تحت عبء الانهيار المالي والاقتصادي، وأصبحت عاجزة عن القيام بأبسط مهماتها بفعل انهيار سعر صرف الليرة، و«التقييد» الذي تفرضه القوانين. تكفي الإشارة في هذا السياق، مثلاً، إلى أن سعر طن الزفت تضاعف خمس مرات من نحو 110 آلاف ليرة قبل الأزمة إلى أكثر من 575 ألفاً، بينما زادت كلفة تغيير «لمبة» إنارة من 100 ألف ليرة إلى أكثر من 800 ألف.
في المبدأ، لا يحق للبلديات الإنفاق وفق آلية الدفع المُسبق، إذ تحتاج إلى موافقة من السلطات الرقابية المعنية (ديوان المحاسبة أو المحافظ أو غيرهما). ولكن، من أجل «تأمين الحاجات الضرورية وتسيير أعمال مُلحة»، أعطى القانون رئيس البلدية صلاحية صرف عقد نفقة لا تتجاوز قيمته ثلاثة ملايين ليرة (القانون 25/4/1999)، في حين لا تتجاوز قيمة ما يُسمح للمجلس البلدي بصرفه من دون الرجوع الى جهات الوصاية عشرين مليون ليرة (القانون 212/2000).
رئيس بلدية الغبيري معن خليل يلفت إلى أنّ «معظم المتعهدين يرفضون حالياً تنفيذ مهمات لصالح البلديات، إذا لم يتقاضوا أموالهم مُسبقاً، لأنه إلى حين الحصول على الموافقة على الصرف، تكون الأسعار قد تغيرت نتيجة عدم استقرار سعر الصرف».
تلفت المصادر الى أن هناك مشروع قانون قُدّم في مجلس النواب عام 2014، يقترح رفع سقف النفقات التي يحق للبلديات صرفها (من 3 ملايين لرئيس البلدية إلى عشرة ملايين، ومن 20 مليوناً للمجلس البلدي إلى 50 مليوناً)، «ويُفترض أن تعاد مناقشته لتعديله مجدداً ورفع قيمة الصرف بما يتناسب مع الواقع الحالي».
وما يُفاقم الأزمة هو احتجاز مصرف لبنان أموال البلديات، فضلاً عن فقدان هذه الأموال لقيمتها. فبلدية الغبيري، مثلاً، تبلغ ودائعها نحو 10 مليارات ليرة في المصرف المركزي الذي رفض أخيراً طلب البلدية صرف نحو 150 مليون ليرة لشراء معدات طبية للمركز الصحي في المنطقة!