ينتظر لبنان حالياً ما سيُقرّره تحالف الشركات أي “توتال” و”إيني” و”قطر للطاقة” بالنسبة للبلوك 9 ، الذي جرى حفر بئر واحد فيه وأتت نتائجه مخيّبة للآمال، كون منصة الحفر “ترانس أوشن بارنتس” لم تصل الى عمق الـ 4400 م على ما كان يُفترض، بل الى عمق 3900 م فقط ولم تجد فيه سوى الماء.. الأمر الذي طرح “نظرية المؤامرة” عن أنّه لم يحن بعد أوان تدفّق النفط والغاز من البلوكات اللبنانية، وأنّ التحالف يلتزم البلوكات اللبنانية الحدودية ليُدير هذا القطاع على ما تريد الولايات المتحدة الأميركية، التي تضغط عليه لأسباب عدّة لا مجال لذكرها الآن.
ويُمكن للتحالف اتخاذ القرار بشأن البلوك 9 منذ الآن وحتى شهر أيّار من العام 2025، بحسب ما أفادت المعلومات، أي أنّه لا يزال أمامه سنة ونصف السنة الى حين انتهاء مدّة العقد. في الوقت الذي استردّت فيه الدولة اللبنانية ملكية البلوك 4 من الكونسورتيوم في 22 تشرين الأول الفائت، إذ قرّر هذا الأخير عدم حفر بئر ثانية في البلوك المذكور، الذي لم يتمّ العثور فيه أيضاً على أي إكتشافات تجارية.
مصادر سياسية متابعة لهذا الملف، أكّدت أنّ لبنان لا يزال ينتظر التقرير النهائي لشركة “توتال إنرجي” حول عملية الحفر في البلوك 9، الذي سيُسلّم الى وزارة الطاقة والمياه وهيئة إدارة قطاع البترول في لبنان في غضون 4 أو 5 أشهر على أبعد تقدير، وعلى أساسه ستقوم الدولة اللبنانية بدراسة مصير هذا البلوك، في حال لم تُقرّر “توتال” الحفر في بئر ثانية فيه. غير أنّه من المرجّح أن تعود للحفر في بئر ثانية فور وقف إطلاق النار بشكل نهائي في غزّة، كما عند الجبهة الجنوبية في لبنان. وهذا ما سبق وأن وعد به الوسيط الأميركي في مفاوضات الترسيم البحري آموس هوكشتاين المسؤولين اللبنانيين خلال زيارته الأخيرة، مقابل الضغط على حزب الله لعدم توسيع الحرب لتشمل لبنان ودول المنطقة.
ويُعوّل لبنان، على ما تابعت المصادر، على تحالف الشركات لإجراء المزيد من الدراسات الجيولوجية للمنطقة، وعن إمكانية وجود مكتشفات غازية ونفطية في البلوك 9، الأمر الذي سيدفعه الى العودة، مع استقدام حفّارة “ترانس أوشن” مجدّداً أو أي حفّارة أخرى متفرّغة، فور التأكّد من هذا الأمر. أمّا البلوك 4 الذي أعاده التحالف الى الدولة اللبنانية، فستضمّه الى البلوكات الأخرى التي لم يتمّ تلزيمها بعد الى أي شركة عالمية، أي البلوكات 1 و2 و3 و5 و6 و7، كون دورة التراخيص الثانية لم يتقدّم لها سوى الكونسورتيوم الحالي نفسه.
أمّا فيما يتعلّق بوضع البلوكين 8 و10 فقد تقدّم التحالف بطلب العمل فيهما، على ما أكّدت المصادر نفسها، وبات على الدولة أن تُوافق على هذا الطلب، وتتفاوض مع الكونسورتيوم وتتفق معه على تلزيم أحد البلوكين أو الإثنين معاً، كونه ليس هناك من أي شركات أخرى قد تقدّمت للعمل في أي منهما في دورة التراخيص الثانية. ولا بدّ من تسريع إنطلاق العمل في أحدهما، كون “إسرائيل” قد بدأت العمل في محاذاة البلوك 8.
وبناء عليه، فإنّ البلوكات من 1 الى 7 أصبحت اليوم معروضة للتنقيب، وستقوم الدولة بإجراء دورة تراخيص ثالثة لتلزيمها، غير أنّها لا تزال تنتظر هدوء الوضع الأمني جنوباً، ما يُشجّع الشركات العالمية على التقدّم بطلبات الإشتراك للإستثمار في أحد هذه البلوكات، الأمر الذي لا يجعلها بالتالي “أسيرة” التحالف الحالي، بل يفتح المجال أمام شركات نفطية عالمية أخرى مهتمّة بالإستثمار في المياه البحرية اللبنانية. علماً بأنّ الإعلان عن وجود مكتشفات نفطية في أي من هذه البلوكات، من شأنه أيضاً التشجيع على الإستثمار في لبنان، ويحصل العكس مع الحديث عن عدم وجود غاز.
وعن عودة “توتال” للعمل في البلوك 9، تقول المصادر بأنّها تتوقّف على قرار التحالف وعلى ضرورة توافر الهدوء والإستقرار في المنطقة الجنوبية القريبة من موقع الحفر، وهذا يعني أنّ عودة “توتال” هي مسألة “توقيت مناسب”، وليست مسألة تتعلّق بالعودة أم لا، لأنّ التحالف لا يزال ملزّماً البلوك 9.
ويُمكن أن تحصل هذه العودة خلال الاشهر المقبلة، سيما وأنّ فترة الإستكشاف، بحسب العقد الموقّع، بين التحالف والدولة اللبنانية، تنتهي بعد سنة ونصف من الآن. ولهذا لا بدّ من التوافق حول إذا كانت معاودة “توتال” عملها تدخل ضمن مرحلة الإستكشاف الأولى، أم ضمن مرحلة ثانية، إذ سيكون عندها التخلّي عن جزء من البلوك 9 ومتابعة عملها في بلوك آخر، وهو ما يجب الإتفاق عليه والإعلان عنه ضمن خطّة العمل فور حصول هذا الأمر.
في حين يتوقّف بدء العمل في البلوكين 8 و10، على ما أشارت المصادر عينها، على التحالف من جهة، كما على الإتفاق الخاص بهما الذي يُفترض حصوله بينه وبين الدولة اللبنانية، والذي يأخذ بالإعتبار أيضاً أن تكون المنطقة الحدودية هادئة.
ولهذا على لبنان التشديد دائماً في المحافل الدولية على أنّه “لا يريد الحرب، ويرفض توسيعها من قبل العدو الإسرائيلي”، الأمر الذي يضمن الهدوء بعد تمديد الهدنة في غزّة من أربعة أيام، الى يومين إضافيين، وأخيراً الى أربعة أيّام أخرى، وصولاً الى تحقيق هدنة دائمة في غزّة، كما في جنوب لبنان. على أنّ الأمل يبقى في أن يصدر عن مجلس الأمن قرار جديد بوقف الأعمال الحربية بين المقاومة الإسلامية والعدو الاسرائيلي، ما من شأنه إعادة الهدوء والإستقرار الى لبنان خلال المرحلة المقبلة، ويُعيد الشركات النفطية الى المياه اللبنانية.