البنك الدولي: لبنان يغرق على يد مصرف لبنان

واحد من بين كل خمسة عمال فقد وظيفته. 41% من العائلات لديها صعوبات في الوصول إلى الطعام والأساسيات الأخرى. 36% من الأسر لديها صعوبات في الوصول إلى الرعاية الطبية… هذه هي نتائج المسار الذي يقوده مصرف لبنان بوصفه «صانعاً حصرياً للسياسات» وفق توصيف البنك الدولي الوارد في نشرة المرصد التي يصدرها فصلياً. وهذه ليست سوى عيّنة بسيطة عن النتائج التي حصلت حتى الآن. ما سيحصل لاحقاً قد يكون أسوأ بكثير. وفق تعبير البنك الدولي، فإن «الأثر الاجتماعي للأزمة، الصعب أصلاً، قد يصبح مأساوياً بسرعة». فهو يشير إلى أن الذين يتقاضون رواتبهم وأجورهم بالليرة اللبنانية، وهم الغالبية الساحقة للقوى العاملة، «سيشهدون تراجعاً بالغاً في قوّتهم الشرائية». كيف؟ توقعات البنك ترجّح تضخماً في الأسعار يبلغ 100% في عام 2021، أي أنه في ظل التلازم الحاصل بين تدهور قيمة العملة وبين تضخّم الأسعار، يتوقع البنك مزيداً من التدني في قيمة الليرة.

وفي معاينته لما يقوم به مصرف لبنان من خطوات تبيّن للبنك الدولي، «انعدام الوضوح في سياساته النقدية العامة». من الأمثلة الفاقعة على ذلك هي «منصّة صيرفة». بالنسبة إلى البنك الدولي ليس واضحاً ما ستكون وظيفتها رغم إمكانية استعمالها كأداة تقليدية لامتصاص السيولة النقدية بالليرة، إلا أنها لا تتناسب مع أضلع السياسات الأخرى التي يمارسها، وخصوصاً ما يتعلق بتسديد الودائع بالليرة وتحويل العجز في المالية العامة إلى عجز نقدي. فالمنصّة تتطلب تمويلها بالدولارات، لكن «في ظل غياب أي حل مستدام هل سيواصل مصرف لبنان والمصارف إنفاق دولاراتهما القيّمة؟».

وبالتوازي أيضاً، ليس واضحاً إذا كان هناك هدف من انزلاق لبنان ليصبح واحدة من ثلاث عِبَر مرّت على التاريخ. يقول البنك: «لعلّ الأزمة الاقتصادية والمالية التي تضرب لبنان من بين الأزمات العشر، وربما من بين الأزمات الثلاث الأكثر حدّة عالمياً منذ أواسط القرن التاسع عشر (الحقبة الممتدة بين عامَي 1857 و2013)». لبنان «فاز» بهذا التصنيف بعدما انخفض ناتجة المحلي الإجمالي إلى 33 مليار دولار في عامي 2020، وتراجع الناتج المحلي للفرد بالدولار الأميركي بنسبة 40%. «غالباً ما يُعزى مثل هذا الانقباض القاسي والسريع إلى نزاعات وحروب». كل ذلك يأتي من دون «بارقة أمل تلوح في الأفق». والتصنيف الجديد للبنان يشير إلى أنه سيأتي في المركز الثالث بعد أزمة تشيلي في عام 1926 وبعد أزمة إسبانيا (الحرب الأهلية في عام 1931). هذا التصنيف يقيس أمرين مهمين في عمر الأزمات: الفرق بين أعلى مستوى بلغه الناتج الإجمالي الفردي وبين أدنى مستوى له، والفترة الزمنية التي تتطلبها العودة إلى مستويات ما قبل الأزمة. الوضع في لبنان سيكون سيئاً بدرجة كبيرة في ظل هذا التصنيف.

أياً يكن الحال، فالبنك الدولي، يرى أن العبء الأكبر يركّز على صغار المودعين والغالبية الساحقة من القوى العاملة والمؤسسات الصغيرة. يقع على هؤلاء عبء عملية التكيّف الجارية والتي تتمحور حول تقليص موازنة القطاع المصرفي. بمعنى آخر، هؤلاء يموتون من أجل أن تحيا المصارف. فما يحصل هو هيركات واضح يصفه البنك الدولي على الشكل الآتي: «يُعتبر تصريف الودائع إلى الليرة اللبنانية والاقتطاع من الودائع بالدولار الأميركي أمراً واقعاً، رغم الالتزام الرسمي من قبل المصارف ومصرف لبنان بحماية الودائع». المشكلة تكمن في أن المودعين الصغار ليست لديهم مصادر ادّخار أخرى، أي أنهم يفقدون قدرتهم الادّخارية بمجرد تحويل ودائعهم إلى الليرة على سعر المنصّة البالغ 3900 ليرة.

 

مصدرجريدة الأخبار - محمد وهبة
المادة السابقةالذهب يتجه لتسجيل أكبر مكاسب شهرية في 10 أشهر
المقالة القادمةاتفاق شراء الفيول من العراق… «قريباً جداً»؟