البنى التحتيّة في لبنان الأسوأ عالمياً والطرقات نتيجة الإهمال

تساهم قلة كفاءة البنى التحتية اللبنانية في زيادة نسبة الفقر وتراجع الانتعاش الانمائي الذي قد ينتج منه قصور وخلل في المجالات الحياتية والحيوية والمنشآت والخدمات العامة والتجهيزات الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها وتضم وسائل المواصلات المختلفة وسكك الحديد والمطارات والطرق والاتوسترادات وشركات الهاتف وغيرها من المسائل الهامة والتي تعكس التكامل بين جميع القطاعات الاقتصادية وتؤثر إيجابا في نمو وتقدم وتمدّن البلدان او يحصل العكس.

صحيح ان لبنان يعاني من ازمة اقتصادية قاسية وهذا أثر سلبا في عمل معظم الوزارات والإدارات العامة وحتى الخاصة بسبب فقدان السيولة التي تؤدي دورا حيويا في تنفيذ المشاريع العامة وبالتالي نجاح او فشل أي وزارة او دائرة رسمية. فالتمويل النقدي شريان الحياة ولكن لا يمكن المبالغة في أهمية هذا العامل، واهمال الإجراءات التي توفر شبكة امان ضد الظروف غير المتوقعة والاستجابة للأحداث الفجائية مثل تدفق السيول والفيضانات.

ورغم ذلك هناك بعض الأشياء التي يمكن القيام بها دون الحاجة الى أموال طائلة على سبيل المثال، قبيل بدء فصل الشتاء يمكن للوزارة المعنية تنظيم حملة تنظيف وتعزيل تستهدف مجاري الصرف الصحي و “القساطل” الممتلئة بالنفايات والاتربة جراء الفيضانات بالإضافة الى ترميم الطرقات ولو بالحد الانى والا ستكون السلامة العامة حقا على المحك.

ومن المعيب ان تحتج السلطة بالعواصف والامطار الغزيرة وذلك نتيجة غياب الخطة الشاملة لمياه الامطار التي وضعت منذ العام 1994 ولم يتم تطبيقها على ارض الواقع بسبب عدم امتلاك الدولة الإمكانات المادية اللازمة حتى أصبحت الامطار تجتاح المنازل المأهولة وحتى سيارات الناس ناهيكم بالأضرار التي تلحق بالمحاصيل الزراعية.

وفي الإطار، نشر مركز مهارات نيوز دراسة في اذار 2022 تُبين انه منذ العام 1990 جرى منح الدولة اللبنانية 23 قرضا و14 منحة بقيمة بلغت 1.5 مليار دولار. وفوق ذلك تصل الى بيوت اللبنانيين مياه ملوثة بسبب اهتراء الشبكات والتي أدت في السنوات الأخيرة الى انتشار الكوليرا. على صعيد آخر يحتل لبنان المرتبة 120 بين 144 دولة لناحية مؤشر جودة الطرق، لان طرقات الأرياف والأطراف والمدن رديئة جدا. كما ويحتل المرتبة الأسوأ في سجلات السلامة على المستوى العالمي.

طرقات لبنان بلا جدران دعم!

وعلى أثر انهيار حائط الدعم على طريق ضهر البيدر، قال وزير الاشغال علي حمية “إذا كانت موازنة الوزارة في العام 2024 اقل من 350 مليون دولار فسنرى طرقات عديدة تنهار ولا قدرة للوزارة على صيانتها، مؤكدا ان صيانة الاتوسترادات تعد من الأولويات في اعتماد الموازنة المخصص لبند صيانة الطرق ومن بينها أوتوستراد جبيل وصيانة الطرقات تتم وفقا لما تسمح به الاعتمادات المخصصة لها في الموازنة الحالية”.

والسؤال الذي يطرح نفسه: هل يمكن ان تؤثر الهزات الأرضية سلبا في سلامة الطرقات المتصدعة نتيجة تسرب الفيضانات ومياه الامطار الغزيرة الى جوفها؟

في موازاة ذلك، قال الباحث والأستاذ المحاضر في الجيولوجيا وعلم الزلازل طوني نمر لـ “الديار”: “نعم من الممكن ان تهدد الهزات امن الطرقات إذا كانت الأخيرة متصدعة وآيلة للانهيار وتعتريها الحفر العميقة. لذلك من الضروري معالجة هذه المسألة لضمان مأمونية الطرق حتى لا يحدث الأسوأ”.

أضاف “طبعا تتأثر الطرقات بالعوامل المناخية، حيث تبدأ بعض الشروخ والتصدعات في الظهور مما قد يعرض الطريق للسقوط، وهذا من شأنه الإضرار بسلامة المواطنين؛ هنا يأتي دور الدولة لمعرفة الإصلاحات اللازم تنفيذها لضمان امان الطرقات والمحافظة عليها، من خلال اعادة الترميم. وبسبب تلكؤ الدولة عن القيام بواجباتها فان الامطار الغزيرة او أي عوامل طبيعية أخرى قد تجعل الأمور أكثر اذية لذلك إيجاد الحلول امر ملزم وهذه القضايا يجب معالجتها بأسرع وقت ممكن”.

وتابع، “تنبثق هذه العيوب نتيجة إهمال وقلّة صيانة الشروخ والتشققات السطحية، أو تحويل تسريبات مياه الامطار؛ كما يمكن أن تظهر أيضا عند بناء عدد من الطرق بشكل مخالف للشروط والمعايير والضوابط لإنشاء الطرق وصيانتها. ويقوم ترميم الجسور على زيادة السمك الخرساني من أسفل البناية ومن الأعلى، ثم إضافة طبقة من أسياخ الحديد لزيادة قوة تحمل الخرسانة.

ونصح نمر “بعدم انتظار عطف المسؤولين الى حين تأمين الإمكانات المادية المطلوبة والتي قد لا تتوافر مطلقا ومثل هذه الأمور الحساسة لا يجب ان تترك الى ما لا نهاية؛ وانا ذكرت في أكثر من مناسبة ان هذا البلد قائم على المبادرات الفردية وأناشد جميع المهندسين المستقلين والمهندسين في البلديات ترميم الطرقات واجراء الكشوفات الضرورية ووضع المقترحات ريثما يبدأ المسؤولون بالتحلحل”.

التصور الأكثر أذية!

وحذر “من انجراف كامل للسفح في منطقة ضهر البيدر والذي قد يبدأ من أعلى الى اسفل الطريق، وفي حال وقع هكذا امر فهذا يعني ان الطريق الدولي بات غير موجود وانفصل بشكل نهائي، وساعتئذ التصليحات تحتاج الى وقت اطول وتصبح الأمور أكثر تعقيدا. لذلك التعجيل بأعمال الصيانة يساعد في تلافي حصول الأسوأ فمثلا نفق طريق شكّا كان انخسف منذ ما يزيد على 3 او 4 سنوات ولا اعرف ماذا ينتظر المعنيون لإعادة ترميمه؛ لذلك يجب تحمل المسؤولية والانطلاق بالأشغال وتدبير الأموال يقع على عاتق المسؤولين والموضوع لا ينبغي تركه بتاتا”.

 

مصدرالديار - ندى عبد الرزاق
المادة السابقةقرار مجلس شورى الدولة بعدم شطب الودائع يحدد مصير
المقالة القادمةمشروع قانون إعادة هيكلة القطاع المصرفي وُلد ميتًا؟