أعرب رئيس تجمّع رجال وسيّدات الأعمال RDCL نقولا بوخاطر عن مخاوف القطاع الخاص الشرعي في لبنان المتعددة والمتصاعدة كل يوم. وأفصح عن قلق القطاع الخاص العميق جدّا تجاه الحرب المستمرة، فالتحديات الحالية التي يواجهها هائلة. وشرح أنه طالما أن الموانئ والمطار لا يزالون يعملون، فإن سلسلة التوريد ستبقى بالمبدأ مستمرة، ولكن الخطر يبقى حقيقيا وداهما. فالطرق اللوجستية عبر سوريا غير سالكة، بسبب عقوبات قانون قيصر. لذلك، يرى القطاع الخاص أنه لمن الضروري والملحّ أن تتوقف الحرب الدائرة فورًا. وكشف بوخاطر عن تخوّف القطاع الخاص من انقطاع الإنترنت، الذي اذا ما حصل فستكون تداعياته كارثيًة على الشركات وكافة القطاعات. وأضاف أنه وللأسف، وعلى الرغم من المناشدات والاجتماعات المتكررة التي عمل عليها التجمع للسماح باستخدام “ستارلينك”، لم يتم الحصول على أي رد إيجابي.
وعن التحديات الحالية الكبرى، صرّح بوخاطر انّ القطاع الخاص الشرعي يواجه اليوم اوّلا معضلة ملحة تتمثّل بالوقوف الى جانب قواه العاملة عبر تأمين مساكن آمنة لموظفيه وعائلاتهم النازحين من المناطق المتضررة. وفي الاطار نفسه، قال انّ العديد من الشركات مضطرة لنقل مستودعاتها ومكاتبها وبناها التحتية الأخرى من مناطق العدوان، مما يولّد تكاليف استثنائية وكبيرة، وكل ذلك مع الوقوف إلى جانب العائلات المحتاجة. الخسائر أما في ما خصّ الخسائر، فكشف بوخاطر أنها تتراكم تصاعديا منذ بداية العام الحالي، وقدّرها بحوالي 4 مليارات دولار. وقال انّ الوضع الحالي يؤثر بشكل رئيسي على كل القطاعات، دون أن ننسى تكاليف الدمار الإضافية الهائلة. وتابع أنه وفي عام 2023، بلغ حجم الاقتصاد اللبناني حوالي 20 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي، أي 35% فقط من مستوى 2019. ولكن الحرب الجارية ستتسبب في انكماش اقتصادي اضافي وكبير هذا العام يزيد عن 5%، مما يهدّد العديد من الوظائف. وأعرب كذلك عن تخوّفه، في حال استمرت الحرب الراهنة لفترة زمنية أطول، بأن يصل الانكماش السنوي إلى حوالي 25%. كما شدّد في هذا الإطار بأنه لا يمكن بعد تقييم الحجم الكامل للتأثير الاقتصادي لتوسيع الحرب الدائرة.
ومع ذلك، فإن قطاعات رئيسية في الاقتصاد الوطني تعاني بالفعل من تراجعات تتراوح بين 40% و90% حسب القطاع والمناطق. فالسياحة مثلا متوقفة بشكل كامل، مع انخفاض بنسبة الوافدين مقدر ب 40% وقد يبلغ 80% اذا استمرت الحرب (اذا بقي المطار يعمل). والمطاعم أيضا شهدت تراجعًا بنسبة تتراوح بين 70% و90%. كذلك الأمر، العام الدراسي والتعليم مهددان بالانهيار أو على الأقل يواجهان خطر التغيير الكبير. قطاع الإعلانات ووسائل الإعلام متأثّر أيضا بشكل هائل، حيث انخفض بنسبة تتراوح بين 70% و100%. ومبيعات التجزئة غير الأساسية انخفضت بنسبة 80%. وقطاع التوصيل يعاني من تراجع بنسبة 40% بسبب الصعوبات اللوجستية والإغلاقات. اما القطاع التجاري للسلع غير الاساسية فانه خسر جزءا كبيرا من اعماله. ولكن على النقيض مما سبق، وفي بعض المناطق التي تستضيف النازحين، تشهد قطاعات مثل الإيجارات العقارية والسوبرماركات زيادة مؤقتة في الطلب على حساب المناطق المتضررة. شركات الأمن كذلك الأمر تشهد أيضًا زيادة في الطلب. والاخطر في الموضوع هو الاعتداءات على الممتلكات الخاصة، الذي يبرز اهمية التكامل بين القوى العسكرية والامنية الشرعية والقطاع الخاص. وشدّد بوخاطر انّ هذه الأرقام والعوامل الشديدة السلبيّة تخلق ضغوطًا اقتصادية ووجودية إضافية على الشركات، التي تشهد ضغطا كبيرا على صعيد التدفقات النقدية، خاصة انها لا تستطيع الوصول إلى التمويل في ظل الوضع المالي الحالي.
بناء عليه، يتخوّف بوخاطر من هذا الوضع الذي يضع العديد من الشركات، خاصة الصغيرة والمتوسطة منها، امام خطر وجودي يهدد بفقدان العديد من الوظائف المباشرة، او تخفيض الاجور، او حتى عدم امكانية تسديد مستحقات الشركات. في الإطار نفسه، شرح بوخاطر انّ ميزان المدفوعات قد يشهد تحوّلا سلبيّا في حال استمرت الحرب. فبعد ان كان إيجابيًا حتى شهر ايلول بفائض يقارب 1.5 مليار دولار، هو يواجه احتمال خلق عجز كبير على مدى السنة إذا ما استمرت الحرب ، حيث قد يصل الى ٤ او ٥ مليار دولار. وهذا سيكون له تأثير كبير على احتياطيات المصرف المركزي، وعلى قيمة الليرة اللبنانية، وعلى التضخم، والقدرة الشرائية. وكل هذه العوامل سوف تفضي الى خلق المزيد من المشاكل على الاستقرار الاجتماعي.
لهذا السبب، شدّد بوخاطر انّ تجمّع رجال وسيّدات الأعمال RDCL يرى انّه من الضروري والملحّ للغاية اتخاذ إجراءات فورية لوقف الحرب فورًا. كما دعا إلى التنفيذ الكامل للقرارات والمعاهدات الدولية، والى فصل المسارات في ظل الحرب الاقليمية، بتوصية وتصويت من الحكومة والمجلس النيابي. في السياق نفسه، شرح ان التجمع يطالب بفتح جلسة برلمانية فورية، وفقًا للدستور اللبناني، لانتخاب رئيس للجمهورية قادر على طمأنة جميع اللبنانيين. كما طالب بتشكيل حكومة إصلاحية تتماشى مع تطلعات الشعب اللبناني، وتكون قادرة على استعادة ثقة المجتمع الدولي، بغية حماية لبنان من الأخطار المحدقة. واردف ان أي تأخير في هذه الاجراءات قد يؤدي، لا سمح الله، إلى نتائج لا رجعة فيها على استقرار وأمن ومستقبل البلاد. في هذا السياق، يدعو الـ RDCL المجتمع الدولي إلى تعزيز دعمه للجيش اللبناني، ليكون القوة المسلحة الشرعية الوحيدة القادرة على حماية جميع المواطنين وطمأنتهم. كما يدعو إلى دعم أكبر لمؤسسات الدولة اللبنانية لتلبية الاحتياجات العاجلة للشعب في جميع أنحاء البلاد من الناحية الأمنية والاقتصادية والاجتماعية. في الختام، قال بوخاطر أنّ التجمّع يحثّ جميع الأطراف المعنية إلى التحرك دون تأخير لتحقيق هذه الأهداف الحيوية، وبناء دولة قوية قادرة على حماية مواطنيها وقطاعها الخاص الشرعي والصامد أمام الاقتصاد غير الشرعي قبل فوات الأوان.