يُعدّ التحوّل الرقمي في الإدارات الحكوميّة من أبرز الاتّجاهات التي تشهدها العديد من الدول في العصر الحديث، بما يُسهم في تحسين الأداء الحكومي وتعزيز الشفافيّة والفعاليّة. في لبنان، أصبح التحوّل الرقمي ضرورة مُلحة لمواكبة التطوّر التكنولوجي العالمي وتحقيق أهداف التنميّة المُستدامة.
يعمل التحوّل الرقمي على تسهيل المُعاملات الحكوميّة للمواطنين من خلال توفير منصّات إلكترونية تُتيح لهم إجراء المعاملات بيُسرٍ وسرعة، ما يُقلّل من الحاجة إلى التنقل المادّي ويُوفّر الوقت والجهد.
كما يُعزّز هذا التحوّل أيضاً الشفافيّة ويحدّ من الفساد، حيث تُصبح العمليّات أكثر وضوحاً وقابلة للتتبّع من قبل المعنيين، وهو يُساهم في إعادة بناء الثقّة بين المواطنين والإدارة العامّة.
المدير العام لوزارة الاقتصاد والتجارة محمد أبو حيدر يُشدّد على أهميّة “الخطة التي أطلقتها وزارة التنميّة الإدارية OMSAR حول التحوّل الرقمي”، مؤكّداً لـ “نداء الوطن”، أنّ “وزارة الاقتصاد بدأت بمكننة 18 خدمة في مديريّة حماية المُستهلك، وحالياً أضيفت أربع خدمات في مصلحة التجارة، ما يجعل مجموع عدد الخدمات المُمكننة 22″
أهميّة التطوّر
ويشرح أبو حيدر أنّ “هذا التطوّر يعني أن المواطن مهما كان مكان سكنه لم يَعد بحاجة إلى الذهاب إلى الوزارة أكثر من مرة لتقديم ومتابعة طلبه، بل بات في إمكانه القيام بكل ذلك إلكترونيّاً، على أن تصله رسالة نصيّة فور انتهاء معاملته. حتى إنه بات في وسع المواطن تقديم شكوى ومُلاحقتها وتلقي إجابة عن الإجراءات التي اتّخذت إلكترونيّّّّاً”.
الانعكاسات الإيجابيّة
ويُعدّد أبو حيدر الانعكاسات الإيجابية للتحوّل الرقمي على ثلاثة مستويات أساسيّة: “أولاً، تخفيف التكلفة على المواطن. ثانياً، توفير الاحتكاك بين المواطن والموظف مع تعزيز الشفافية. ثالثاً، مُحاربة الزبائنيّة بكل أنواعها. يُمكن للمواطن تتبع معاملته من دون الحاجة للبحث عن “واسطة” إن كانت عبر الوزير أو المدير أو أيّ موظف آخر لإنجاز معاملاته. وبهذا نكون بدأنا في مسار زرع ثقة المواطن في مؤسّسات الدولة”. ويعد بأنْ تكون “الوزارة طبّقت التحوّل الرقمي على كل الخدمات المتبقيّة مع نهاية العام 2025”.
توفير زيارات للوزارة
ويلفت إلى أن “عدد المعاملات الأونلاين تخطّى الـ 1600، منذ تاريخ إطلاقها في الشهر الثالث من العام الماضي. وفي عمليّة حسابية واقعية يتبيّن أنه تم توفير 4800 زيارة للوزارة على المواطن”، مضيفاً: “خلال الحرب لم يشهد لبنان انقطاعاً في المواد الغذائيّة أو يُواجه أزمة محروقات لأن طلبات الاستيراد كانت تُقدّم إلكترونياً وكذلك الموافقات من قبل الموظفين، التي لم تشهد أيّ عرقلة أو تأخير لأن إنجازها كان مُمكن مهما كان مكان تواجد الموظف والمستورد”.
ويُناشد الحكومة الإسراع في “تنفيذ الخطوة التاليّة بعد رقمنة الخدمات وهي الدفع الإلكتروني. فقد أرسلت وزارة الاقتصاد كتاباً إلى وزارة المال في هذا الخصوص ونحن في انتظار الجواب”.
وفي السياق، يُطالب أبو حيدر بـ “إرساء التحوّل الرقمي في كل الوزارات، لأن الأعمال في لبنان بطيئة، فمثلاً إقفال مؤسسة أمر معقّد ويستغرق وقتاً طويلاً لأنه يحتاج إلى العديد من المعاملات. كذلك يدعو إلى تأمين “البنى التحتيّة اللازمة للوزارات من خدمات إنترنت وكهرباء وغيرها”، شاكراً الـ UNDP على الدعم المقدّم لهذا المشروع ومنظمة الغذاء العالمي على نظام الطاقة الشمسية ليبقى خادم الويب متاح خلال أيام الأسبوع”، مُقترحاً “إنشاء مركز موحد بين كل الوزارات one stop shop يُمكن للمواطن أن يُقدم معاملته عبره لتنتقل إلكترونياً بين مختلف الوزارات المعنيّة. هذه الحلقة ضروريّة ومطلوبة من بين الإصلاحات للتخفيف عن كاهل المواطن وتوفير الوقت والتكلفة”.
“دراسة مستقبليّة”
وفي ختام حديثه، يكشف أبو حيدر أنّ “وزارة الاقتصاد في صدد إعداد دراسة لكي تكون نموذجاً لـ “الحكومة الإلكترونيّة”. علماً أنّ بعض الوزارات بدأت العمل على درس هذه الخطوة. كذلك، نجري دراسة تظهر نسبة التوفير المالي على الوزارة نفسها من قرطاسيّة وأوراق وغيرها من مصاريف ما قبل الرقمنة”.