التضخم المفرط وارد

بحسابات ستيف هانكي، فإن تضخّم الأسعار في لبنان بلغ 319% وسطياً في عام 2020، ما يدفعه إلى تصنيف لبنان على لائحة الدول التي تعاني من التضخّم المفرط، لا بل إنه يصنّف لبنان ثالث أعلى دولة تعاني من تضخّم مفرط. في المرتبة الأولى تأتي فنزويلا بمعدّل تضخّم وسطيّ بلغ 2285%، وزمبابوي في المرتبة الثالثة بمعدل 358%.

لا يتّفق كثيرون مع هانكي على أن التضخم في لبنان هو مفرط. بعض الأساتذة الجامعيين يعتقدون أن التضخّم المفرط يتطلّب تضخّماً في الأسعار بمعدّل 50% شهرياً أو 1000% سنوياً، لذا يرون أن التضخّم في لبنان وفق المعدلات المعلَنة من إدارة الإحصاء المركزي تعبّر عن تضخّم مرتفع مختلف كلياً عن التضخّم المفرط، أو التضخم المتسارع. فالتضخّم المفرط يعبّر عن ارتفاع في الأسعار خلال فترة زمنية قصيرة جداً، كأن تتغيّر الأسعار كل بضع ساعات في اليوم الواحد وبمعدّلات مرتفعة نسبياً.

أيّاً يكن الحال، فمن المهمّ التعرّف إلى «التضخّم المفرط» بوصفه «الانغماس في الانهيار». عملياً، لبنان يسير في الاتجاه نفسه. فمن دون حكومة، وفي ظلّ مجلس نيابي منقسم بين ممثلي الاقتصاد التجاري (الأولوية لحيتان المال) وممثلي الاقتصاد التوزيعي (الأهمية لعملية توزيع الأموال وتحويل الناس إلى زبائن في السياسة)، ووسط عملية تفاوض دولية متوتّرة سواء صار التفاوض على الطاولة بالكلام والأبحاث أو بأدوات عنفيّة، يبدو أن الأمر ذاهب نحو ما بعد الأسوأ.

وإذا أخذنا في الاعتبار أن هناك علاقة قوية بين الكتلة النقدية المتداوَلة، وبين سعر صرف الليرة في السوق الموازية، فمن الأكيد أن تغيّر العامل الأول ارتفاعاً سيؤدي إلى تغيّر مماثل في العامل الثاني. هذا السيناريو لا يأخذ في الاعتبار تأثيرات عوامل أخرى مثل العوامل السياسية، أو اتّفاق مع الدائنين، أو انفراج ما، وهو لا يأخذ في الاعتبار أن زيادة النقد تغذّي الطلب على الدولار وترفع سعره مقابل الليرة ثم تتغذّى الأسعار على ارتفاع سعره مجدداً… هذا هو التضخّم المفرط. إنها حلقة جهنميّة من ارتفاع الأسعار بلا أفق أو رادع.

مصدرجريدة الأخبار
المادة السابقةفضائح ومخالفات “الطاقة”… تابع!
المقالة القادمةإتحادات ونقابات قطاع النقل نبهت السائقين إلى ضرورة الإلتزام بإجراءات إعادة العمل