التضخم والاسعار و”تخبيص” المعنيين: اسألوا الامهات وربات البيوت والاباء

ازمة الاسعار ليست فقط ازمة اقتصادية – مالية ، ولكنها ايضا ازمة ادارة ونظام كان في ما مضى يدير الفوضى وينظمها، ولكنه اليوم تخلى حتى عن هذه المهمة، وترك الناس لانفسهم يتدبرون امورهم بما بقي من قيمة لرواتبهم، اذا كانوا من العاملين.اما العاطلون عن العمل فتلك مأساة أخرى.

لنتحدث عن الاسعار في السوبرماركت حيث تتفاوت اسعار السلعة الواحدة، من الصنف نفسه ، بين محل وآخر، ويصل الفرق الى 30 في المئة. هكذا هي اسعار الزيت والارز والعدس وسائر اصناف الحبوب .. والحليب وباقي السلع الغذائية، وخصوصا اللحوم .

“فوضى الدكاكين” هذه ليست من قبيل الصدفة، فاذا انتقلنا الى مستوى اعلى، الى حيث الارقام الرسمية ، المحلية والخارجية، نجد “التخبيص” على أشده ايضا.

يقدر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في كتاب بتاريخ 9 نيسان الحالي إلى وزير المال غازي وزني ان البنك المركزي عندما وافق على دعم السلع الاساسية، وتدخّل في السوق بائعاً للدولار، كبح التضخّم عند مستوى 84% بدلاً من 275% التي كانت ستصبح واقعاً لولا تدخّله.

موضوعنا الآن هو في التضارب الكبير للارقام التي تقدر التضخم في لبنان، تماما كما يجري في “دكاكين الحي”، فبحسب التصنيف الذي يعتمده برنامج الأمم المتّحدة للغذاء والزراعة،فان المعدل يقارب 150%، ونسبة ارتفاع في أسعار السلع الغذائية تفوق 400%. كلّ ذلك في ظل انهيار القدرة الشرائية للأجر بنسبة 90% تقريباً بعدما هوى الحد الأدنى للأجور إلى 50 دولاراً تقريباً.

أما في العام الحالي 2021 ، فتسجل الاحصاءات غير الرسمية ارتفاع اسعار المواد الغذائية والمشروبات غير الكحولية 402.3%، فيما ارتفعت المشروبات الكحولية والتبغ بنسبة 392.5%، وبالنسبة للملابس والأحذية فقد زادت 559.8%، كما ارتفعت خدمات المطاعم والفنادق بنسبة 609%، وسجلت أسعار المفروشات والمعدات المنزلية والصيانة الروتينية مستويات قياسية بعد ارتفاعها 655.1%. .ويمكن ان نضيف ارقاما مماثلة لصيانة وتصليح السيارت واجهزة الكومبيوتر والهواتف وغيرها من اللوازم الضرورية.

ارقام مصرف لبنان لا تزال تتحدث عن تضخم مقدر بـ 84% ، لانه يحتسب اسعار المواد على اساس انها مدعومة، في حين ان الواقع يبين ان السعر الحقيقي للسلعة هو 5 اضعاف السعر المدعوم.

الحديث عن رفع الدعم او ترشيده بات ممجوجا، وعندما تسمع الامهات وربات البيوت هذا الكلام ، يسألن : “ليش وين في مواد مدعومة “. وعندما ينظر الآباء العاجزون عن اعالة اولادهم كما يجب ، الى الاختلاف الكبير في اسعار السلع من محل الى آخر، يسألون : “مش أحسن اذا بطل في دعم وتوحدت الاسعار برقابة الدولة .. بس ما في دولة”.

 

 

مصدرالنشرة - علي حمود
المادة السابقةألمانيا تدعم إنشاء «يورو رقمي» وهبوط عنيف لـ«بتكوين»
المقالة القادمةالاقتصاد الصيني ينمو بوتيرة قياسية