أعدت الجمعية اللبنانية لحقوق المكلفين ALDIC دراسة اكدت فيها ان من يطلع على مشروعي قانون موازنة عام 2023 وقانون موازنة عام 2024 المتزامنين في الطرح والتوقيت، ويتمعّن في مضمونهما، يكتشف بما لا يقبل الشك أن المشروعين هما بمثابة صورة مصغرة وأمينة لوضع وواقع السلطة التنفيذية التي سوف تتبناهما. أي عجز وتخبط وتمنيات وتدابير إصلاحية معدومة أو خجولة غير كافية ومعزولة عن الواقع وبعيدة كل البعد عن أي حلّ شامل وبرنامج متكامل واضح المعالم للخروج من الأزمة المستفحلة وإعادة توازن مفقود ورفد الخزينة بإيرادات مستدامة وذكية وليس كما هي الحال الآن، من حيث التخبط والولوج الحتمي إلى الضرائب غير المباشرة التنازلية، التي تطعن بمبدأ العدالة الضريبية والعقد الإجتماعي وتنذر بالإنهيار الكامل وزوال الدولة ومؤسساتها. وفي ما يلي ابرز ما جاء في الدراسة:
لا رؤية ولا خطة
بالفعل، إن مشروعي موازنتي 2023 و2024 شبيهان بالموازنات التي سبقتهما لناحية تجلّي رغبة المشترع في تأمين ايرادات لتغطية النفقات التشغيلية، خصوصاً للقطاع العام، ولكن بمعزل عن أي رؤية واضحة وخطة متكاملة أو برنامج إصلاحي يؤمن مقومات تنمية إقتصادية وإجتماعية مستدامة ومعالجات ناجعة وفعّالة لمكان الخلل في النظام المؤسساتي. ويُعتبر هذان المشروعان، بالصيغة التي أقرّا بها في مجلس الوزراء، اعترافاً غير مباشر بأن التضخم وانهيار العملة الوطنية مستمرّان لا محالة.
وقد جاءت هاتان الموازنتان تكريساً وتمدّيداً للسياسة المالية نفسها المعتمدة سابقاً، ومن دون قطع حساب، مما يكرّر المخالفات الدستورية التي كانت سائدة سابقاً ولا تزال.
ومما لا شك فيه أن هذين المشروعين، على غرار سابقهما (أي مشروع موازنة 2022)، خالِيان من أي رؤية اقتصادية وبرنامج إصلاحي فعلي ومدروس يعيد الثقة إلى المواطن والمستثمر ويبلسم جراح شعبٍ نازفٍ وتائه. وعليه، يتضمن المشروعان مجموعة من التدابير الطارئة والجزئية وحوافز خجولة غير كافية ومعزولة عن أي حلّ شامل وبرنامج متكامل واضح المعالم، للخروج من الأزمة المستفحلة كما ومخالفات وتضارب فاضحٍ في بعض الأحيان مع نصوص قانونية أخرى مرعية، والأخطر: عدم قدرة أي منهما على إحداث التغيير المنشود أو أقله المباشرة به كما وتقاعس في التنفيذ وتجنب أي تدبير من شأنه الإزعاج أو الإرباك أو المواجهة… موازنات رفع عتب وتبرؤ من المسؤولية ليس إلا !!!
مفعول التضخم
إن فحوى الموازنة 2023 على سبيل المثال يتمثل بإعادة النظر بالشطور الضريبية والتزيلات الملازمة مع إعطاء الصلاحية لمجلس الوزراء (نتيجة للإعتراضات على تفويض وزير المالية كما كان مقترحاً أساساً) لمتابعة موضوع هذه التنزيلات والشطور وتعديلها عند الإقتضاء بشكل يواكب التضخم السلبي الذي يحصل في لبنان، وذلك استناداً إلى نسبة التضخم الصادرة عن إدارة الإحصاء المركزي بناءً على اقتراح وزير المالية.
بلا قطع حساب
إن مشروعي موازنتي 2023 و2024، اللذين أتيا دون فذلكة وقطع حساب ملازم أو تفسير وافٍ، لا يراعيان شروط صندوق النقد الدولي بضرورة أن تكون الموازنة إصلاحية، إنما يستهدفان الشعب مباشرة عبر رفع الضرائب غير المباشرة التنازلية والرسوم المتفرقة على السلع والخدمات بشكل شامل تقريباً، فيما يعفيان المصارف والنافذين، لغاية تاريخه، من المحاسبة وتطبيق القوانين المصرفية والتجارية النافذة، ويحميان مصالحهم ويحمّلان عبء تكاليف هاتين الموازنتين للمواطنين، لا سيما الموظفين وذوي الدخل المحدود والمتقاعدين التائهين دون دخل أو تعويض، مع العلم أن معظم الشعب اللبناني أو أكثريته الساحقة قد أصبح في حالة فقرٍ مدقع.
مراعاة الظروف
صحيح أن المشروعين الآنفي الذكر قد حاولا إلى حدٍ ما مراعاة الظروف الصعبة السائدة، وتجنب زيادة الضرائب المباشرة، في ظل ما يسود من حالة ركود وانكماش وتضخم مفرط، إلا أن ذلك قد أتى بمعزلٍ عن خطة تعاف عادلة وموضوعية متوافق عليها. وكل ذلك من دون إيجاد حلٍ نهائي لسعر الصرف في السوق المحلي وتقلب العملة وتهاوي قيمتها، ناهيك عن التضخم المفرط وموضوع الودائع المحجوزة إن لم نقل الضائعة والمنهوبة.
بكل صراحة، كان يُؤمل بنقلة نوعية وإصلاح فعلي في المالية العامة من خلال موازنة شفافة وشاملة وعصرية، سيما أن الظروف الإستثنائية الراهنة كانت تحتم موازنة إستثنائية جريئة وخلاقة، لا موازنات شبيهة إلى حد التطابق مع سابقاتها التي مهدت الطريق وسرّعتها للإنهيار الكبير الذي نشهد فصوله تباعاً منذ حين.
مهام الدولة الأساسية
هذا، ومن المفروض البحث مقدماً في الموازنة، وبالتالي في إصلاح المالية العامة، وبشكل أخص في مهام الدولة الأساسية؛ فعليها يقع واجب حماية الاقتصاد الوطني، وتأمين الحماية الإجتماعية، ونشر العلم والمعرفة، وزيادة الثروة وحسن توزيعها بشكل عادل. كذلك عليها إعادة الإعتبار لصدقيتها وثقة المواطنين والخارج بها، وهذا الأمر يُكرّس بإصلاحات تشمل إجراءات طارئة وسريعة لخفض العجز وطمأنة الدائنين وتثبيت النقد ومكافحة الفقر المتفشّي وإعادة إطلاق العجلة الإقتصادية، ومن شروط ذلك، تأمين الواردات وترشيد الإنفاق عبر تحديد الحاجات الفعلية وقواعد وآليات الجباية والإنفاق، فضلاً عن المراقبة الفعّالة. فالموازنة هي الأداة الأساسية للمالية العامة، هي وسيلة للتدخّل في الحياة الاقتصادية والاجتماعية بهدف تحقيق البرامج والوعود التي التزمتها السلطات السياسية والتي يقتضي كما وفي كل ديمقراطية تشاركية أن تُحاسب على أساسها.
عملياً، المطلوب اليوم قبل الغد، وبالتزامن مع تنفيذ أي برنامج إنقاذي، خفض تدريجي في نسبة العجز إلى الناتج المحلّي قبل تأمين توازن الموازنة على المدى المنظور والوصول إلى فائض أولي سريعاً، بالإضافة إلى تنفيذ رزمة إصلاحات هيكلية وبنيوية وقطاعية أضحت معلومة المضامين والتفاصيل.
وهذا يحتم أن يكون مجموع النشاط الاقتصادي والاجتماعي موجّهاً بصورة سليمة وشفافة من خلال الموازنة. لذا يتعين على أي موازنة، لهذه السنة أو للسنوات المقبلة، أن تكون وسيلة لإطلاق الإصلاح الفعلي ولتنفيذ خطة التنمية المستدامة.
بعض التناقضات
ومن جهة ثانية، وكمثال على التناقضات التي تعتريهما، يعتمد مشروع موازنة 2023 مثلاً (ومشروع موازنة 2024 شبيهاً له لهذه الناحية) على بعض التدابير الخجولة الآيلة إلى توسيع القاعدة الضريبية وزيادة معدّل الإمتثال من دون إعتماد ما يلزم من تدابير موازية لإصلاح النظام الضريبي ومراقبة حسن تنفيذ تلك التدابير لكي لا تبقى حبراً على ورق كما هو معتاد وذلك، لجعل هذا النظام أكثر عدالة ولتنويع الإيرادات. وكان من المتاح مثلاً، لو كانت نية التغيير والإمتثال والإلتزام فعلية وجادة، مكننة الإدارة الضريبية وتمكينها من خلال وسائل متطورة وحديثة لا سيما من خلال تفعيل إجراءات تطبيق القانون رقم 55 تاريخ 27/10/2016 لتبادل المعلومات الضريبية، بشكل يتلاءم مع ما هو مطلوب من قبل المنتدى العالمي للشفافية وفي المعاهدة المتعددة الأطراف (MAC)، بحيث تقوم الدولة ممثلة بوزارة المالية، من جهة وتمهيداً، بطلب التبادل غب الطلب في ما خص الحالات المشبوهة أو المشكوك فيها. ومن جهة ثانية، تطبيق ما تبقى من شروط وإلتزامات محددة في خطة العمل المتوافق عليها مع المنتدى للوصول إلى المرحلة الثالثة من تقويم الالتزام (Pier review) ليتسنى تلقي المعلومات العائدة للمقيمين في لبنان، عن طريق التبادل التلقائي السنوي للمعلومات (CRS وMCAA).
تمويل العجز؟
وأخيراً وليس آخراً، تقتضي الإضاءة على عجز الموازنتين المرتقب من دون أي تفسير أو توضيح على كيفية تغطية هذا العجز وتمويله، علماً أن الدولة اللبنانية في حالة توقف غير منظم عن الدفع منذ آذار 2020 وغير قادرة على الإستدانة، لا من الداخل ولا من الخارج وذلك، قبل الإتفاق مع صندوق النقد الدولي البعيد المنال، كما أنه ليس في استطاعتها الإتكال على تمويل مصرف لبنان بعد موقف الحاكم الجديد بالإنابة الرافض لأي تمويل غير قانوني، مما يعني أن هذا العجز سيتم تمويله، إما عن طريق إستحداث إيرادات جديدة، وبالتالي ضرائب ورسوم إضافية تفرض على كاهل المواطن وتعيق مسار الإستثمار والنمو، أو عن طريق طبع العملة وزيادة الكتلة النقدية البالغة 58 تريليون ليرة تقريباً حالياً، مما قد يفاقم التضخم وانهيار العملة وزيادة الأسعار وإفقار المواطنين أكثر فأكثر، في غياب أي بوادر تحسن للنمو والحركة الإقتصادية الفعلية والمنتجة في المدى المنظور.
في تفصيل بعض المواد الضريبية لموازنة 2024
يتبين جلياً في الدراسة التي اعدتها الجمعية اللبنانية لحماية حقوق المكلفين أولاً بأول أن أرقام وإيرادات وبعض بنود موازنة العام 2024 مرتبطة إرتباطاً وثيقاً بموازنة وتدابير العام 2023 وكأنه قد تم إقرارها من قبل مجلس النواب دون تعديل وهذا ما لم يحصل بعد ويبدو بعيد المنال؛ ناهيك عن كونه يمس بمبدأ فصل السلطات ويلزم مجلس النواب بنصوص وتدابير تشريعية لم يسبق له أن إطلع وصادق عليها.
أ- في الضريبة على القيمة المضافة (المادة 18)
تطرح المادة 18 من مشروع موازنة 2024 فرض ضريبة على كل شخص ينظم حفلة فنية أو ثقافية أو سواها، مع وجوب التسجيل في الضريبة على القيمة المضافة التي تفرض على المبالغ المحققة من تلك الحفلة. أتى هذا التدبير من دون دراسة مسبقة وتقديرية لتحديد النتائج المتوخاة منه والإنعكاسات المحتملة على الصعيدين الإقتصادي والإجتماعي كما ودراسة لأثر وقعها الإقتصادي (Impact economic study) أو دراستها من الناحية الإكتوارية أو دراسة جدواها الإقتصادية لجهة تضاربها مع نصوص أخرى مرعية الإجراء وما قد يستتبعه من التباس وسوء تطبيق. كما وأن هذه البنود تطرح في ظل غياب أية مراقبة للأسعار والتضخم.
ومن جهة أخرى وبحسب الأرقام، فمن المتوقع أن تزداد قيمة حاصلات ضريبة القيمة المضافة من 36 تريليوناً إلى 90 تريليون ليرة دون إعطاء أية إحصاءات ودراسات دقيقة بهذا الخصوص، إلا أنه في المقابل، سيزداد أيضاً التفاوت الحاصل بين الضرائب المباشرة التي باتت تشكل ثلث الإيرادات الإجمالية للموازنة والضرائب غير المباشرة التي تشكل ثلثي الإيرادات. وهذا ما من شأنه أن يزيد من التفاوت الإجتماعي واللاعدالة الضريبية.
ب- في اعتماد نظام خاص مبسّط لفرض الضريبة في بعض الحالات (المادة 19)
تنص المادة 19من مشروع موازنة 2024 على مبدأ اعتماد نظام خاص مبسط لإخضاع وفرض الضريبة على القيمة المضافة على من حقق، خلال فترة تتراوح بين فصل وأربعة فصول متتالية، رقم أعمال لا يتجاوز الـ5 مليارات ليرة (أي 56.2 ألف دولار). ويتم الاعتماد كأساس لفرض الضريبة نسبة من هامش الربح المحدد لنوع النشاط. ويستثنى من هذا التطبيق الأشخاص المترابطون مع اشخاص يتجاوز مجموع رقم أعمالهم مجتمعين 5 مليارات ليرة خلال الفترة ذاتها المذكورة آنفاً.
إن هذا النظام شبيه بما هو معتمد حالياً بالنسبة لمنتجي وتجار المجوهرات والصاغة، ما يدعونا للتساؤل من جهة أولى، عمّا إذا كانت هناك دراسة تفصيلية عن نتائج هذا التدبير بالنسبة للقطاعات المخصوصة وفعاليته. كما ونسأل من جهة أخرى عن التدابير المقترحة لتأمين حسن الإلتزام والإمتثال وتوسيع قاعدة المكلفين، إذ أنه في غياب ما تقدم، سوف يزيد الشرخ القائم بين المواطنين والمكلفين وسواهم من المكتومين ويضرب مبدأ المساواة الدستوري (الفقرة ج من المقدمة والمادة 7 من الدستور) ويحفز اللامواطنية الضريبية.
أما الفقرة الثالثة من المادة 19 والتي تنص على اعتبار الزيادة في الضريبة على القيمة المضافة – بما يفوق الـ 10% المفروضة على استهلاك المياه والكهرباء والاتصالات السلكية واللاسلكية – ايراد خزينة، يستوفى ويسدد حسب الأصول القانونية لاستيفاء وتسديد الضريبة على القيمة المضافة، فهي تضرب مبدأ التمييز بين الضرائب المباشرة الشمولية والضرائب غير المباشرة القائمة على المنفعة المقابلة.
ج- في استحداث رسم بدل خدمات سريعة وطارئة لدى الإدارات العامة (المادة 21).
بحسب المادة 21، يُستحدث رسم بدل خدمات سريعة وطارئة لدى الإدارات العامة يسمى بدل خدمات مأجورة، يستوفى من الراغبين في انجاز معاملاتهم لدى الادارات العامة بصورة سريعة أو الذين لديهم معاملات طارئة.
وهنا يقتضي عوضاً عن هذا التدبير تفعيل وتطبيق المكننة والحكومة الإلكترونية لتسريع المعاملات وتفادي حالات الفساد، عبر التعاطي المباشر بين الموظف العام والمواطن مع تدابير أخرى ملازمة ناجحة ومفيدة، كمكننة الإدارة ووضع آليات الحوسبة عن بعد لتلقي الطلبات ومعالجتها من خلال واجهات الكترونيّة.
د- في الإجازة للمكلفين تسديد الضرائب والرسوم والغرامات المتوجبة عليهم عن الفترات السابقة من حساباتهم المفتوحة بالعملة الأجنبية لدى المصارف العاملة في لبنان (المادة 22).
تنص المادة 22 من مشروع موازنة 2024 على الإجازة للمكلفين تسديد الضرائب والرسوم والغرامات المتوجبة عليهم عن الفترات السابقة من حساباتهم المفتوحة بالعملة الأجنبية لدى المصارف العاملة في لبنان، وذلك على أساس 40% من سعر الدولار الأميركي على منصة صيرفة.
هذه المادة تتماهى مع قرارات أخرى سابقة صادرة عن مصرف لبنان وتحمل الغاية والهدف نفسيهما، وأهمهما التعميمان الأساسيان رقم 150 و151 تاريخ 9/4/2020 وما تبعهما، والتي اعتمدت التمييز بين الأموال الخاضعة للضوابط والقيود غير القانونية (المسماة الأموال القديمة) وتلك التي تستفيد من الإستثناء وحرية السحب والتحويل والتداول والتصرف (المعرفة بالأموال الجديدة أو الـ Fresh) وهي بطبيعة الحال غير محقة وغير قانونية وغير شرعية وغير أصولية وقد جرى الطعن بها ولا يمكن الركون إليها أو الإعتداد بها.
مع العلم ان هذا التمييز بين الودائع مهما كان سببه أو الظروف المحيطة به يخالف أحكام الدستور والقوانين المرعية الإجراء، لا سيما منها مبدأ المساواة بين المواطنين المنصوص عليه في المادة 7 من الدستور والفقرة (ج) من المقدمة، التي تذكر بأن الجمهوريـة اللبنانيـة تقـوم على مجموعـة من المبادئ الديمقراطيـة الأساسية، ومن بينها العدالة الإجتماعية، ناهيك عن مخالفة المادة 15 والفقرة (و) من مقدمة الدستور، والتعدي الفاضح على حق الملكية الخاصة، إذ لا يحق للمشترع ولا للسلطة الناظمة أن تضعـف أو تراقـب كيفيـة التصرف بالوديعـة وتغييـر طبيعتهـا أو أن تميّـز الودائـع بين جديدة وقديمة أو نقدية ومجمدة أو كبيـرة وصغيـرة أو أن تقتطع من قيمتها، كون الوديعـة تشكـل ملكيـة والملكيـة في حمـى الدستـور والمواثيـق الدوليـة وتـعاد عيناً عند استحقاق أجلها.
وعليه، لا يمكن التساهل في التشريع لهذه الجهة وهضم الحقوق خلسةً وتكريس المخالفات وإبراء الذمم، بل يقتضي أن يكون أي تدبير مماثل مقترناً لزوماً بشرط إعادة هيكلة للدين العام والقطاع المصرفي (Bank Resolution Law) وبإصلاحات بنيويّة جدية وسريعة، تعيد الإنتظام للحياة المالية في لبنان، وتحافظ على نظامه الاقتصادي الحر الذي يكفل المبادرة الفرديّة والملكية الخاصة ويشكل سمة تنافسيّة له ما يسمح بإعادة الحقوق والودائع لأصحابها بأقرب وقت ممكن.
ه- في استثناء بعض الضرائب من استيفائها بالليرة اللبنانية (المادة 23)
جاء في الفقرة الأولى من المادة 23 تعداداً لما يقتضي استيفاؤه بالليرة اللبنانية ولا سيما: الحصص التي تعود للدولة اللبنانية، الضرائب والرسوم، والبدلات عن كل أنواع الخدمات التي تقدمها الدولة. واذا اقتضت الضرورة معادلة الليرة اللبنانية بأي عملة أجنبية بالنسبة لبدلات بعض الخدمات، فيكون ذلك الزامياً وفقاً للتسعيرة التي يحددها مصرف لبنان.
ثم جاء في الفقرة الثانية من المادة المذكورة تعداداً لاستثناءات هذه الفقرة وهي عديدة، منها (على سبيل المثال): حصة الدولة من قطاع استخراج النفط والغاز، من ايرادات ألعاب الكازينو، وحصة الدولة بالعملات الأجنبية الناتجة عن الشراكة مع القطاع الخاص، الضرائب والرسوم المتوجبة على الايرادات والعائدات والفوائد العائدة الى مستحقيها بالعملات الأجنبية، إلخ…
والملفت أنه في تعداد هذه الأخيرة، وردت عبارة «رسم الاستهلاك الداخلي عند الاستيراد»، دون أن يصار إلى تسميته صراحةً أو أقله التوضيح أنه بمعظمه الضريبة على القيمة المضافة (VAT) عند الإستيراد. ويدعونا ذلك للتساؤل عما إذا كان هناك خطة لمكافحة التهرب والتهريب والزيادة غير المشروعة للأسعار.
أمّا عن الرسم المذكور، فنطرح السؤال عما إذا كان من الممكن تسديده عند إصدار الإعتماد أو الشروع في تطبيق آلية إعتماد نظام وتكنولوجيا قواعد البيانات المتسلسلة (Blockchain) لخفض إمكانيات التستر والتهرب وتعزيز الشفافية، بحيث يتم ربط الحواسيب في ما بينها مع قاعدة إحصائية متلازمة، مع إنشاء رابط إلكتروني بين وزارة المالية وسائر الإدارات.
و- في تسديد ضريبة الرواتب والأجور وكيفية احتسابها بالعملة الأجنبية (المادة 26)
نصّت المادة 26 من مشروع موازنة 2024 على أنه على رب العمل أن يقتطع الضريبة من الرواتب والأجور التي يدفعها إلى الأجير، وأن يؤدي المبالغ المقتطعة إلى الخزينة بالعملة ذاتها التي دفعت فيها تلك الرواتب والأجور كل ثلاثة أشهر، في موعد لا يتعدى الخامس عشر من الشهر الذي يلي فترة الثلاثة أشهر المعنية.
كما نصت المادة 26 في الفقرة الثانية منها على أنه من أجل احتساب الضريبة المتوجبة على الرواتب والأجور المدفوعة بالعملات الأجنبية وتسديدها، يتم تحويل الرواتب والأجور إلى الليرة اللبنانية على أساس 40% من سعر الصرف وفق منصة صيرفة بتاريخ استحقاقها، ثم يتم تحويل الضريبة المحتسبة إلى العملة الأجنبية التي دفعت فيها الرواتب والأجور على أساس سعر الصرف وفق منصة صيرفة.
ومن المثير للإهتمام والتوقف عنده هو أن المادة 26 الآنفة الذكر قد تطرّقت إلى سعر الصرف من جهة والتنزيلات والشطورالمحتسبة بالعملة الأجنبية من جهة أخرى، وذلك لتفادي الوقوع في الإشكاليات والإنتقادات، كما كانت الحال عند مناقشة وإقرار قانون الموازنة رقم 10 تاريخ 15/11/2022 والقرارين الصادرين لاحقاً عن وزير المالية رقم 686/1 و687/1 تاريخ 23/12/2022.
ز- في فرض رسم مقابل خدمة جمع النفايات الصلبة ومعالجتها ورسم استهلاك للحفاظ على البيئة (المادة 58)
نصت المادة 58 على فرض رسم جديد مقابل خدمة جمع النفايات الصلبة ومعالجتها كما ورسم استهلاك للحفاظ على البيئة، دون معالجة آلية تحصيل هذا الرسم والجهة المسؤولة عن استيفائه، ودون التطرّق إلى كيفية إنفاق حصيلة هذا الرسم، على وجه التحديد بيئياً.
مع الإشارة إلى أن سعر الصرف هنا متروك لتقدير الإدارة (أي وفق سعر الصرف المعتمد من قبلها لاحتساب الضريبة على القيمة المضافة) ويختلف بالتالي عن ذلك المعتمد سابقاً في هذا القانون على أساس صيرفة ما سيشكل إلتباساً ولبساً.
إضافة إلى ذلك، نصّت المادة عينها في هذا الخصوص على منح صلاحيات استثنائية للحكومة، تجيز للأخيرة تعديل قيمة هذه الرسوم وكيفية احتسابها وطريقة جبايتها بموجب مراسيم تتخذ في مجلس الوزراء، بناء على اقتراح وزيري المالية والبيئة المبني على اقتراح الهيئة الوطنية لادارة النفايات الصلبة، علماً أن منح هذه الصلاحية يشكل تجاوزاً للصلاحيات وحدّ السلطة بحيث يعود للمشرع وحده أمر تحديد أو تعديل الضرائب والرسوم وما هو ذات صلة بها، وذلك عملاً بأحكام المادتين81 و82 من الدستور اللبناني ومبدأ السيادة الشعبية والديمقراطية التمثيلية، ناهيك عن فتح الباب للإستنساب.
خلاصة وتوصيات: 15 تدبيراً فورياً وطارئاً
اكدت دراسة الجمعية اللبنانية لحماية حقوق المكلفين عن موازنتي 2023 و2024 ما يعتري مشروعي قانون الموازنة العامة للعام 2023 وقانون الموازنة العامة للعام 2024 من شوائب ومخالفات وخلل بنيوي، بات من الضروري البحث في إصلاح المالية العامة، الذي يفرض بدوره مقدماً البحث في مهام الدولة الأساسية، في ما خص حماية الاقتصاد الوطني وتأمين الحماية الاجتماعية ونشر العلم والمعرفة وزيادة الثروة وحسن توزيعها بشكل عادل. وهذا كله بالطبع يشترط تأمين الواردات ومعرفة ما هي حاجات الدولة الفعلية إلى المال وكيفية جبايته وإنفاقه، وطبقاً لأية قواعد وضمن أية شروط وعملاً بأية آليات للمراقبة الفعّالة. وعليه، بات ملحاً اليوم التفكير جدّياً والسعي الدؤوب للانتقال من موازنة البنود، التي ما زال النظام اللبناني يعتمدها، إلى موازنة البرامج والاداء من خلال القانون التنظيمي (الموجود مشروعه في أدراج مجلس النواب منذ ما يقارب العقدين) والذي يعتمد تقسيماً وظائفياً وفق المهام التي تندرج ضمنها البرامج، للوصول إلى إحلال وتكريس مبدأ الصدقية وحسن الأداء على عمليتي إعداد وتنفيذ الموازنة، فضلاً عن موجب النتيجة والمساءلة. وهذا ما من شأنه أن يضفي على عملية التصويت الذي يجريها البرلمان على الموازنة معنى سياسياً حقيقياً، يقضي بمراقبة فعلية لأعمال الحكومة التي تفترض التثبت من تحقيق النتيجة، بدلاً من التصويت على الوسيلة الممنوحة لها، مع ما يستتبع ذلك من نتائج لجهة المساءلة السياسية السنوية وطرح الثقة بالحكومة المتقاعسة عن تنفيذ برنامجها ووعودها أو الوزير المقصّر في أداء مهامه وواجباته.
بالإضافة الى ذلك، يجدر ذكر بعض التدابير الضرورية الطارئة والفورية المقترحة لمعالجة الأوضاع وتفادي الأسوأ:
1- إعادة هيكلة الإدارة وتنقيتها من المنتفعين والمحاسيب وتفعيل عملها كما ونقل الفوائض من الموظفين من وزارات وإدارات ليست بحاجة إليهم، إلى وزارات وإدارات أخرى تعاني شغوراً ونقصاً في الكفاءات لا سيما وزارة الإقتصاد مصلحة حماية المستهلك، لتفعيل مراقبة الأسعار وفرض العقوبات على المخالفين. مع العلم أن الإصلاح في الإدارة العامة يسهم في التخفيف من العبء المالي، وبالتالي ترشيد الإنفاق وضبطه وتحديد الأولويات والحد من التوظيف المبطن والزبائنية وتقويم أداء الموظفين.
2- بدء العمل بتصنيف وظيفي للنفقات العمومية يهدف إلى تحسين الشفافية وتحليل أهداف الموازنة بصورة أوضح.
3 – إعتماد وإدارة سياسة سيولة واقعية وفعّالة (من خلال وحدة إدارة السيولة لدى وزارة المال CMD) كجزء أساسي من إدارة الإنفاق العام بهدف عدم تخطي ما هو معتمد في الموازنة، لناحية السيولة وتفادي الإقتراض غير المتوقع أو التدابير الضريبية المفاجئة خلال السنة المالية ما من شأنه تعطيل السياسات المالية.
4- ربط أي تدبير أو رصد إعتماد أو فرض ضريبة و/أو رسم بموجب إجراء دراسة وقع أثر إقتصادي (Impact economic study) أو دراسة إكتوارية أو دراسة جدوى إقتصادية (Feasibility study) أو إحصائيات حديثة موثقة.
5- تعديل وتطوير نظام الإعفاءات والحوافز الضريبية المعمول به راهناً وجعله أكثر عدلاً وفعالية. ومن هذا المنطلق إلغاء إعفاءات غير مجدية وغير عادلة على غرار الإعفاءت الممنوحة لمصارف الاعمال ومصارف التسليف المتوسط والطويل الاجل، كما وإعفاء التفرغ عن الأسهم الذي يسمح بعمليات وهمية للتهرب المقونن من الضريبة. بالمقابل، إستحداث إعفاءات مؤقتة وخاصة لتشجيع الأشخاص الطبيعيين والمعنويين لجهة المضي قدماً في بعض المشاريع الواعدة والحيوية التي تساعد على النمو و/أو التوظيف وذلك، في سياق سياسة ضريبية/إقتصادية/إجتماعية متكاملة ومتقدمة يتم تنفيذها على مراحل، كالصناعات التحويلية أو التجميعية أو الصناعات التكنولوجية والبرمجة المعلوماتية والمشاريع الصديقة للبيئة. كما ومن المقترح إقرار حوافز مالية وضريبية تحت الباب الثالث لبعض التوظيفات المالية في القطاعات المنتجة و/أو الواعدة لتحفيز النمو.
6- تأمين موارد ضريبية عن طريق تفعيل الإلتزام الضريبي ومكافحة التهرب والتهريب بشتى الوسائل المتاحة وتلك المقترحة (مع رصد إعتمادات لازمة لذلك) ومنها:
– تعميم الرقم الضريبي الموحّد لجميع المواطنين والمقيمين الأجانب على الأرض اللبنانية وربطه برقم الهوية أو جواز السفر أو الإقامة (للأجنبي المقيم).
– تطبيق قواعد الحكومة الرقمية (e-government) لتسريع المعاملات وتبسيطها وتفادي الرشوة والفساد.
– وضع الخوارزميات وآليات الحوسبة عن بعد لمعالجة البيانات الحسابيّة للمكلّفين من خلال واجهات الكترونيّة تسمح بكشف الثغرات وملاحقة المتهرّبين (artificial intelligence).
– إستعمال آلية Name and Shame التي أظهرت فاعليتها في العديد من البلدان.
– إعتماد نظام وتكنولوجيا قواعد البيانات المتسلسلة (Blockchain) لخفض إمكانيات التستر والتهرّب وتعزيز الشفافية، بحيث يتم ربط الحواسيب في ما بينها مع قاعدة إحصائية متلازمة.
– إنشاء رابط إلكتروني بين وزارة المالية وسائر الإدارات.
7- الإنتقال من نظام الضرائب النوعية (scheduled taxes) – الذي يتيح للعديد من الأشخاص تفادي التصريح عن إيرادات مخفية ومستترة وغير ملحوظة في المنظومة – إلى نظام الضريبة الموحدة على الدخل، وذلك من خلال سلّةٍ من الإجراءات يتم إقتراحها وإعتمادها بموجب قوانين خاصة.
8- إكمال الإجراءات المحددة في قانون الموازنة رقم 144 تاريخ 31/7/2019 بالنسبة للمسح الميداني الذي تجريه البلديات للمؤسسات التجارية والصناعية والتجارية الواقعة في نطاقها والمرخص لها وإفادة وزارة المالية بأسماء من المسجلين وغير المسجلين لدى وزارة المالية بإعتماد آلية عملية لذلك وتحفيز مالي للبلديات (بحيث يخصص لها نسبة من المبالغ المحصلة من المخالفين و/أو المتهربين)، بالإضافة إلى تدابير وإجراءات لمعاقبة المخلّين أو المتقاعسين.
9- إعتماد ما يسمى بالـ «Quotient familial»، بحيث يتم إجراء تخفيضات تبعاً للوضع العائلي فتؤخذ بالإعتبار أعباء المكلف العائلية الفعلية وليس بدل حسم مقطوع شامل ووحيد لجميع المكلفين والأفراد. فيقتضي الأخذ في الإعتبار حجم دخل كل مكلف وقدراته المالية وأعبائه العائلية.
10- تفادي فرض أو زيادة ضرائب إلا إذا كان ذلك ضروراً ومجدياً ومبرراً وغير مضرّ ولا يؤدي إلى نتائج عكسية، على أن تُعتبر هذه الضرائب استثنائية مبررة بحالة الضرورة القصوى والحاجة الاستثنائية تزول مع زوال الظروف الملازمة. ومن ضمن هذه الزيادات: رفع الضريبة على بعض القطاعات كالمصارف وشركات التأمين والوساطة الخاضعة لقانون تنظيم هيئات الضمان (المرسوم رقم 9812/1968 وتعديلاته) والمراهنات وألعاب الميسر، وتلك التي تستثمر مرافق أو أملاكاً عامة أو ثروة طبيعية أو تتمتع بإحتكارات أو أوضاع تفضيلية، كما وتلك التي استفادت على السواء من الإنهيار الإقتصادي وانتشار وباء كورونا ونتائجه والأزمة المالية وانفجار مرفأ بيروت، على ان يتم درس الحالات وتحديد مروحة ضريبية خاصة لتلك القطاعات بعناية ودقة.
11- إعتماد سياسة ضريبية تحفّز الإنتاج وتزيد العبء الضريبي على النشاطات التي لا تساهم في تأمين قيمة مضافة للإقتصاد أو إنتاجية مثال: المضاربات العقارية والمالية، الأراضي غير المستثمرة، العقارات الشاغرة (لدعم سياسة إسكانية وتأجيرية)، مع رفع ملازم لنسبة الضريبة المترتبة على النشاطات المضرّة للبيئة والصحة (تبغ، مقالع، إشغال الواجهات البحرية، وإلخ…).
12- مع مراعاة إقتراح تطبيق الضريبة الموحدة على الدخل أو تعديل المادة 53 من قانون ضريبة الدخل كمرحلة تمهيدية، نقترح زيادة نسبة الضريبة على إيرادات الأسهم والسندات المالية الأجنبية وفوائد حسابات الإدخار التي تؤول إلى المقيمين في لبنان من 10 إلى 25% بتعديل المادة 77 من قانون ضريبة الدخل إلا في حال أسبقية تكليفها من قبل دولة غير مرتبطة بلبنان بمعاهدة ضريبية لتفادي الإزدواج الضريبي، بحيث يتم الإبقاء عندها على النسبة الحالية العادية أي 10%. كما ويتم الإبقاء أيضاً على المعدّل المنخفض (10%) بالنسبة للإيرادات المماثلة الناتجة من الأرصدة والأموال المنقولة المودعة في لبنان أو الموظفة فيه.
13- فرض رسوم خاصة على أصحاب عمل و/أو كفلاء الخدم الأجانب (taxes patronales) تتراوح بين 80% و100% من البدل الشهري الفعلي المسدد للأجير. وإعتماد بالمقابل سياسة محفزة للبنانيين للخدمة المنزلية وقيادة السيارات ونواطير الأبنية تخضع كلها لشروط قانون العمل اللبناني (الحدّ الأدنى للأجور وساعات العمل والضمان الإجتماعي) مع منح كل صاحب عمل تنزيلاً سنوياً خاصاً إضافياً يُقتطع من وعائه (دخله) الخاضع للضريبة يتراوح بين 12 و18 مليون ليرة لبنانية.
14 – تخصيص برنامج ضمن الموازنة للإنفاق الإجتماعي (البطاقة الطبية، محاربة الفقر) وتحفيز خلق فرص عمل، وإلا إنشاء صندوق سيادي للغاية المرجوة، تحوّل إليه جميع الضرائب والرسوم الإضافية الآنفة الذكر لتخصيصها للإنفاق الإجتماعي والإستثماري في الميادين المحددة، وذلك كاستثاء لمبدأ الشيوع، بحيث تصبح هذه الضرائب والرسوم رسوماً تخصيصية (Taxes Affectées).
15- من ضمن هذه الضرائب التخصيصية نقترح تفعيل جباية الضريبة المترتبة على الأرباح التي حققها الأشخاص الطبيعيون والمعنويون، من خلال تسديد ديونهم للمصارف على السعر الرسمي وتحقيق مكسب تجلى بخسائر مقابلة بالنسبة للودائع المصرفية. مع التذكير بأن قانون ضريبة الدخل في مادته الرابعة الفقرة (د) التي نصت على أن « كل شخص حقيقي أو معنوي حصل على ربح من عمل يدر ريعاً غير خاضع لضريبة أخرى على الدخل يعدّ من جملة المكلفين بهذه الضريبة (أي بين 4 و25% للفرد و17% لشركات الأموال زائد 10% ضريبة توزيع). على أن تخصص هذه الإيرادات لرفد صندوق إعادة تسديد الودائع المزمع انشاؤه بموجب مشروع قانون إعادة التوازن للنظام المالي في لبنان.