التعيينات تقتحم نقاشات الموازنة: الخلافات تظهر في الساحة المسيحية

 

 

من الثابت، وفقاً للمعلومات والمعطيات ان احداث الخليج الساخنة من بحر عمان ومضيق هرمز إلى عواصم القرار تستأثر بالاهتمام اللبناني، في وقت يجري سباق مع الوقت لإنجاز موازنة العام 2019، على الرغم من أن لجنة المال والموازنة ذهبت إلى استراحة مع نهاية عطلة الأسبوع، مع تأكيد رئيس اللجنة إبراهيم كنعان ان التدقيق في الأرقام من زاوية الرقابة ليس مسرحية، داعياً إلى إصلاح الاقتصاد وليس تخفيض الأرقام.

وسط هذا المناخ، تحددت جلسة لمجلس الوزراء الثلاثاء، كما اشارت “اللواء” وعلى جدول الأعمال 100 بند، ليس بينها التعيينات نظراً لعدم الاتفاق عليها، وارتفاع الأصوات في الساحة المسيحية احتجاجاً على تفرد الوزير جبران باسيل بالحصة المسيحية في وظائف الفئة الأولى، على وجه الحصر.

التعيينات متأخرة

وبدا واضحاً من خلال جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد قبل ظهر الثلاثاء المقبل في السراي الكبير، ان ملف التعيينات لم ينضج بعد كي يدرج في الجدول الذي وزّع أمس على الوزراء، وعلى ما يبدو فإن طريقه لن يكون سهلاً قبل ترتيب الأمور والتفاهم على بعض تفاصيله حيث عادة ما تكمن الشياطين.

وبحسب مصادر وزارية، فإن ملف التعيينات حتى ولو كان أولوية حكومية، الا ان استئخاره لبعض الوقت هو أفضل خطوة من أجل نجاح تمريره، خاصة وان هذا الملف لم يكن في أي وقت الا سبباً لتباين بين مكونات الحكومة، حتى ولو كان مصيره الإقرار، غير ان من اعترض سابقاً ولم يتمكن من إيصال اعتراضه إلى وقف التعيين لن يستكين، وقد يعرض الحكومة إلى اهتزاز هي بغنى عنه، وسط هذا الجو المتشنج الذي يسود العلاقات بين مكوناتها منذ بدء مناقشات مشروع الموازنة، لذلك، فإن الموضوع، في نظر المصادر الوزارية يحتاج إلى تهيئة مناخ سياسي سليم غير متوافر حالياً بانتظار التوافق.

وأعادت المصادر إلى الأذهان، ما كانت اشارت إليه “اللواء” أمس، من ان الحكومة يتجاذبها تياران أو رأيان بالنسبة لملف التعيينات، الأوّل يتحدث عن إنجاز التعيينات دفعة واحدة أو سلّة متكاملة على غرار التعيينات التي تمت في عهد الرئيس الراحل الياس الهراوي من خلال حكومة الرئيس الشهيد رفيق الحريري حيث تمّ تعيين 126 مديراً عاماً، معتبراً انه من حسنات هذا الخيار انه يسمح بقيام صدمة إيجابية في الإدارة، لكن محاذيره تكمن في الوقت الذي تستغرقه عملية التواصل وتأمين السير الذاتية.

اما الخيار الثاني، وهو اعتماد التعيينات الأكثر عجلة أو الحاحاً والتدرج به للوصول إلى الأقل إلحاحاً، فمن حسناته تصنيف التعيينات ودرسها بدقة، بحيث يُمكن القول انه كلما جهزت المراكز الأساسية يُمكن الانتقال إلى المراكز الاخرى، وهي لحظت في هذا المجال الأولوية لوزارة العدل وفي مجلس الإنماء والاعمار ومجالس إدارة عدد من المؤسسات والمجلس الوطني للاعلام وتلفزيون لبنان، إلى جانب تعيين الحكومة لحصتها في المجلس الدستوري، على انه لا يمكنها ذلك قبل انتخاب مجلس النواب لأعضاء المجلس ضمن حصته تفادياً لأي خلل طائفي.

وقالت ان الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري سيناقشان في وقت لاحق وضع خطة توزيع التعيينات واعتماد أي من الخيارين، مع العلم ان هناك من يدعم هذين الخيارين في التعيينات، لافتة إلى انه يجب عدم اغفال مواقف المكونات الأخرى في الحكومة وتحركها للحصول على ما يعرف بحصتها من التعيينات، وان كان المعوّل أولاً وأخيراً هو التفاهم سواء بين هذه المكونات السياسية أو بين الرئيسين عون والحريري واحترامهما لبعضهما البعض وادراكهما لصلاحياتهما الدستورية.

تقاسم أم محاصصة

وفي هذا السياق، نقلت محطة O.T.V الناطقة بلسان “التيار الوطني الحر” عن مصادر مطلعة، نفيها وجود نية لدى الرئيس الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل الاستئثار بالمراكز التي تخصمها واقصاء الآخرين، مؤكدة لا اقصاء ولا اختزال لأحد، لكن المطلوب تعيين الأفضل، مشيرة إلى ان ما حكي عن استئثار هو في إطار المعارك الافتراضية ولا أساس لها وتهدف إلى محاولة التطويق لا أكثر، مضيفة ان ما “يؤخر التعيينات هو عدم الاتفاق على المرتكزات وآلية التعيين”.

ونقلت المحطة المذكورة عن مصادر في الحزب التقدمي الاشتراكي رداً على ما يتم تداوله عن إعطاء حصة في التعيينات لرئيس الحزب الديموقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان، قولها: “اننا لا نقبل ان يكون هناك ناس بسمنة وناس بزيت”، وشددت على ان القانون الذي سيطبق على باقي الطوائف والمذاهب يطبق علينا أيضاً، بمعنى انه إذا شاركت كل التلاوين السياسية في التعيينات فنحن نقبل بالمشاركة مع الآخرين، وإذا لم يحدث ذلك سنعين بأنفسنا في المراكز التي تخصنا”.

إلا ان مصادر تيّار “المستقبل” لفتت من جهتها إلى ان لا بحث حالياً مع أحد بملفات التعيينات، في حين أكدت مصادر “القوات اللبنانية” في اتصال مع OTV ان “القوات” تتمسك بوضع آلية للتعيين للابتعاد عن المحاصصة، مشيرة إلى ان “المعادلة واضحة”.

ونفت مصادر “القوات” لقناة MTV ان تكون زيارة الوزير السابق ملحم رياشي للرئيس الحريري أمس الأوّل للبحث بملف التعيينات، بل كانت لبحث العلاقات بين تيّار “المستقبل” و”القوات اللبنانية”، مؤكدة ان “القوات” متمسكة بطروحاتها بشأن ملف التعيينات وبالآلية التي طرحتها سابقاً والتي تعتمد على الكفاءة.

وكان رئيس حزب “القوات” سمير جعجع اتهم الوزير باسيل بأنه “يتحكم باللعبة السياسية وليس من يردعه”، لافتاً “الى ان النقاش في الجلسة الرئاسية في بعبدا بين الرئيسين عون والحريري سيستكمل وفق معلومات جعجع بين الحريري وباسيل.

واعتبر جعجع، في مجال آخر، ان اقتراح الرئيس نبيه برّي بخصوص تعديل قانون الانتخاب ولد ميتاً لمجرد انه يعتمد لبنان دائرة انتخابية واحدة، وهو أمر مرفوض من القوى السياسية كافة.

وأوضح لوكالة الأنباء “المركزية” انها تكاد المرة الأولى التي لا تنعكس أجواء الود الموجودة بيننا وبين الرئيس برّي في قانونه الانتخابي المقترح.

وفي السياق نفسه، كشفت مصادر لم تحددها قناة “الجديد” ان رئاسة مجلس الوزراء ستسعى إلى طرح ملف التعيينات في وزارة العدل ثم وزارة الداخلية، على إعتبار أنها المعني الأول بتطهير الجسم القضائي في حملة مكافحة الفساد، مشيرة الى أن “التعيينات ستجري على الشكل التالي، أولا تعيين رئيس للمجلس الدستوري، ثم مجلس شورى الدولة يليه تعيين مدير عام لوزارة العدل ثم مدع عام تمييزي”.

ولفتت المصادر الى أن “هذه التعيينات وصلت الى رئيس مجلس القضاء الأعلى وتطال رئيسها الحالي القاضي جان فهد”، مبينة أن “مركز مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، مناط بالتفتيش القضائي”.

وعما إذا هناك أجواء لإقالة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس، أوضحت المصادر أن “إقالة جرمانوس ليست بحاجة الى قرار من الحكومة بل لقرار من التفتيش”، حيث خضع جرمانوس الى جلستين امامه يومي الاربعاء والاثنين الماضيين.

وكشفت المصادر أن “قرار تمرير التعيينات في الحكومة سيجري لدى تدخل الرئيس ميشال عون على قاعدة أن التسوية الرئاسية أولى من التعيينات”، مشيرة الى أن “الهدوء على الساحة السياسية بعد عودة الرئيس الحريري، ليس إلا بتعليمات من الرئيس عون لفريقه السياسي قبل الحلفاء”.

جدول الأعمال

اما جدول أعمال جلسة الثلاثاء والذي يتضمن مائة بند، فقد خلا من أية إشارة إلى موضوع التعيينات، لكنه لحظ تعيينات من ضمن الملاك، ومنها طلب وزارة الخارجية استبقاء فؤاد خزاقة في الإدارة المركزية، (البند 47) وإعادة ترشيح السفير جوزف عقل لمنصب قاض في المحكمة الدولية لقانون البحار ITLOS للفترة بين 2017-2026، (البند 48) وطلب تعيين سفير لبنان لدى الكرسي الرسولي فريد الخازن سفيراً غير مقيم مطلق الصلاحية لدى كل من جمهورية البرتغال ومنظمة فرسان مالطا (البند 49)، فضلاً عن مشاريع تحديد عقود اتفاق المتعاقدين لدى وزارة الاشغال العامة والنقل – المديرية العامة للتنظيم المدني، وطلب وزارة التربية والتعليم العالي إلحاق عدد من المهندسين الاختصاصيين في المعلوماتية الفائض في وزارة الاتصالات (اوجيرو) بوزارة التربية بصفة متعاقدين، وطلب وزارة الداخلية التعاقد مع اخصائية في علوم الصحة الحيوية لصالح المديرية العامة لقوى الأمن، وطلب وزارة الطاقة التعاقد مع العاملين في امتياز كهرباء بحمدون المسترد.

وتضمن الجدول تحت عنوان شؤون مالية نحو 38 بنداً عبارة عن نقل اعتمادات على أساس القاعدة الاثني عشرية، إضافة إلى بنود تتعلق بتجديد عقود التنفيذ والاشراف العائدين لتشغيل مكب النفايات في طرابلس (البند 6)، وطلب وزارة الاقتصاد حسم موضوع مشاركة لبنان في معرض دبي 2020، وطلب وزارة الاشغال العامة والنقل تنفيذ الأعمال الإضافية بالمتطلبات الضرورية اللازمة لحماية حدود وسور المطار في حرم مطار رفيق الحريري الدولي وتأمين الاعتماد اللازم لذلك، وطلب وزارة آلشؤون الاجتماعية إبرام عقود الرعاية الاجتماعية ورعاية المعوقين وعقود حماية الأحداث المعرضين للخطر والحماية من الانحراف للعام 2019 على أساس اعتمادات الموازنة العامة للعام 2018 لحين تصديق الموازنة العامة للعام 2019، إلى جانب مجموعة مشاريع مراسيم برفع الحد الأدنى للرواتب والأجور في المنشآت الرياضية والشبابية والكشفية والعاملين في المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وفي مراكز الخدمات الإنمائية وفروعها وفي المشاريع الاجتماعية المنبثقة عن وزارة الشؤون، وهيئة إدارة السير وفي معرض رشيد كرامي الدولي في طرابلس.

البنك الدولي

على صعيد آخر، وفيما تعاود لجنة المال والموازنة اجتماعاتها يوم الاثنين لمتابعة درس مشروع موازنة العام 2019، كان لافتاً للانتباه تجديد البنك الدولي تمسكه بما تعهد به من تمويل لعدد من المشاريع والقطاعات في لبنان في إطار مؤتمر “سيدر”، وذلك في خلال اللقاء الدوري بين المدير الإقليمي لدائرة المشرق في البنك الدولي ساروج كومار جاه ووزير المال علي حسن خليل، حيث جرى عرض شامل للمشاريع التي يجري تمويلها بالتعاون مع البنك الدولي وتلك التي يتم التعاون في شأنها مع البنك المذكور لا سيما تلك المتعلقة بالصحة والتربية والكهرباء مع التشديد على إعادة هيكلة مؤسسة كهرباء لبنان وإنشاء الهيئة الناظمة لهذا القطاع. وأثنى كومار على ما تضمّنته موازنة العام 2019 من إصلاحات تعتبر مشجعة للمجتمع الدولي وتدخل في إطار ما هو مطلوب في المرحلة الراهنة، متمنياً أن ينتهي المجلس النيابي من مناقشتها وإقرارها في أسرع وقت ممكن.

مؤتمر البحرين

إلى ذلك، تسلم الرئيس عون أمس، رسالة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس نقلها إليه عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح” والمشرف العام على الساحة اللبنانية الوزير عزام الأحمد، الذي جال أيضاً مع الوفد المرافق، على الرئيس الحريري ورئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط والنائب بهية الحريري وقائد الجيش العماد جوزف عون، تناولت الموقف الفلسطيني من التطورات الأخيرة المتصلة بالقضية الفلسطينية، وفي مقدمتها الخطة الأميركية “المسماة” “صفقة القرن” ومؤتمر البحرين الذي يهدف إلى مقايضة الازدهار بالسلام، على حدّ تعبير الأحمد، الذي شدّد على ضرورة مقاطعة هذا المؤتمر.

وكان الرئيس نبيه برّي، اعتبر في تصريح لوكالة “الأناضول” ان مؤتمر البحرين المرتقب هذا الشهر محاولة لرشوتنا من جيوبنا لتمرير “صفقة القرن” والقرارات الأميركية، وفي مقدمها اعتبار القدس عاصمة إسرائيل الأبدية وتهويدها وأسرلة الجولان السوري وتشريع الاستيطان.

وشدّد على الالتزام بالموقف الفلسطيني في “ألا تخطئ في المكان والزمان، ونقف بقوة ضد تصعيد واشعال المزيد من التوترات في الشرق الأوسط والخليج”.

الجامعة اللبنانية

في غضون ذلك، تفاعل ملف إضراب الأساتذة في الجامعة اللبنانية، ولقى إعلان الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة باستمرار الإضراب ردود فعل متفاوتة بين مرحب ورافض، الا ان الأساتذة بمختلف مكوناتهم، إضافة إلى عدد كبير من الطلاب رحب بالقرار رغم الضغوط السياسية التي تتعرض لها الرابطة، ودعا الطلاب إلى اعتصام مفتوح ابتداء من الاثنين في رياض الصلح.

واستدعي هذا الموقف من الأساتذة رداً من وزير التربية اكرم شهيب الذي وصف اجتماع المالية ليل أمس الأوّل، والذي خصص لحلحلة الإضراب، بأنه كان ايجابياً جداً واتّسمت النقاشات بالانفتاح والموضوعية حيث تم التوافق على عدد كبير من المطالب التي يرفعها أساتذة الجامعة المضربون”. واشار في بيان الى “ان وزير المالية كلّف فريق عمله درس موازنة الجامعة اللبنانية وشدد على انه على استعداد لإعطاء الحقوق المترتبة على مفاعيل القانون 46/2017 إما بزيادة موازنة الجامعة او إعطاء هذه المتوجبات إلى الجامعة من خلال احتياطي الموازنة العامة”. اما في ما يتعلق بمطلب إضافة خمس سنوات عند احتساب معاش التقاعد للاستاذ الجامعي، لفت شهيب الى “ان النائبة بهية الحريري تعهّدت بالسعي مع وزير التربية ووزير المالية لعرض مشروع القانون على مجلس النواب لاقراره في اسرع وقت”.

ولاحقاً غرد جنبلاط متضامناً مع شهيب، وداعياً إلى إصلاح شامل في الجامعة، معتبرا ان استمرار الإضراب على حساب عشرات الآلاف من الطلاب ليس بالحل”.

مصدرجريدة اللواء
المادة السابقةرحلة شاقة للتعيينات مع معالم معارك المحاصصات
المقالة القادمةالبناء: الحكومة في مواجهة أزمة التعيينات… والمجلس النيابي أمام مأزق الموازنة