على الرغم من إنشغال اللبنانيين بتفشي جائحة كورونا التي أوصلت لبنان الى المرتبة الثالثة عالمياً من حيث عدد الإصابات قياساً إلى عدد سكانه، فإن مصائب الجائحة حجبت النظر عن ملفات أخرى من دون ان تخفيها بالكامل، وفي مقدمها التهريب عبر المعابر غير الشرعية، الذي يعود الى الواجهة حيث تكشف الفيديوات والصور المتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي نشرها سياسيون مؤخراً، ان عمليات التهريب لم تتوقف.
تؤكد مصادر سياسية ان التهريب لا يزال على حاله الأول، وناشط بقوة عبر المعابر غير الشرعية، ومستمر بإستنزاف ما تبقّى من إحتياط في المصرف المركزي وقد أكد الحاكم رياض سلامة ان التهريب استنزف أربعة مليارات لإستيراد ما لا يحتاجه السوق اللبناني. ووفق المصادر فإن الأجهزة الأمنية تقوم بمهامها ضمن الامكانات المتاحة، إلّا ان ضبط التهريب خاضع لمعادلات وتوازنات سياسية، ويحتاج إلى قرار حازم بضبط التهريب، الأمر الذي لا يبدو متاحاً بعد في ظل تنامي الأزمات التي تحاصر لبنان، وعدم تشكيل حكومة وإنهيار الوضع الاقتصادي والمالي، والتخبط في مواجهة جائحة كورونا.
صحيح ان التهريب عبر المعابر غير الشرعية فُتِحَ على مصراعيه أكثر من مرة وأنجزت السلطة خطوات في هذا السياق، لكن الخطوة الأساسية بقيت ناقصة ودونها معوقات كثيرة تتعلق بالمساحات الشاسعة على الحدود، حيث يمكن تسلل المهربين، والتداخل الطبيعي بين لبنان وسوريا، وطرق التحايل والتكتيكات التي يلجأ اليها المُهرّبون لإختراق الحواجز الأمنية والطبيعية. لكن أهم من كل ذلك يبقى القرار السياسي الذي لم يُحسم جدّياً بعد.
كورونا وفق المحللين السياسيين ساهمت في تأجيج وزيادة وتيرة التهريب. فالدولة سارحة والرب راعيها، والسلطة التي لم تنجح في مكافحة وباء صار عمره ١١ شهراً ولم تُجهّز المستشفيات الحكومية، وفتحت البلاد من دون ضوابط خدمة للإقتصاد، وتقود الناس نحو مناعة القطيع، كيف ستنجح في وقف تهريب عمره سنوات، وتفاقم بعد الحرب السورية وسيطرة فريق سياسي على كل مفاصل الدولة؟