عاد الإقبال على شراء العقارات في تركيا، مع تراجع سعر صرف الليرة وإعلان الرئيس رجب طيب أردوغان عن خريطة طريق اقتصادية بدأتها البلاد، والتغييرات التي طاولت وزارة المالية والبنك المركزي، وعودة الثقة إلى المستثمرين والأسواق بعدما تأثر الاقتصاد بتغيرات صحية وسياسية واقتصادية، ما زاد من الآمال بعودة انتعاش الاقتصاد وزيادة أسعار الوحدات السكنية.
وقال مدير عام شركة “يارا كروب” المتخصصة في التسويق العقاري بمنطقة اسينيورت حسن خلف، لـ”العربي الجديد”، إن تحسن سعر صرف الليرة التركية مقابل العملات الرئيسية لم يؤثر سلباً على مبيعات العقارات، بل رأينا العكس من خلال زيادة الطلب.
ويشير خلف إلى أن “تضييق دول الخليج على المغتربين، دفعهم للاستقرار بتركيا، وهو سبب مهم لزيادة شراء العقارات”، مبيناً أن سعر العقارات التركية بالدولار ربما هو الأقل على صعيد دول المنطقة، فسعر المنزل بمناطق “بيلوك دوزو، جمهوريات مهاليسية، بيوك كشمجة” لا يزيد عن 600 ألف ليرة (نحو 75 ألف دولار).
ويعتبر مدير الشركة المتخصصة خلال حديثه لـ”العربي الجديد”، أن افتتاح تركيا ممثليات التسجيل العقاري بالخارج، زاد من مبيعات العقارات خلال الشهرين الأخيرين اللذين تزامنا مع بدء التعافي النسبي من آثار فيروس كورونا وعودة الحياة إلى طبيعتها بشكل كبير.
وكانت وزارة التخطيط العمراني التركية قد افتتحت 12 ممثلية للتسجيل العقاري في 10 دول أوروبية وعربية، تتيح للمغتربين الأتراك والأجانب القيام بعمليات بيع وشراء عقارات من دون الحاجة للقدوم إلى تركيا، والاستفادة من تراجع سعر العقارات، بعد زيادة العرض وتراجع سعر العملة التركية.
وتوقع عضو مجلس إدارة جمعية الترويج العقاري التركية في الخارج فاتح أرغوفان، أن تصل عائدات بيع العقارات للأجانب في تركيا إلى 7 مليارات دولار خلال العام الحالي، موضحاً في تصريحات لوكالة “الأناضول”، أن مستوى نوعية الزبائن الأجانب في السوق في الوقت الراهن أعلى مما كان عليه خلال السنوات السابقة.
ويشير أرغوفان إلى أنه على الرغم من حدوث انخفاض في عدد الوحدات السكنية المباعة جراء جائحة كورونا، إلا أنه بسبب ارتفاع نوعية الزبائن فلن يكون هناك تراجع في الإيرادات، متوقعاً أن تصل إيرادات بيع العقارات إلى 7 مليارات دولار بنهاية العام الجاري، بعد أن كانت 6.7 مليارات دولار في العام الماضي.
من جهته، يؤكد معاون مدير عام مجموعة “امتلاك” العقارية، بدر الدين مارديني، أن نوعية شراة العقارات التركية اختلفت هذا العام، ربما كعدد تراجع المبيع بسبب إغلاقات كورونا، لكن نوعية العقارات المباعة (فلل ومبان مرتفعة الثمن)، هي التي عدلت إيرادات هذا القطاع، مبيناً أن إسطنبول وأنطاليا وآيدن ومدن البحر الأسود تشهد عقاراتها إقبالاً كبيراً، والسبب، برأي مارديني، هو الحصول على الجنسية التركية.
وعن أسباب نشاط القطاع العقاري التركي خلال الشهرين الأخيرين، يرى مارديني خلال حديثه لـ”العربي الجديد”، أن التعافي من وباء كورونا ونجاح القطاع الصحي سببان مهمان، كما أن منح تركيا جنسية استثنائية بناء على شراء العقارات سبب آخر، خاصة بواقع خروج المقيمين العرب من معظم دول الخليج التي تضيّق عليهم جراء رفع الرسوم والتشدد بالعمل والإقامات.
وحول متوسط الأسعار بعد تحسن سعر صرف الليرة التركية، يقول مارديني إن الأسعار تختلف بحسب الولايات والمناطق وحتى الشركة المنفذة، ولكن يمكننا القول إن متوسط سعر العقار باسطنبول (3 غرف) يبلغ نحو 100 ألف دولار، ويختلف بحسب المساحة والحي والاطلالة.
ويستدرك أن بعض المناطق بدأت تشهد إقبالاً استثمارياً بالعقارات، فمنطقة “زكريا كوي”، الواقعة حول المطار الجديد بإسطنبول، بدأت تجذب المستثمرين، متوقعاً أن تشهد المنطقة نهضة عمرانية شبيهة بنهضة منطقة “بكر كوي” عندما افتتح مطار أتاتورك، مشيراً إلى أن الإقبال، بعد المخاوف من الزلازل وزلزال إزمير، انخفض على المساكن والفيلات.
ويرى الاقتصادي التركي أوزجان أويصال أن بلاده تولي أهمية للقطاع العقاري لما له من تأثير على تنشيط قطاعات الصناعة والبناء والخدمات، فما أن تراجعت مبيعات العقارات خلال النصف الأول من العام الجاري بسبب وباء كورونا، رأينا قرارات عدة من شأنها تنشيط العقار، مثل تقديم قروض بسعر فائدة مخفضة لمن يرغب في شراء العقارات من المواطنين، وتوفير قروض بآجال طويلة جدا للمستثمرين الساعين لتملك عقارات تجارية وسياحية.
ويلفت أويصال، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن ربط تركيا قطاع العقارات بالإقامة وحتى منح الجنسية، زاد من تسليط الضوء على هذا القطاع، إذ يحصل مشتري العقار على حق الإقامة المتجددة في البلاد، والتي تمنح للأقارب من الدرجة الأولى، فضلاً عن منح الجنسية التركية للأجنبي الذي يشتري عقاراً بقيمة تصل إلى 250 ألف دولار.
وحول ما يقال عن تضييق دول الخليج على المقيمين وتوجههم لتركيا وأثر ذلك على نشاط قطاع العقارات، يقول الاقتصادي التركي: “بالفعل هذا سبب مهم للغاية، خاصة بواقع رخص العقارات بتركيا وكونها بلداً محبباً لعيش العرب أكثر من أوروبا، بسبب الطبيعة والغذاء والتقارب الديني”، مشيراً إلى أن مكتب الاستثمار التركي الحكومي أظهر زيادة لافتة في حجم الاستثمارات العربية بتركيا إلى نحو 9% من حجم الاستثمارات المباشرة البالغة بنهاية العام الماضي نحو 133 مليار دولار.
وفي حين زادت الاستثمارات بتركيا حتى الربع الثالث من العام الجاري بنسبة 13%، بحسب تغريدة وزير الصناعة والتكنولوجيا مصطفى ورانك، يتوقع أويصال زيادة إقبال الرساميل على بلده، وخاصة بقطاع العقارات، بعد إعلان الرئيس رجب طيب أردوغان عن خريطة طريق للاقتصاد.