بعد أخذ وردّ وطول انتظار لجدول توقف تحديثه منذ بداية الأزمة الإقتصادية في لبنان عام 2019، دعا المجلس الأعلى للجمارك، في قرار صدر يوم الإثنين، جميع فروع المصلحة للعمل بالمذكرة الجديدة لقيم السيارات المستعملة للقسم الأول من العام 2023، انطلاقاً من يوم الأربعاء 12 تموز.
بعد طول انتظار
ينظّم الجدول الجديد كيفية تسعير الضرائب والرسوم على استيراد السيارات المستعملة، وتفصيلاً السيارات الأميركية أو ذات الطراز الأميركي، السيارات الأوروبية واليابانية، السيارات ذات الطراز الخليجي، السيارات الفارهة والسيارات الأثرية، وكذلك السيارات الجديدة. وهذا ما كان يُطالب به تجار السيارات المستعملة منذ أكثر من شهر، يوم قررت وزارة المال تعديل الدولار الجمركي ليصبح 86 ألف ليرة.
في الفترة السابقة، تحرّك تُجار السيارات المستعملة وأصحاب معارض السيارات في لبنان بعدما تراكمت السيارات في معارضهم بسبب ارتفاع الأسعار. وكانت لهم جولات على سياسيين من شمال لبنان إلى جنوبه لمحاولة تعديل قرار وزارة المال، ويومها رفض التجار المستوردون للسيارات إخراج سياراتهم من المرفأ، فتكدسّت فيه حتى فاق عددها بحسب أحد المتابعين للملف 4000 سيارة.
بعد رفض وزارة المال تعديل سعر الدولار الجمركي، انصبّ اهتمام التجار ونقاباتهم على تعديل الشطور الجمركية ورفع الحدّ الأدنى إلى مئتي مليون ليرة، واعتماد أسعار السيارات على كتب 2022 بدلاً من كتب 2019 وإلغاء غرامات التأخير عن رسم المرفأ استثنائياً، فالسيارة التي يُفترض أن يكون جمركها 100 مليون لو تم تعديل الجداول، كان جمركها 180 مليوناً، ما يؤثر بالتالي على سعرها بالسوق، خصوصاً أن التجار يدفعون حوالى 61 بالمئة من سعر السيارة رسوما للدولة على كل جمرك سيارة في مرفأ بيروت، من دون رسوم التسجيل.
السيارات خرجت من المرفأ
لم تنفع كل زيارات التجار إلى السياسيين في تعديل سعر الدولار الجمركي ولا تعديل جداول قيم السيارات المستعملة. بل على العكس، يكشف أحد التجار عبر “المدن” أن نصائح وصلت منذ أسبوعين إليهم بضرورة دفع الرسوم وإخراج سياراتهم من المرفأ، لأن الملف لن يشهد أي تعديل بوقت قريب. وبالتالي، تفادياً لارتفاع قيمة ما يتوجب عليهم جرّاء وقوف السيارات على أرض المرفأ، عليهم إخراج السيارات. وهكذا حصل، إذ يكشف التاجر أن حوالى 80 بالمئة من السيارات التي كانت متراكمة في مرفأ بيروت، خرجت الأسبوع الماضي بعد دفع مبالغ ضخمة جداً.
بعد إخراج السيارات بأيام قليلة، صدر قرار المجلس الأعلى للجمارك بتعديل الجداول، وهو ما يعتبره التجار “ضربة قاسية” لهم، وبمثابة “الفخ” الذي حفرته الدولة لهم وسقطوا فيه، وكأن المطلوب كان أن يدفعوا الرسوم الباهظة لإخراج السيارات ومن ثم يصدر القرار، علماً أن هذا القرار حقّ لهم منذ العام 2019، تاريخ توقف التعديلات بسبب أزمة العملة المحلية.
يقول أحد التجار عبر “المدن” أنه دفع حوالى مليارين ونصف المليار ليرة رسوم جمركية لإخراج سيارة من المرفأ. ومع التعديل الجديد تنخفض الرسوم بحوالى 8 آلاف دولار، معتبراً أن هذا الأمر سيُخرج سيارته من سوق المنافسة، لأن السيارات مثلها ستكون بسعر أقل بـ8 آلاف على الأقل خلال شهر واحد.
مصادر جمركية تؤكد عبر “المدن” أن ما حصل لم يكن مقصوداً بهدف الإضرار بالتجار، مشيرة عبر “المدن” إلى أن قرار التعديل اتخذ منذ فترة، قبل رفع الدولار الجمركي إلى 86 ألف ليرة، لكن العمل على التعديلات ليس بالأمر السهل، ولا يمكن الانتهاء منه بسرعة. كاشفة أن كل المراجعين في هذا الأمر كانوا يتبلغون بأن المجلس الأعلى للجمارك يعمل على التعديلات.
قبل الأزمة، كان قطاع السيارات المستعملة في لبنان يدفع حوالى 5 مليون دولار يومياً للدولة اللبنانية، وكانت مصلحة تسجيل السيارات تُدخل للخزينة يومياً حوالى 3 ملايين دولار يومياً، لكن هذه الأرقام انخفضت بشكل كبير اليوم، وحسب التجار فإن حاجة الدولة للمال لا تعني بأي شكل من الأشكال “سرقتنا وسرقة المواطنين”.