بقيَ ملف ترسيم الحدود البحرية مع سوريا تحتَ تأثير «البروباغندا» التي تعمَد إلى وضعها والعدو الإسرائيلي في إطار واحد. بمضمون حمّال أوجه، تستمرّ حملات الاتهام لسوريا بصفتها معتدية على المياه اللبنانية وتحاول سرقة الثروة النفطية في الشمال، وهو ما لا يُمكِن فصله عن الدفع بلبنان إلى الانخراط في عملية حصار الشعب السوري، علماً بأن الدولة السورية كانَت سبّاقة في مراسلة لبنان من أجل استعجال الترسيم، وحرصت في العقد الموقّع بينها وبينَ الشركة الروسية «كابيتال» على إمكان القيام بتعديلات، ربطاً بأي محادثات مستقبلية مع لبنان (راجِع «الأخبار»، الخميس 1 نيسان 2021، «الحدود البحرية مع سوريا: مشكلة بلا أساس»).
انطلقَ العمل «الرسمي» على الملف من قبِل أكثر من جهة؛ بدءاً من قيادة الجيش، التي علمت «الأخبار» بأنها أعدّت كتباً تشرح فيها الخطوات المطلوبة والأسباب الموجبة تقنياً للترسيم، مروراً بوزارة الدفاع التي تستعد لإرسال هذه الكتب إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب. كما ستكون هناك نسخة لوزير الخارجية شربل وهبة، الذي عقدَ اجتماعاً أمس مع وزيرة الدفاع زينة عكر ووزير الطاقة ريمون غجر للبحث في الملف. وبحسب معلومات «الأخبار»، طلب وهبة من عكر الحصول على نسخة من كتاب الجيش، فردّت عكر بأنه سيصله بعدَ إرساله لعون ودياب.
ولفت الكتاب الذي اطّلعت «الأخبار» على نسخة منه، بعد الإشارة إلى العقد الذي وقّعه الجانب السوري مع الشركة الروسية، إلى أنه «وبعدَ التدقيق في إحداثيات البلوك السوري الرقم ١، تبيّن أنه يتداخل مع المياه اللبنانية ويقضُم مساحة ٧٥٠ كيلومتراً، ويتداخل مع البلوكين اللبنانيّيْن الرقم ١ و٢، الأول بمساحة ٤٥٠ كيلومتراً والثاني بمساحة ٣٠٠ كيلومتر مربع. ومع أن الجانب السوري، كما يشير الكتاب، لم يودِع خط حدوده في الأمم المتحدة، لكن تحديده للبلوك الرقم 1، يعني أن لديه النية للمطالبة بهذه الحدود البحرية. كما يُشير الكتاب إلى أن «لبنان اعتمد في ترسيم حدوده مع سوريا طريقة خط الوسط، مع إعطاء تأثير كامل لجزر الرمكين مقابل طرابلس، وأرواد مقابِل طرطوس، وأن اعتماد خطوط مختلفة من قبل لبنان وسوريا نتجَ عنه منطقة متنازع عليها تُقدّر بحوالى ١٠٠٠ كيلومتر مربع».
يُطالب الكتاب الموجّه إلى وزراء الخارجية والأشغال والطاقة بالتنسيق والتواصل، بعد موافقة السلطات الرسمية اللبنانية، مع الجانب السوري لحل الموضوع ووقف أعمال الاستكشاف والتنقيب من قبل الشركة الروسية، ما يسمح لكل من البلدين باستثمار مواردهما البحرية، كلّ في منطقته الاقتصادية الخالصة.
كشفَ مصدر رفيع المستوى أن «رئيس الجمهورية فوّض إلى الوفد العسكري والتقني نفسه، برئاسة العميد بسام ياسين الذي يتولّى إدارة المفاوضات غير المباشرة في الناقورة مع العدو الإسرائيلي، مهمة التفاوض مع سوريا بشكل مباشر طبعاً ومن دون أي وساطة»
بينما أكدت مصادِر عسكرية أن «التكليف لا يزال شفهياً، لكن التوجه هو في اعتماد الوفد المؤلف من العميد الطيار بسام ياسين (نائب رئيس أركان الجيش للعمليات)، والعقيد الركن البحري مازن بصبوص، والخبير في المفاوضات الحدودية نجيب مسيحي، ورئيس هيئة إدارة قطاع البترول وسام شباط»، مع إمكان توسيعه ليضم شخصيات تمثل وزارتي الأشغال والخارجية وجهات أخرى، خاصة أن عملية التفاوض تتمّ مع دولة شقيقة.