الجيش يستعطي “لقمة العيش”!

لم يكن اللبنانيون بحاجة إلى مشهدية تنادي الدول الصديقة والشقيقة لإغاثة جيشهم الوطني، لكي يزدادوا ذلّاً فوق ذلّ، فهم الأدرى بما وصل إليه البلد، جيشاً وشعباً ومؤسسات، من جوع وعوز وفقر حال، وهم الأعلم بأنّ السلطة التي انتهكت حرمة حياتهم وأنهكت خزينتهم نهباً وسلباً وهدراً، هي نفسها التي هتكت “الشرف” العسكري واغتصبت حقوق المواطنين، مدنيين وعسكريين، على حد سواء.

ولأنه بدأ يستشعر تشققات الانهيار المادي والمعنوي آخذةً بالاتساع يوماً بعد آخر تحت أقدام عسكرييه، أطلق قائد الجيش نداء استغاثة عاجلاً أمس طلباً لنجدة أفراده واستعطاءً من الدول الصديقة والشقيقة للقمة عيشهم وطبابتهم… أقلّه لإبقاء المؤسسة العسكرية واقفة على قدميها بالحد الأدنى، ومنع تفككها وانهيار “الكيان اللبناني” بانهيارها، حسبما حذّر العماد جوزيف عون بالفم الملآن خلال مؤتمر دعم الجيش الذي عُقد “عن بُعد” أمس بدعوة من فرنسا وبرعاية الأمم المتحدة، منبهاً المشاركين في المؤتمر إلى أنّ “الجيش هو المؤسسة الأخيرة التي لا تزال متماسكة وضمانة الأمن والاستقرار، وأيّ مس بها سيؤدي إلى انتشار الفوضى”.

وتحت وطأة هذه الحالة المزرية التي بلغتها المؤسسة العسكرية في لبنان، خلص المؤتمر الدولي إلى الإجماع على وجوب مساندتها وتلبية احتياجاتها الملحة، لتمكين عديدها من مواجهة الأزمة الاقتصادية والمالية والاجتماعية الطاحنة التي تعصف بالبلد، لا سيما وأن الأزمة “أثّرت بشكل كبير وسلبي على الجيش وعلى مهماته العملانية ومعنويات عسكرييه”، وفق تعبير قائده، غير أنّ المعطيات المتوافرة حول مقررات المؤتمر الدولي تفيد بأنّ الدول المشاركة لم تتعهد بتقديم أي مساعدات مالية للجيش اللبناني، إنما ستعمد إلى تقويم ملف الاحتياجات الضرورية للجيش، على أن تحدد كل منها على حدة حجم مساهماتها العينية والغذائية والاستشفائية والطبية واللوجستية له.

 

مصدرنداء الوطن
المادة السابقةالعزوف عن الزواج: لبنان نحو الشيخوخة
المقالة القادمةالتفتيش المركزي هذه حدوده وهؤلاء هم الفاسدون