كانت لافتة حال القلق والهلع التي رافقت المهمة التي يستعدّ لها الوفد القضائي الأوروبي في بيروت في سياق التحقيقات في ملف تبييض الأموال وتحويلها الى مصارف أوروبية.
وكان لافتا أيضا أن بعض الجهات تعمّد تسخيف مهمّة الوفد، إما إنكارا وأما تشويشا. لكن هذا كله لم يحجب أهمية زيارة الوفد وما يحمله بالنظر الى أن التحقيقات تجري تحت سقف منظمة Eurojust وهي أحد الكيانات التابعة للإتحاد الأوروبي، تجمع المدّعين العامين الأوروبيين.
الواضح حتى الآن أن الحرب التي أُعلنت على مهمة الوفد انتهت بمجرّد أن توضّحت أهمية عمله والاتفاق الذي حصل مع النيابة العامة التمييزية والذي على أساسه وُضعت الترتيبات اللوجستية والقضائية اللازمة لكي يبدأ الوفد تحقيقاته من خلال القضاء اللبناني.
كما بات واضحا أن مهمته متشعّبة ومتدرجة لن تنتهي بانتهاء الزيارة الأولى، بالنظر الى أن التحقيقات في أكثر من ٦ دول أوروبية قائمة على قدم وساق، بعضها ذهب صوب إجراءات تنفيذية من مثل حجز حسابات مصرفية أو عقارات.
وكانت أولى الخطوات بدأت بتشكيل فريق تحقيق موحد ألماني وفرنسي ولوكسمبورغي يرمي تحديدا الى تفعيل التواصل وتبادل المعلومات، وبات يقود التحقيق في شبهة تبييض اموال واختلاس وتزوير واثراء غير مشروع.
وتعتبر مصادر رفيعة أن ممانعة عدد الجهات المعنية بالتحقيق ورفضها مهمة الوفد الأوروبي والقنص عليه، تارة من باب السيادة وطورا من باب الصلاحية المكانية، زاد في الشبهة من غير أن يقدم أو يؤخر في المهمة القضائية.
وتؤكد أن المطلوب بلا تلكؤ وضع حدّ لحال الافلات من العدالة أو الـimpunity التي تُعدّ أعتى سلاح لدى المنظومة السياسية – المالية التي أوصلت البلد الى ما هي عليه من انهيار وتصدّع نتيجة التكلؤ في محاسبة المرتكبين، عبر تحالف عابر للاصطفافات الحزبية والطائفية يفجّر كل أنواع المحاسبة ويعطّل الإصلاحات المطلوبة لبدء مسيرة التعافي، كقوانين الكابيتال كونترول واعادة هيكلة المصارف واستعادة الأموال المحولة والمنهوبة واستقلالية القضاء، وغيرها الكثير.
وتكشف المصادر أن رسائل وصلت الى مرجعيات سياسية تحذرها من مغبة المضيّ قدما في تعطيل مهمة الوفد القضائي الأوروبي تحت طائلة إجراءات زجرية وصولا حتى العقوبات.
وتشير الى أنه لا بدّ من تفكيك أذرع الأخطبوط المالي – السياسي الذي يؤمن حماية متبادلة تمنع المحاسبة، وتفضح التورط المشترك في انهيار البلد وسرقة أموال المودعين والتعدي على المال العام.
وتذكّر المصادر بالتحقيق الذي أنجزه المحامي العام المالي القاضي جان طنوس، الذي استقال على إثره وصار في الخارج، والذي ثبّت وجود جرائم مالية ارتكبتها شخصيات، من بينها ما يخصّ مرجعا سياسيا كبيرا يُشتبه بتبييضه أموالا بقيمة ١٥٠ مليون دولار!