الحكم بالتعاميم… زاد الأوجاع وفاقم خسائر المودعين

14 تعميماً أساسياً أصدرها مصرف لبنان منذ مطلع العام 2020. أضيف فوقها 10 تعاميم وسيطة، في العام 2021. في الشكل، ظُهّرت القرارات على أنها خدمة للمودعين، ومحاسبة للمصارف المخلّة لاعادتها إلى “الصراط المستقيم”، فيما انعكست في المضمون مزيداً من الانهيار في سعر صرف الليرة واتاحة المجال أمام البنوك للاستنسابية وعدم التقيد بالقواعد والقوانين.

في 3 نيسان 2020 واستجابة لـ”فرمان” السياسة والسلاح أصدر مصرف لبنان التعميمين 148 و149. قضى الأول بتسديد الودائع التي تقل عن 3 آلاف دولار أو 5 ملايين ليرة بـ 2600 ليرة لبنانية مقابل الدولار في الوقت الذي كان فيه السعر الحقيقي للصرف 3000 ليرة. فيما نص التعميم الثاني على خلق “المنصة” لتحديد سعر الصرف بشكل يومي. الهدف كان التخلص من نحو 61 في المئة من الحسابات، التي تعود بغالبيتها إلى رواتب موطنة، بكلفة تصل إلى 340 مليون دولار. أما النتيجة فكانت تضخيم الكتلة النقدية بالليرة وزيادة الطلب على الدولار بشكل مباشر وغير مباشر والامعان في ضرب الليرة.

في 9 نيسان 2020 أصدر مصرف لبنان التعميم رقم 150. وقد أعفى بموجبه البنوك من إجراء توظيف إلزامي لدى المركزي مقابل الأموال المحولة من الخارج و/أو الأموال التي تتلقاها نقداً بالعملات الأجنبية بعد تاريخ 9/4/2020 بشرط ترك حرية استعمال هذه الأموال للعميل إيداعاً سحباً وتحويلاً. هذا التعميم ميّز رسمياً للمرة الاولى بين الاموال الجديدة “الفريش” والقديمة “اللولار”، قائلاً بصورة مباشرة أنه من المستحيل استعادة الاموال القديمة بالدولار.

في 21 نيسان 2020 أصدر مصرف لبنان التعميم الأشهر 151. التعميم الذي تزيّنت به الصرافات الآلية وأصبح على كل شفة ولسان سمح لاصحاب الودائع بالدولار الذين لا يستفيدون من التعميم رقم 148، اجراء سحوبات وفقاً لسعر السوق (2600 ليرة وقتها). وترك للبنوك حرية تحديد السقوف. هذا التعميم الذي سرعان ما طور إمكانية السحب على 3900 ليرة، ومن ثم 8000 ليرة مؤخراً، كان بحسب الخبراء التمهيد لتحرير سعر الصرف رسمياً.

في 19 آب 2020 وأمام تعالي صرخات ذوي الطلاب الذين يتعلمون في الخارج، من تجني المصارف، ورفضها تحويل مبالغ مالية من حساباتهم لأولادهم، اصدر المركزي التعيم 153. وقد طلب من المصارف القيام بعمليات تحاويل أموال إلى الخارج من حسابات عملائها الجارية بالعملة الأجنبية لتأمين أقساط التعليم وبدلات الايجار وكلفة المعيشة للطلاب. شرط أن يكونوا مسجلين في مؤسسات تعليمية ومقيمين في الخارج قبل نهاية 2019، وألا يتعدى السقف 10 آلاف دولار أميركي.

في 27 آب 2020 أصدر مصرف لبنان التعميم “الاشكالي” 154، الهادف لاعادة تفعيل عمل المصارف. وقد انقسم إلى شقين رئيسيين: الاول، الطلب من المصارف “حث” عملائها على ارجاع ما بين 15 و30 في المئة من الأموال المحولة بعد تاريخ7/2017/ 1 التي تفوق 500 ألف دولار. والثاني، تكوين حساب خارجي حر من أي التزامات لدى المصارف المراسلة في الخارج لا يقل، في أي وقت، عن 3 في المئة من مجموع الودائع بالعملات الأجنبية لديها كما كان في نهاية تموز 2020. وأعطى مهلة لغاية نهاية شباط 2021 لتطبيقه.

في 9 كانون الأول 2020 أصدر المركزي التعميم 155 الذي أعاد تذكير المصارف بتطبيق الدولار الطالبي ولا سيما لجهة تطبيق القانون 193 تاريخ 16/10/2020 على أن يتم تأمين العملات الأجنبية من حساباتها لدى مراسليها في الخارج. وهو إن دل على شيء فعلى عدم التزام المصارف بالتعاميم والقوانين على حد سواء.

خاتمة 2020 كانت مع التعميم 156 الذي اعترف بمخالفة بعض المصارف لأصول تسويق الاسهم التفضيلية الصادرة عنها على أنها مضمونة الفائدة، من دون أن يتم الافصاح عن المخاطر المرتبطة بها. في 10 أيار 2021 أصدر مصرف لبنان التعميم 157 الذي أعاد بموجبه إحياء منصة صيرفة، مشرعاً إياها أمام المصارف والصرافين الافراد والمؤسسات على حد سواء على سعر 10 آلاف ليرة، يتحدد أسبوعياً. في 8 حزيران 2021 أصدر المركزي التعميم 158 الذي سمح باتخاذ اجراءات استثنائية لتسديد تدريجي لودائع بالعملات الاجنبية. وقد قضى التعميم بتسديد 800 دولار شهرياً لاصحاب الودائع بالدولار، 400 تدفع نقداً و400 أخرى بالليرة على سعر 12 ألف ليرة. صدر في 27 تشرين الاول 2021 وهدف إلى تنظيم قيام المصارف بعمليات وخدمات إدارية.

ختام العام 2021 كان مع التعميم “النكبة” 161 الذي سمح لكل عملاء المصارف وأصحاب الرواتب الموطنة سحب أموالهم على سعر منصة صيرفة. الخطوة التي اتخذت بالسراي الحكومي، هدفت لاقفال العام على سعر صرف أقل من 30 ألف ليرة. إلا أنها مثلت دعماً لموظفي الدولة من أصحاب الرواتب الموطنة بالليرة بنسبة تراوحت بين 20 و30 في المئة من أموال المودعين. ولم تعدُ بحسب الخبراء كونها رشوة تخفف الضغط عن فشل المنظومة الحاكمة، وتمثل تشريعاً جديداً للاقتطاع من قيمة الودائع.

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقة«المالكون»: لا تؤجّروا بعد اليوم
المقالة القادمةحمود: إستمرار الأزمة وتغييب الحلول يدفع ثمنهما المودع وحده!