الحكومة أقرّت مشروع قانون مشروطاً بملاحظات الوزراء اللاحقة: تعديلات «غير نهائية» على «النقد والتسليف»

ما لم ترد أيّ ملاحظات من الوزراء على مشروع القانون الرامي إلى تعديل قانونَي النقد والتسليف وإنشاء المصرف المركزي، فإن مجلس الوزراء يرى أنه أنجز مهمّته في تغيير الانتقال نحو قانون أكثر تطوّراً. التعديلات المقترحة في مشروع القانون هي نفسها التي توصلت إليها اللجنة المكلّفة من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وترأّسها مستشاره نقولا نحّاس، لرسم مجموعة من التعديلات لا تمسّ بصلاحيات حاكم مصرف لبنان، ولا ترسي أي تغيير جذري في عمل القطاع المصرفي.

فما ناقشه المجلس، إن كان قد ناقش هذا الاقتراح بشكل جادّ، يندرج في إطار «التسويق» لا أكثر، إذ أقرّ الأمر مشروطاً بملاحظات الوزراء اللاحقة، كما وجّهت الأمانة العامة لمجلس الوزراء كتاباً إلى وزارة المال والمصرف المركزي تطلب رأيهما بهذه التعديلات.

وبحسب نصّ قرار مجلس الوزراء الصادر في 4 كانون الأول 2024، «تبيّن أنه تقرّر إعادة النظر في قانون النقد والتسليف من دون المساس بالهيكلية الأساسية التي تمنح مصرف لبنان صلاحيات واستقلالية وضمانات لكي يمارس مهامه في إطار قواعد الحوكمة والشفافية، وتم تحديد نظاق وإطار التعديلات المنشودة على الشكل الآتي:
– تعزيز الشفافية والاستقلالية والمراقبة في المصرف المركزي.

– تعزيز الحوكمة في مهام الحاكم والمجلس المركزي، وتوسيع إطار الشفافية لجهة نشر المحاضر والقرارات.
– تعزيز استقلالية المجلس المركزي وصلاحياته.
– تعزيز الرقابة على أجهزة المصرف المركزي وتفعيلها.
– تشديد الضوابط على تمويل مصرف لبنان للدولة والقطاع العام.
– تحديد دور المصرف المركزي في التعامل بالودائع الأجنبية.
– تحديث بعض المواد القانونية التي مرّ عليها الزمن».

ومن أبرز التعديلات التي يقترحها المشروع، أن يتم تحديد سعر الصرف القانوني لليرة اللبنانية وفق العرض والطلب في الأسواق، بالإضافة إلى «توضيح» مواصفات تعيين الحاكم ونوابه وشروط التمانع والتضارب، فضلاً عن «التشديد على وجوب تنفيذ قرارات المجلس المركزي ونشر قراراته ومحاضره ضمن حدود القانون». ويتضح أنه جرى التركيز على المجلس المركزي بوصفه محرّك النموذج الاقتصادي الذي يراد له الآن القيام من بين الأموات من خلال إجراءات «قصّ» و«تلزيق» لا تمسّ في جوهر عمله وبنيانه. فما يقترح هو أن يتم استحداث جهاز رقابي جديد في المصرف المركزي يتمثّل في إنشاء هيئة تدقيق مستقلّة عن الإدارة التنفيذية للمصرف المركزي «لمراقبة تقيّد أجهزة المصرف المركزي بالقوانين وقواعد السلوك المعمول بها لديه» بدلاً من أن تكون الرقابة خارج المصرف المركزي كلياً. وجرى حصر تمويل الدولة بأموال المصرف المركزي الخاصة وتوسيع شروط الاستفادة منها، وأن يتم تحديد «وجهة استعمال الاحتياط الإلزامي بالليرة اللبنانية وبالعملة الأجنبية».

تعكس التعديلات المقترحة هاجسَين أساسيّين: منع خلق رياض سلامة جديد، ومنع إقراض الدولة. فأتت التعديلات تجميلية «ليس فيها مساس بالهيكلية الأساسية التي تمنح حاكم مصرف لبنان صلاحيات، واستقلالية، وضمانات»، بحسب ما جاء في الأسباب الموجبة. لذا، سيبقى حاكم مصرف لبنان مطلق اليدين وقائداً أوحد لكل السياسات النقدية والمصرفية، إذ إن المواد الأكثر جدلية في قانون النقد والتسليف بقيت بلا تعديل، مثل المادتين 70 و71. أي لن تتغيّر علاقة الحاكم بالحكومة، وسيبقى الآمر الناهي في الجهاز الإداري في المصرف، فهو الآمر الناهي إدارياً، يعيّن ويقيل الموظفين، ورئيس المجلس المركزي، ورئيس الهيئة المصرفية العليا، ورئيس الأسواق المالية، والمهيمن على لجنة الرقابة على المصارف.

مصدرجريدة الأخبار
المادة السابقة«لا داعي للهلع» بشأن الـ 50$ المزوّرة
المقالة القادمة«قوى الأمن» تسحب أوراق الـ 50$ المزوّرة من السوق