ليس أكثر من الصرخات في لبنان، وآخرها صرخة “جمعيّة الصناعيّين اللبنانيّين” التي أعلنت، يوم الأربعاء الماضي، عن “حالة الطوارئ الصناعيّة”، والتي من المُرجّح أن تكون بلا صدى مثل سابقاتها، خصوصاً أنّ قطاع السلطة، بمكوِّناته كافة، يعرف ويعترف أنّ قطاع الصناعة في وضع حرج، بل في خطر، ورغم ذلك لا يُبالي.
الرعاية الرسمية للقاء الصناعي، الذي عُقِد في فندق البريستول، كانت متوفرة بحضور وزير الصناعة وائل أبو فاعور وكلمته المُفعَمة بالتضامن والوعود.
أمّا المسؤوليّة الرسميّة فقد كانت غائبة كليّاً عن أداء حكومة “إلى العمل” وأخواتها السابقات، بدليل قول الوزير أبو فاعور: “الصناعة في لبنان منكوبة ليس بإرادة الصناعيين والعمال بل بإرادة غياب رؤية سياسيّة تعطي الصناعة المكانة التي تستحقها في ذهن صانع القرار”، وتأكيده أنّ “الصناعة تعمل اليوم من دون حماية ولا رعاية ولا دعم وقسم من الاتفاقيات مع بعض الدول تحتاج إلى إعادة نظر لأنّها غير عادلة وجائرة”.
من جانب الصناعيّين المُتضرّرين والساعين إلى الضغط على الحكومة، قال رئيس “جمعيّة الصناعيّين اللبنانيّين” فادي الجميّل في كلمته، بإسم الجمعيّة: “… على الحكومة وخلال فترة مئة يوم أنْ تباشر بإعداد القطاعات المطلوبة لإنتاجاتنا واحتساب الوقت المحدد سيبدأ من هذه اللحظة…”.
اللافت في إعلان الجمعيّة عن “حالة الطوارئ الاقتصاديّة” أنّ منح الحكومة فترة (100 يوم)، كـ “مهلة صناعيّة”، بدءاً من لحظة الإعلان في 27 آذار 2019، من أجل إنقاذ قطاع الصناعة عبر إقرار سلسلة إجراءات عاجلة ضمن خطة اقتصادية متكاملة، قد جاء بعد مرور (40 يوماً) على “المهلة السياسيّة” الممنوحة “عُرفاً” للحكومة نفسها، أي الـ (100 يوم) الأولى من عمرها، والتي بدأ احتسابها من تاريخ نيلها ثقة مجلس النواب في 15 شباط 2019.
ما الحكمة من منح الجمعيّة “مهلة صناعيّة” للحكومة، طالما أنّ المتبقي من “المهلة السياسيّة” (60 يوماً)، وهو زمن أكثر من كافٍ لقيام الحكومة بإتخاذ ما يلزم من قرارات وإجراءات لحماية الصناعة، وبالتالي النهوض بإحدى ركائز البنية الاقتصاديّة، خصوصاً أنْ لا كلفة لهذا المجهود “العظيم” سوى توفّر الإرادة السياسيّة؟
حتى الآن، أداء وإنتاج حكومة “إلى العمل” خلال “المهلة السياسيّة” يؤشِّر إلى أنّ الحكومة تمضي “عطلة” المئة يوم. وإضافة “المهلة الصناعيّة” إليها سيؤدّي إلى تمديد “العطلة الحكوميّة” إلى (140 يوماً).
مَن لا خير فيه لشعبه لا خير في بقائه في أي موقع كان.