الحكومة ستشكل محاكم خاصة لمكافحة التهريب وجرائم أخرى تقوض الاقتصاد.

أطلق السودان صفارات الإنذار بشأن وضعه الاقتصادي حيث رفع درجة التأهب بإعلان حالة الطوارئ الاقتصادية نظرا للتراجع القياسي في قيمة عملته المحلية خلال الأسابيع الأخيرة بسبب ما اعتبره “تخريبا ممنهجا”.

أعلنت الحكومة السودانية حالة الطوارئ الاقتصادية بعد تسجيل تراجع قياسي في قيمة العملة ما يعقد مهام معالجة اختلالات الاقتصاد، في وقت تتهم فيه السلطات جهات تعمل لصالح النظام السابق بتخريب الأوضاع.

وقال مسؤولون إن السودان أعلن الخميس حالة طوارئ اقتصادية بعد أن تراجعت عملته تراجعا حادا في الأسابيع الأخيرة بسبب “تخريب ممنهج”.

وأبلغ المسؤولون في مؤتمر صحافي متلفز أن الحكومة الانتقالية، التي تدير البلاد منذ الإطاحة بنظام عمر حسن البشير العام الماضي، ستشكل محاكم خاصة خلال الأيام القادمة لمكافحة التهريب وجرائم أخرى تقوض الاقتصاد.

وشهد الجنيه تقلبات حادة في الأيام الأخيرة، مما حدا بكبار موردي الأغذية لوقف توزيع منتجاتهم ورفع أسعار الأغذية بين 50 و100 في المئة في متاجر البقالة والتجزئة.

ويتزامن ذلك مع فيضان غير مسبوق لنهر النيل تسبب في تشريد عشرات الآلاف. وتقول الحكومة إنها خصصت أكثر من 150 مليون جنيه سوداني (2.73 مليون دولار) لمساعدة ضحايا الفيضان، وفقا لوكالة الأنباء الرسمية.

وكانت حكومة البشير حاولت تضييق الخناق على متعاملي السوق السوداء الذين ألقت القبض على عدد منهم، لكن ذلك لم يوقف نشاط السوق. وخُفضت قيمة العملة أربع مرات منذ 2018.

والتضخم في السودان هو الثاني في العالم بعد فنزويلا، حيث قفز المعدل الرئيسي إلى 143.78 في المئة في يوليو من 136.36 في المئة في يونيو.

وقال المسؤولون إن قوات الأمن ستشدد الرقابة على الحدود وفي المطارات لوقف تهريب سلع مثل الذهب.

وأدى الانخفاض المستمر لسعر الجنيه إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع الأساسية والضرورية مما ضاعف من معاناة المواطنين.

ومنذ انفصال جنوب السودان في العام 2011، يواجه السودان أزمة اقتصادية خانقة بعد أن فقد ثلثي إنتاجه النفطي. وفي العام 2012 أقرت الخرطوم خمس حزم لرفع الدعم عن المحروقات ودقيق الخبز، ما أدى إلى سلسلة من الاحتجاجات كان أعنفها في سبتمبر 2013، وأدت إلى مقتل 200 محتج.

ويواصل الجنيه السوداني رحلة انحداره السريع أمام العملات الأجنبية ولاسيما الدولار، الذي بلغ سعره في السوق الموازية الأحد 183 جنيها، فيما يبلغ سعره الرسمي في البنك المركزي 55 جنيها.

وتؤكد وزارة المالية عدم وجود سبب اقتصادي أساسي لانخفاض قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية، ولكنها اتهمت عناصر من نظام الرئيس المعزول بالعمل على تخريب الاقتصاد.

وعزا الجهاز المركزي للإحصاء بالسودان في تقريره الشهري في أغسطس الماضي، ارتفاع التضخم لارتفاع أسعار بعض مكونات مجموعة الأغذية والمشروبات كالخبز والحبوب والزيوت والدهون واللحوم والبقوليات.

وسبق ودفع انهيار الجنيه السوداني الحكومة إلى خيار طباعة فئات نقدية أعلى من المتداولة في السوق لسد الفجوة الكبيرة في التمويل، وسط تفاقم الأزمات الاقتصادية للبلاد بعد عام من رفع العقوبات الأميركية والتي استمرت لعقدين من الزمن.

وأعلن البنك المركزي مع مطلع العام الماضي البدء في طباعة أوراق نقدية من فئات 100 و200 و500 جنيه للمرة الأولى في تاريخ البلاد بهدف إنهاء مشكلة شح السيولة تدريجيا، على أن يتم ضخها في السوق منتصف الشهر الحالي.

وتتهم الحكومة الانتقالية عناصر من النظام السابق بضخ كميات كبيرة من العملة المحلية بعضها مُزور، لشراء الدولار والذهب بأسعار أعلى، بغرض “تخريب” الاقتصاد.

وتنفي وزارة المالية معلومات عن شراء الحكومة كميات كبيرة من النقد الأجنبي من السوق السوداء لتغطية استيراد السلع الأساسية، وقالت إنه “لا صحة لما يُشاع حول شراء الدولة للدولار من السوق الموازية لتغطية احتياجات الدولة من السلع الإستراتيجية”.

واعترف رئيس الوزراء عبدالله حمدوك الشهر الماضي بانفلات أسعار السلع الأساسية نتيجة تردي الوضع الاقتصادي.

وقال للإذاعة الرسمية “نعم فلتت الأسعار من أيدينا، وقد قمنا بعدد من المبادرات لدعم الأسر ومنها دعم مادي يصل إلى 3000 جنيه شهريا للأسرة الواحدة، ولكي لا يعتمد شعبنا على الدعم المالي بادرنا بدعم المنتجين”.

واتهم حمدوك جهات لم يسمها بتخريب الاقتصاد، وقال إن “هنالك جهات تشتري الذهب بأكثر من 10 في المئة من سعره الأساسي، وهذا عمل تخريبي منظم”.

ويُعاني الاقتصاد السوداني جرّاء إدراج السودان على اللائحة الأميركيّة “للدول الراعية للإرهاب” منذ عام 1993 بعد اتّهام وُجّه آنذاك لحكومة البشير بإقامة علاقات مع تنظيمات إسلاميّة “متطرّفة” مثل تنظيم القاعدة التي أقام مؤسّسها وزعيمها السابق أسامه بن لادن في السودان بين الأعوام 1992 و1996.

وتُحاول حكومة حمدوك الحصول على استثمارات غربية مباشرة عبرَ رفع اسم البلاد عن تلك اللائحة الأميركية، في وقت تحذر فيه مؤسّسات اقتصاديّة دوليّة من خطورة الوضع في السودان.

وأكد صندوق النقد الدولي في مارس الماضي أنّه “مع غياب التوازنات الكبرى… فإنّ الآفاق الاقتصاديّة للسودان تُنذر بالخطر”. وأضاف في تقرير مكون من 78 صفحة أن “نسبة الانكماش الاقتصادي بلغت في عام 2018 نحو 2.2 في المئة لتسجل ارتفاعا العام الماضي إلى 2.6 في المئة. وتوقع أن ينكمش هذا العام بنسبة 1.5 في المئة ليبدأ النمو العام المقبل بنسبة 1.4 في المئة”.

وأوصى التقرير حكومة حمدوك بإجراء إصلاحات اقتصاديّة، على رأسها رفع الدعم عن المحروقات.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةبكين تفضل وقف تيك توك في أميركا على بيعه قسرا لشركات أخرى
المقالة القادمةروبوتات مستدامة للتنقيب في أعماق البحار