ضربت الحملة الأمنية المشدّدة على النازحين السوريين صناعة الرغيف في لبنان. وهذه ليست الضربة الأولى، فبسبب الأزمة الاقتصادية، غادر معظم العمال المهرة من أصحاب الإقامات القانونية، وهم من الجنسيتين السورية والمصرية، إلى خارج البلاد. «هؤلاء وجدوا فرص عمل بأجور أعلى خارج لبنان، حيث فتحت خطوط لإنتاج الرغيف العربي»، يقول نقيب اتحاد نقابات الأفران والمخابز نعيم خواجة، وفي المقابل، «بقي السوريون الذين دخلوا البلاد خلسةً، والذين يشكلون الآن العصب الأساس لصناعة الخبز في لبنان، ولا يمكن الاستغناء عنهم، ولا سيّما مع إحجام اللبنانيين عن العمل داخل المخابز بسبب ظروف العمل الصعبة، حيث الحرارة العالية، والعمل البدني الشاق، وساعات العمل الطويلة».
وأمام تهديد الأفران والمخابز بتوقف عملها بسبب ملاحقة مختلف الأجهزة الأمنية، ولا سيّما الأمن العام، للسوريين، سعت نقابتهم لإيجاد الحلول من دون الاضطرار إلى تجديد الإقامات أو استصدارها. وبعد مفاوضات مع المدير العام للأمن العام بالوكالة اللواء الياس البيسري، توصلت إلى اتفاق يقضي بـ«تسليم الأفران الأمن العام جداول تحوي أسماء العمال السوريين العاملين في صناعة الخبز، وعناوين سكنهم، وأرقام أوراقهم الثبوتية من هويات وجوازات سفر في حال وجدت. في المقابل، يغضّ الأمن العام النظر عن هؤلاء ويسهّل في وقت لاحق استصدار إقامات نظامية لهم»، بحسب خواجة الذي أبدى خوفاً من ترحيل هؤلاء إلى سوريا بسبب دقة عملهم في صناعة الخبز، إذ يحتمل توقف بعض المخابز عن العمل في حال غياب عدد من العمال السوريين عنها، ولا سيّما العاملين داخل الأفران.
من جهة ثانية، وفي الآونة الأخيرة، وتنفيذاً لوعد قطعته نقابة الأفران لوزير العمل مصطفى بيرم، حاولت استبدال العمال السوريين بلبنانيين. وللغاية، أعلنت الأفران عبر وزارة العمل عن حاجتها إلى عمال لبنانيين للعمل داخل المخابز في صناعة الخبز، وأغرتهم بأجور تبلغ 450 دولاراً شهرياً، وهي أعلى من تلك التي تدفعها للسوريين، ووضعت 5 أرقام هواتف للراغبين في العمل، إلا أنّ هاتفاً واحداً لم يرنّ. يذكر هنا أنّ مجمل عدد العاملين في الأفران من عمال المخابز والصالات والمحاسبين والموزعين يبلغ 12 ألف عامل، 6 آلاف منهم لبنانيون، والبقية من جنسيات أجنبية، أبرزها السورية.