الحوافز على الطريق.. موظفو الإدارة العامة والمتقاعدون بانتظار الحكومة على باب الدار!

الموازنة معدّلة حتى تغيّر ملامحها بالكامل، عبرت من بوابة المجلس النيابي، وكل فريق نسب لنفسه البطولات، بين صفر عجز بميزان الحكومة، وصفر استثمار بميزان مجلس النواب مع شطب الكثير من الضرائب والإبقاء على كثير آخر.

ومع عبورها يترقّب موظفو القطاع العام بكل شرائحهم من الإدارة العامة إلى الأسلاك العسكرية والأمنية وصولاً إلى المتقاعدين، الحوافز والمساعدات الاجتماعية التي ستقرّها الحكومة وهي حتى الساعة تتكتم عليها وسط كمّ من المقترحات التي يبدو أنها لا ترضي أي طرف من المعنيين لا سيما بعدما تآكلت رواتبهم بفعل الانهيار المالي وضياع جنى العمر في المصارف، بالإضافة إلى احتساب الرواتب على ألف وخمسمئة ليرة للدولار فيما الضرائب باتت تُحتسب على تسعة وثمانين ألفاً، ما جعل الموظّف مهما علت رتبه يتقاضى عشرات الدولارات من أصل راتب كانت يبلغ أربعة أو خمسة آلاف دولار شهرياً.

ولأن السلطة ليست موضع ثقة، استبق موظفو الإدارة العامة اجتماع مجلس الوزراء لإقرار الحوافز والزيادات، معلنين الإضراب والتوقف عن العمل بدءًا من اليوم استعداداً لما قد تفرضه المواجهة لتحصيل جزء بسيط من الحقوق تحسّن ظروف حياة الموظف وأسرته.

مصادر في تجمع موظفي الإدارة العامة قالت لـ “ليبانون فايلز”: “إن ما يعرض علينا غير مقبول بكل المقاييس وهو عبارة عن ثمانين دولاراً لموظف الفئة الثالثة لأن الحوافز تحتسب على أساس الراتب، مشيرة إلى أن بعض موظفي الإدارة محظيون برواتب خيالية منذ البداية، ومع الزيادات المعطاة يصبح الهامش كبيراً جداً وظالماً، بالإضافة إلى أن بدل الإنتاجية سيدفع عن عشرين يوم عمل في الشهر، فإذا تغيّب الموظّف يوماً واحداً يضيع حقه كاملاً ببدل الإنتاجية عن تسعة عشر يوماً”، وتطالب المصادر الحكومة بحل عادل وثابت لكل الموظفين بكل فئاتهم ورتبهم، وبدمج كل المنح والمساعدات الاجتماعية بأساس الراتب لأن الموظف عندما يُحال على التقاعد يكون راتيه أحد عشر دولاراً مع قلّة قليلة يبلغ راتبها ثمانين دولاراً”.

وأوضحت المصادر أن الإضراب يأتي للمطالبة: أولاً بتصحيح الرواتب والأجور. ثانياً عدم الربط أي زيادة بالحضور إلى الوظيفة. ثالثاً: العدالة بين موظفي الإدارة العامة والآخرين، وبين موظفي الإدارة العامة أنفسهم.

وتستهجن المصادر اقتراح رئيسة مجلس الخدمة المدنية الذي يقضي بمنح الموظف بدل نقل عن أربعة عشر يوماً في مقابل الحضور إلى الوظيفة لاثنين وعشرين يوماً، وهو اقتراح لا يمكن أن يصدر عن رئيسة مجلس الخدمة المدنية لأنه مشوب بالكثير من الثغرات وقيم الرواتب وتوزيع الحوافز”. وترفض المصادر المبالغ التي تُمنح للمتقاعدين وتقسيطها رغم أن كل ما يعطى لا يكفي لأيام قليلة.

مصادر المتقاعدين العسكريين أكدت لموقعنا “أنها قد منحت الحكومة مهلة حسن نية لتحافظ على الحقوق المكتسبة للمتقاعد والتي تعطيه 85% من قيمة راتبه قبل التقاعد. ومع منح الجندي في الخدمة الفعلية سبعة رواتب كان نصيب المتقاعد ستة أضعاف ما يعني انتقاصاً من حقوقه المنصوص عليها في القانون”.

وأكدت المصادر “أن أي مساس بها سيدفع نحو التصعيد مجدداً، مشيرة إلى أنها ستواكب جلسة مجلس الوزراء التي ستُقر الحوافز من خلال تحرك سلمي في محيط السرايا الحكومية وستتجه إلى التصعيد في ما لو لمسنا أي تعدٍ على حقوقنا”.

بين أصحاب الحقوق والسلطة مسافات واسعة، فرئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان كشف عن تخصيص اعتماد بقيمة تسعة وعشرين ألف مليار ليرة لتحسين الرواتب، مشيراً إلى التوجّه نحو إعطاء الموظفين أربعة أشهر إضافية، إلّا أن مصادر لصيقة برئيس الحكومة استغربت هذا الكلام وقالت لموقعنا: “نحن ننتظر أن تصدر الموازنة بصيغتها النهائية ليبحث مجلس الوزراء جدياً في تقديم حوافز ومساعدات لموظفي الإدارة العامة والأسلاك العسكرية والمتقاعدين”. وإذ رفضت الخوض في التفاصيل كي لا تدخل الحكومة بسجالات مع المعنيين، قالت “إن هناك طروحات عديدة تقوم على تحسين القدرة الشرائية للموظف من دون الإخلال بالميزانية العامة، تنطلق مما تسمح به المداخيل، ومما تؤكد عليه الحقوق المشروعة لكل موظف أو متقاعد، نافيةً أيّ قدرة على إعداد سلسلة رتب ورواتب جديدة سائلةً من أين نأتي بتمويلها”؟.

وتوقفت المصادر عند معضلة عدم ثبات سعر الصرف إذ عند أي خلل، أو تدهور بسعر العملة الوطنية ستتراجع القيمة الشرائية للرواتب والحوافز، وقالت “إن الحكومة ستقر هذه الحوافز فور الانتهاء من قانون الموازنة بصيغته النهائية متوقعة أن تعقد اجتماعها مطلع الأسبوع المقبل”.

وعليه، على موظفي الإدارة العامة والأسلاك العسكرية والمتقاعدين إنتظار الحكومة “على باب الدار” على ما يقول المثل الشعبي.

مصدرليبانون فايلز - جاكلين بولس
المادة السابقةموازنة 2024 “صفر إنجاز اقتصادي” وتفتقر الى مشاريع تنموية على المستوى الوطني
المقالة القادمةكرة نار بين يدَي منصوري فهل يعدل التعميم ١٥١بعد استنكاف المجلس النيابي؟