الخزينة تخسر إيرادات أرباح المصارف

ع بروز مؤشرات توحي الى أنّه سيُصار الى تعديل الخطة الحكومية، مع الأخذ في الاعتبار معالجة بعض الثغرات من أهمّها ضمان حماية واستمرارية القطاع المالي، تعود الى الواجهة مسألة دور القطاع المصرفي وتداعيات أي وهن يصيبه.

شكّل اعلان بنك لبنان والمهجر لنتائجه المالية المدققة للعام 2019، محطة بارزة على اعتبار انّ المصارف لم تعلن حتى الآن عن نتائجها.

وفي قراءة سريعة لمضمون النتائج يمكن استخلاص وقائع، قد تكون معروفة لكن مفاعيلها ستكون واضحة على الوضع الاقتصادي، وعلى مالية الدولة. وعلى الرغم من أنّ المصرف حقق ارباحاً بلغت 115.411 مليون دولار أميركي، بانخفاض نسبته 77.44% مقارنة مع العام 2018، إلّا أنّ اللافت انّ النسبة الاكبر من الربحية تحققت من خلال عمل الوحدات الخارجية للمصرف، خصوصاً وحدات المصرف في مصر.

هذا الواقع يؤكّد انّ كل المصارف التي لا تملك وحدات في الخارج لم تحقق اية ارباح في 2019. ولكنه يثبت ايضاً، انّ المصارف اللبنانية ورغم النكبة التي اصابتها جراء الأزمة التي وقعت فيها الدولة اللبنانية، لا تزال قادرة على العمل وتحقيق أرباح في الخارج، بما يؤكّد استمرار الثقة بها في البلدان التي تعمل فيها. وهذا الامر من الايجابيات التي يمكن البناء عليها في المستقبل.

في المقابل، هناك سؤال مطروح حول ايرادات الدولة اللبنانية، التي ستتراجع بشكل كبير بسبب التراجع في ارباح القطاع المصرفي.

ومن المعروف انّ المصارف كانت تساهم بحصة اكبر من حصّتها في الاقتصاد الوطني. اذ كان القطاع يساهم بنسبة 60% من ضریبة الدخل و 33% من الضریبة على رؤوس الأموال المنقولة و 20% من عائدات الضریبة على الرواتب والأجور.

الى ذلك، لعب القطاع المصرفي دوراً محورياً في تمويل الدولة والقطاع الخاص. ومن خلال مراجعة ملف القروض المصرفية، يتضح انّ قروض الاسكان استحوذت على النسبة الاعلى من القروض.

في السنوات الماضیة ساهمت المصارف بشكل رئیسي في توفیر قروض الإسكان للبنانیین، وبینها قروض لموظّفي القطاع العامن كالجیش وقوى الأمن الداخلي والقضاة وموظفي الإدارات العامّة. وفي السنوات العشر الأخیرة كانت هذه القروض إحدى الوسائل القلیلة المتوفرّة لتخفیف سرعة الانكماش الاقتصادي وتحفیز الاقتصاد وخلق فرص النموّ، في الظروف الصعبة التي كانت قائمة.

سنة 2019 ، كان حجم القروض الإسكانیة، من المصارف أو بمشاركتها، یتضاعف كما یزداد باضطراد عدد المستفیدین منها.

في آخر آذار 2020 كان مجموع القروض السكنیة من كل الفئات یعادل 11,7 ملیار دولار أمیركي، ووصل عدد المستفیدین من القروض إلى 123,5 ألف مقترض، بعد أن تجاوز 129 ألف مقترض في نیسان 2018.

من جهة أخرى، ساهم القطاع المصرفي في تمویل المشاریع الصناعیة والزراعیة والسیاحیة والتكنولوجیة، وبینها القروض ذات الفوائد المدعومة من مصرف لبنان وكفالات والبنك الأوروبي للاستثمار وسواها من المؤسّسات الدولیة.

بلغت هذه القروض في أیلول 2017 حوالى 7,3 ملیارات دولار، وقد توزّعت على القطاعات الاقتصادیة وفقاً للنسب التالیة:

59% مشاریع صناعیة مجموعها 4,3 ملیارات دولار

29,6% مشاریع سیاحیة مجموعها 2,17 ملیار دولار تقریباً

11,4% مشاریع زراعیة مجموعها 834,3 ملیون دولار.

الاستثمارات المصرفية

استثمرت المصارف اللبنانیة القسم الأكبر من موجوداتها بالعملات الأجنبیة في القطاع العام اللبناني، أي بشكل إیداعات في مصرف لبنان وتوظیفات في سندات الدولة اللبنانیة (الیوروبوندز). یضُاف إلى ذلك تسلیفات للقطاع الخاص وإیداعات متناقصة في المصارف الخارجیة تسهیلاً للتجارة الخارجیة.

وعندما اشتد الطلب على العملات الأجنبیة في أجواء فقدان الثقة بالإدارة السیاسیة والمالیة في لبنان، وما استتبع ذلك من خروج للرسامیل من البلاد، اضطرّ مصرف لبنان إلى الاستعانة بودائع المصارف بالعملات الأجنبیة لدیه. فقد كان بحاجة متزایدة لتلبیة الطلب على العملات الأجنبیة، والاستمرار في الدفاع عن سعر صرف اللیرة اللبنانیة، وتمویل العجز الكبیر في المیزان التجاري وتسدید مستحقاّت «الیوروبوندز» عند الاقتضاء، إضافة إلى متوجّبات أخرى بالعملات.

المصدر: الجمهورية
المادة السابقةالمنتجات تخرج من مخابئها بعد الدعم
المقالة القادمة“بلديات لبنان في خطر”