الخصخصة اليوم ومهما كان الثمن!

في عام 2019 ظهرت مجموعة من الخبراء الماليين على تويتر للنظر في الانكشاف الإجمالي للقطاع المصرفي اللبناني على التعثر الحكومي. وطالبوا بإعدام المصرفيين في ساحة الشهداء. تلك المجموعة التي تسمى NERDS تبددت لاحقًا بسبب إهمالها المتعمّد للوضع السياسي في إيصالنا إلى ما نحن عليه اليوم. وأحجمت عن الإشارة الى الطبقة السياسية والوضع الجغرافي – السياسي المحيط بلبنان .

إثر السطو على أصول الدولة اللبنانية لسنوات عديدة، لم يكن لدى السياسيين مكان آخر يذهبون إليه لتمويل عجزهم الضخم . لذا تفاقم الفساد الذي كان يمثّل سابقا 10% الى 50% من الإنفاق الحكومي. مع توقف تدفق التمويل باتت نفس كعكة الانفاق أصغر، ومن هنا حدثت أكبر سرقة في تاريخ أمة، فقد نهبوا الشعب والشعب أعمى! ازداد الفساد إلى مستوى غير مسبوق في السنوات القليلة الماضية. لأنه ببساطة عندما لا تتمكن من الإنتاج وجذب الاستثمارات ولا يمكنك الاقتراض، تتجه الى السرقة لا محالة.

لذا فإن معظم أصول الدولة في وضع سلبي. التعزيز السلبي (Negative Gearing) هو مصطلح شائع الاستخدام لوصف الموقف الذي تكون فيه النفقات المرتبطة بأصل (بما في ذلك مصاريف الفائدة) أكبر من الدخل المكتسب من الأصل.

لكن من أين حصلت الحكومة على هذا الدخل الإضافي لضمان استمرار عمل الأصول؟ سابقاً كانت تقترض المال فتراكم الدين العام اللبناني حتى باتت قيمته أكثر من 97 مليار مليار دولار مستحقة على كل مواطن للأجيال القادمة. فاذا ما تمت قسمة الدين على عدد الشعب (على سبيل المثال 6 ملايين)، يستحق على كل مواطن لبناني 16 ألف دولار اميركي في دولة قد انخفض فيها متوسط الدخل الى 40 دولاراً بالشهر (880 دولاراً في السنة). مما سوف يتطلب من المواطن العادي 32 سنة لتسديد حصته من الدين العام، أي حياة طويلة الأمد مليئة بالبؤس والفقر.

إذا اقترضت الدولة نيابة عنك ونيابة عني، وتركت لكل واحد منا 16،000 دولار من الديون للسنوات الـ 32 القادمة، ألا تكون الدولة مسؤولة عن السداد من أصول الدولة التي نملكها أنا وأنت؟ لماذا النفاق بالقول إنه لا يمكن إعطاء أصول الدولة للدائنين؟ عندما تقترض الدولة وتنفق، يفترض أنها أنفقت علينا جميعاً. إذن أليس كل مواطن مسؤولاً عن اعادة سداد الديون؟

هل تثق أن الدولة التي تم عزلها من سوق المال العالمي وتتحرك بوتيرة شديدة البطء مع طلب أموال شحيحة من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، بعدما نهبت لان حكامها الجدد (الشيعية السياسية) غير قادرين على الحصول على أموال، تستطيع أن تقوم لوحدها ومن دون أية مساعدة؟ هل تعتقد أن السرقة سوف تنتهي؟ لا بل ستزداد السرقة أكثر باساليب كثيرة ابرزها الموازنة التي تزيد الضرائب على الناس من دون اعطائهم خدمات في مقابلها وهذه هي السرقة بعينها.

وهل تعلم لماذا يريدون إبقاء الموجودات في كنف الدولة؟ ليس لأنها ذات قيمة أو مربحة، لكن لأنهم يستطيعون الاستمرار في نهبها. هكذا يعيش النظام على نهب موارد الدولة ومؤسساتها. ان مصالحهم الوطنية مختلفة عن تعريفك لمصطلح المصلحة الوطنية.

ان الخصخصة بدولار واحد هي دائما أفضل من الاستمرار في تراكم الديون. تسمى استراتيجية وقف الخسارة! استيقظ يا لبنان! اذا لم تصوت لصالح الخصخصة المباشرة للأصول، فربما يجب عليك التفكير في خصخصة إدارة تلك الاصول.

مصدرنداء الوطن - سمر قزي
المادة السابقةما هو السعر الحقيقي للدولار؟
المقالة القادمةالتعويض عن خسائر الودائع يتحمَّلها الجاني لا الضَّحيّة