إعتبر وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل أنّ “مشروع موازنة 2023 الّذي يُناقشه مجلسُ الوزراء قد أصبح في نهايته، وهو استكمالٌ لعمليّة التّصحيح والتعافي الماليّ الّتي بدأت مع إقرار موازنة عام 2022 والتي تبعتها إجراءاتٌ تنفيذيّة عدّة، وأدّت إلى تعزيز الواردات المرتقبة لعام 2023 إلى نحو 8 – 9% من الناتج المحلّيّ بعدما كانت مُقدَّرة بحو 6% من الناتج المحلي عام 2022”.
وقال الخليل في اجتماع عملٍ عُقِدَ في وزارة الماليّة ضمّه وممثل صندوق النقد الدوليّ في لبنان فريديريكو ليما مع وفدٍ من الصندوق للبحث في مواضيعَ تناولت الإدارة المالية ومشروع موازنة العام 2023: “فعلى الرغم من أنّ إنجاز مشروع الموازنة لعام 2023 وعرضه على مجلس الوزراء يأتي مُتأخّراً ومن خارج المهل الدستوريّة، إلّا أنّ أهمّيّته تكمن في استكمال الاجراءات التصحيحيّة وتقليص التّشوُّهات والفجوات الناتجة عن تعدُّد سعر الصّرف في الاقتصاد والتي من شأنها تعزيز الواردات، ما يُساهم في استعادةِ الموارد لصالح الخزينة العامّة”.
وأوضح الخليل أنّ “الموازنة لم تفرِض ضرائب جديدة على كاهل المواطن كما يرى البعض، ولكنّها تصحّح قيم بعض الضّرائب والرسوم والتراخيص التي أصبحت زهيدةً جداً بحيث لا تُغطّي كلفةَ الخدمات المقدمة في ظلّ تدهورِ سعر الصّرف، ما أوجب تصحيحها”.
ولفت إلى أنّ العبءَ الضريبيّ قد انخفض من 16% ما قبل الأزمة إلى 4% مقدّر في 2022، بل العكس، فإن تكييف السياسات الضريبية مع نسب التضخم تمنعُ تحميلَ المكلّفين أعباء إضافيّة من جرّاء التقلبات المكرو-اقتصادية (Indexation).
كما وأنّ مشروع الموازنة 2023 يتطرّق إلى إعادة تقييم الأصول والمخزون، وغيرها من الاجراءات التي تهدف الى تصحيح أثر تدهور سعر الصرف على المكلفين”، مضيفاً أنّ “مشروع الموازنة يأتي أيضاً لتصحيح قيم بعض الضرائب والرسوم والتراخيص التي أصبحت متدنيةً في ظلّ تدهور سعر الصرف، كما أنَّ بعضَ الرُّسوم المستوفاة لقاء خدمةٍ ما، أصبحت ما دون كلفة الخدمة المقدّمة، ما يدعو إلى تصحيحها”.
أضاف الخليل أن “مشروع الموازنة تتطرّق أيضاً إلى تعزيز الالتزام الضريبي والحدّ من التهرّب كما وتوسيع القاعدة الضريبية من خلال استهداف القطاع غير الرسمي الّذي اتّسع في الاعوام الاخيرة نتيجة الازمة واقتصاد الـcash economy وذلك، مثلاً، من خلال تصحيح قيم الغرامات الّتي لم تعُد توفي الغرض الّذي وجدت لغايته لاسيّما تحفيز الالتزام الضريبي”.
وردّاً على ما يُقال إنّ موازنة 2023 خالية من الاصلاحات المرجوّة، أكّد وزير المال في حكومة تصريف الأعمال أنّ الوزارة “إلى جانب إنهاء مشروع موازنة 2023 والسير بالعمل بتحضير مشروع موازنة 2024 ضمن المهل الدستورية، وبالرغم من كل العقبات من ناحية الاوضاع المعيشية لموظفي القطاع العام وصعوبة التزامهم بدوام عمل مستمرّ، كما الشّحّ في الامكانات التكنولوجية والإداريّة المتاحة وعدم توفّر البيانات المالية، تجهد إلى وضع مشروع قانونٍ مُستقلّ يرمي إلى إستكمال الاصلاحات الضريبية والمالية المطلوبة والتي تُساند وتنسجم مع برنامج الحكومة للإصلاح الماليّ والاقتصاديّ”.
وتجدر الإشارة إلى أنّ الاصلاحات المقترحة تندرج أيضاً من ضمن توصيات صندوق النّقد الدوليّ وغيره من الجهات الداعمة في تقاريرها الناتجة عن البعثات التقنية التي قيّمت الوضع المالي خلال السنتين المنصرمتين”.
وأشار الخليل إلى “أنَّ مشروعَ الموازنة 2023 يأتي أيضاً تزامنا مع سياسة السلطات النقديَّة في ما يخصّ تمويل الخزينة بحسب الخطّة النقدية التي أعرب عنها نواب حاكم المصرف المركزي يهدف الى ضبط العجز وتعزيز الواردات وتمكين قدرات الخزينة التمويليَّة”، مُعتبراً أنَّ استعادةَ القدرة التمويليَّة للخزينة، إلى جانب مساهمتها في تأمين الاستقرار الماليّ والنقديّ، ومساندة السلطات النقدية في الحفاظ على استقرار سعر الصرف، من شأنها المساهمة في تمكين العدالة الاجتماعية ومساندة الفئات المهمّشة (من خلال إعادة توزيع المداخيل ومن خلال تعزيز الانفاق الاجتماعيّ)، كما والسَّير بالعمل بإصلاح القطاع العام وتفعيل الادارة العامة وتأمين الخدمات للمواطنين بطريقة مجدية”.
وشدّد أن “أهمّ الاولويّات الحفاظ على ما سعت اليه السلطات المالية والنقدية من استقرار ما، خلال الاشهر الاخيرة، على خلفيَّة الاجراءات المتّخذة، وإن كان ما زال غير محصّن وعرضة للتقلّبات، وخصوصاً في غضون المرحلة المقبلة”، لافتاً إلى إنّ تعزيز الثقة هو الركيزة الاهم لبناء اي استقرار مستدام”.
وأمل أن “يكون نقاش مشروع الموازنة 2023 بناّءً وبعيداً من التجاذبات السياسية، إذ إنَّ إقرار موادّه الاصلاحية سوف يسمح باستكمال ورشة النهوض والتعافي المالي ويساند في تحصين السلطات المالية والنقدية في مواجهة المخاطر والعقبات التي ما زالت قائمة وعديدة”.