الدعم المشروط بإصلاح هيكليات الدولة والمالية

حسمت السلطة ممثّلة بالحكم والحكومة والمجلس النيابي أمرها، بضرورة التقشّف بالإنفاق ووقف ما كان يُسمّيه وزير المال الأسبق في حكومة الرئيس الراحل عمر كرامي الياس سابا “الدلع على المال العام”، بحيث تُقفل مزاريب الهدر في عشرات الأبواب وتقدّر قيمتها بمئات المليارت، لكن المشكلة لا زالت تكمن في عدم وضع هيكلية واضحة للمالية العامة وللإدارة العامة، على ما يقول مصدر وزاري بارز لموقعنا، كان في صلب مفاوضات ترشيق الموازنة ووضع السياسات العامة للحكومة والمالية.
وفي هذا الصدد، يقول المصدر الذي واكب أيضاً اجتماعات الوفود اللبنانية النيابية والوزارية في واشنطن ونيويورك في الأسبوعين الماضيين إن الدعم الدولي للبنان متوافر شرط حصول إصلاحات حقيقية وجوهرية وليس صورية أو شكلية وإقران القول بالفعل، سواء في الإدارة أو المالية العامة لإنعاش الوضع الاقتصادي، وإذ لم تحدّد الجهات الدولية تفاصيل دقيقة لنوعية الإصلاحات وحجمها والقطاعات التي ستتناولها، كان واضحاً تركيزها أولا على عجز الكهرباء باعتباره الحجم الأكبر من نسبة العجز.
ويؤكد المصدر أن الجهات الدولية بما فيها الدول المشاركة في مؤتمر “سيدر” عينها على لبنان وما تقوم به الحكومة من إصلاحات، موضحاً “أن هذه الجهات تطالب بالإصلاحات في لبنان منذ زمن طويل وليس الأمر مستجداً، وطالما طالبت بوضع هيكلية واضحة لكل العمل الإدراي والمالي وتفعيل المؤسسات لا سيّما المؤسسات الرقابية لتمارس دورها بفعالية، وتطوير كل القطاعات الانتاجية، وإيجاد فصل بينها وبين المؤسسات الإدارية الأخرى، وإيجاد قوانين واضحة بما يلبّي طلب تحقيق الشفافية التامّة.
ولا يرى المصدر سبباً وجيهاً لتأخير عرض الموازنة على الحكومة ومناقشتها وإقراراها وإحالتها إلى المجلس النيابي بالسرعة المطلوبة، ويقول: “في حال كانت أرقام الموازنة مرتفعة وبحاجة إلى نقاش لخفضها، فإن التسريبات عن أبواب الإنفاق وحالة الغموض التي سادت لدى رئيس الحكومة ووزير المال بداية الأمر، أدّت إلى مفاعيل عكسية لدى الرأي العام المحلي والدولي، وكان من الأجدى طرح الموازنة بكلّيتها على مجلس الوزراء لتتم ماقشتها وليس تهريبها وتسريبها أجزاء أجزاء.
والآن ، وبعد الذي حصل وما وصلت إليه أحوال البلاد، فالسؤال الذي يطرحه بعض المشتغلين بالوضع المالي والاقتصادي، لماذا تصرّ الإدارة السياسية والتي أمسكت بالوضع المالي والاقتصادي منذ أكثر من 25 سنة، على ممارسة السياسات ذاتها التي انتهجتها وأثبتت عدم نجاحها، لا سيّما أنها لم تتحسّب لظروف المنطقة المعقّدة وراهنت على سلام في الشرق الأوسط ثبت منذ مفاوضات ومؤتمرات مدريد وأوسلو مطلع التسعينيات وواي بلانتيشن أو واي ريفر(1998) في أميركا، وجنيف، أنها عقيمة ولا تؤدي إلى السلام المنشود بسب تعنّت إسرائيل ورفضها الإقرار بحقوق الشعب الفلسطيني؟
ولماذا لم تستمع هذه الإدارة السياسية والمالية والاقتصادية إلى نصائح وخطط ومقترحات خبراء وأطراف آخرين قُدّمت منذ سنوات طويلة مشاريع حلول مستقبلية لكلّ الأزمات التي نعيشها اليوم؟
لقد بات واضحاً أن أي دعم دولي للبنان بات مشروطاً بإجراء الإصلاحات الهيكلية في الإدارة والمالية، وما لم تحسم الحكومة أمرها بسرعة إنجاز هذه الإصلاحات سيبقى لبنان يتخبّط بأزماته ولن يعود الخارج يلتفت إلينا.

مصدرlebanonfiles
المادة السابقةانور الخليل: اؤيد خفض رواتب النواب والوزراء ونرفض المس برواتب الموظفين
المقالة القادمةضبط حدود لبنان بات جزءاً من امتثاله للعقوبات !