الدعم بالدولار مستمر من جيوب المودعين

ما زال الدعم على استيراد المشتقات النفطية والأدوية وبعض المواد الغذائية مستمراً لغاية اللحظة، ولو بنسب متفاوتة. باستثناء مادة المازوت، يدعم مصرف لبنان بدولارات على سعر المنصة 85 في المئة من استيراد البنزين (نستورد بحدود 120 مليون صفيحة سنوياً، بحسب الدولية للمعلومات) والغاز المنزلي والصناعي بشقية “البوتان” و”البروبان”. وهو يؤمن للمستوردين الدولار على سعر أقل من سعر السوق السوداء. كما يدعم مصرف لبنان بشكل كامل استيراد القمح بمبلغ وصل خلال 2021 إلى 129 مليون دولار. ويؤمن لمستوردي الأدوية حوالى 420 مليون دولار (35 مليون دولار شهرياً) على سعر الصرف الرسمي لاستيراد أدوية الأمراض المزمنة والمستعصية والمستلزمات الطبية. يضاف الى ذلك الدعم شبه اليومي لسعر الصرف عبر تدخل مصرف لبنان للجم صعود الدولار، اضافة الى الدعم المقدم لقطاعي الكهرباء والاتصالات.

215 مليوناً للكهرباءفي الشق المباشر أيضاً، فان مشروع موازنة 2022 كما خرجت من قصر بعبدا يتضمن دعماً لـ”كهرباء لبنان” بقيمة لن تقل عن 215 مليون دولار. فالرئيس ميشال عون اقترح توزيع ثلثي المبلغ المخصص لتسديد فوائد لـ”المركزي” والمصارف عن سندات الخزينة بالليرة، البالغ 6400 مليار ليرة إلى كهرباء لبنان أي 4266 مليار ليرة. وبما أن المبلغ سيخصص لشراء الفيول، فانه سيتحول إلى الدولار عبر مصرف لبنان. أما القيمة النهائية للدعم فستحدد بناء على سعر الصرف المعتمد.

إضافة إلى الدعم المباشر تتضمن موازنة 2022 ما يقارب 4 تريليون ليرة (4000 مليار) دعما غير مباشر على شكل مساعدات لموظفي القطاع العام بقيمة 2.6 تريليون ليرة ومنظمات المجتمع المدني بقيمة 1.4 تريليون ليرة”، بحسب رئيس الجمعية الاقتصادية اللبنانية الدكتور منير راشد. وسيضاف إلى هذا المبلغ تخصيص ثلث مبلغ 6400 مليار ليرة آنف الذكر، أو ما يعادل 2133 ملياراً لزيادة معاشات القطاع العام، كما اقترح رئيس الجمهورية.

إضافة إلى بنود المساعدات العديدة للقطاعين العام والخاص المدرجة في الموازنة، تتضمن جداولها ثلاثة بنود للدعم: الأول للخبز لم تحدد قيمته، والثاني للشمندر السكري لم تتحدد قيمته أيضاً، والثالث للمحروقات بقيمة 1800 مليار ليرة. وقد برر هذا الدعم في بيان التبويب تحت عنوان “المساعدات لغير القطاع العام” بـ: “تسديد قيمة الفرق بين سعر الدولار بحسب منصة صيرفة والسعر المعتمد في جدول ترتيب الاسعار المحدد بـ 8000 ليرة لبنانية الناجم عن تغطية دعم المحروقات، من بنزين ومازوت وغاز منزلي ومقدمي الخدمات وصيانة معامل الكهرباء”.

“الغريب في بند الدعم هذا، أنه يحتسب الفرق بين سعر صيرفة والسعر 8000 المعتمد في جدول تركيب أسعار المحروقات، فيما كل الدعم على المحروقات أصبح على سعر صيرفة”، يقول رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق د. باتريك مارديني. هذا أولاً، أما ثانياً فان “الجمع بين دعم المحروقات ومقدمي الخدمات وصيانة معامل الكهرباء يوحي بدعم المحروقات لهذه الفئات على أساس سعر صرف 8000 ليرة. فهل هذا هو المقصود؟!”. مع الاشارة إلى ان احتساب المبلغ على أساس 8000 ليرة يساوي 225 مليون دولار.

“لم يعد هناك أي مبرر لاعتماد سعر صيرفة لدعم استيراد المحروقات. فلنسعر بالدولار بين المستوردين والمحطات، وليحتسبوا السعر في الأخيرة بالليرة على أساس سعر الصرف اليومي”، برأي مرديني. “فاذا كان الدعم غير مكلف كثيراً حالياً بسبب تقارب سعر الصرف وصيرفة، فهو قد يصبح 10 آلاف ليرة في المدى القريب إذا ارتفع سعر صرف السوق السوداء”.

“أما الكهرباء فحدث ولا حرج عن مساوئ دعمها الذي انتج 48 مليار دولار عجزاً، والنتيجة لا كهرباء. والحل بوقف الدعم فوراً وليس باستبدال المبالغ المخصصة للفوائد بالموازنة لتغطية عجز استيراد المحروقات. “الأمر نفسه ينسحب على قطاع الاتصالات. الذي عاش طوال العقدين المنصرمين على تعرفة مرتفعة جداً من جهة، وتحملت الدولة النفقات الاستثمارية من الجهة الثانية.

الدعم بالتعميم 161″في الأثناء، يستمر مصرف لبنان بدعم الرواتب والأجور لموظفي القطاعين العام والخاص والسحوبات والتحويلات لمودعي المصارف أجمعين من خلال التعميم 161. والكلفة المتوقعة لهذه العملية ستتجاوز 1.5 مليار دولار خلال شهري كانون الثاني وشباط الحالي، وهي ستعمق الخسائر كلما استمرت أكثر. ولم يكن الغاية منها أكثر من تسهيل اقرار الموازنة وتبسيط المباحثات مع صندوق النقد الدولي. فتمت التضحية بما تبقى من حقوق للمودعين في مصرف لبنان. والمشكلة الأكبر أن هذه السياسة غير مستدامة وستؤدي فور توقفها إلى قفزة بسعر صرف الدولار كبيرة جداً”.

مصدرنداء الوطن
المادة السابقة«مالكو معامل تعبئة الغاز»: لمنع سير المركبات غير المرخّصة على الطرق العامة
المقالة القادمةالذهب أمام خيارين: الإهدار أو الاستخدام للتعافي