أخيراً تم رفع الدعم، الذي لا يقدم ولا يؤخر، عن حليب الأطفال وأدوية الأمراض المزمنة. الأسعار الجديدة للأدوية شكلت صدمة لدى اللبنانيين الذين عبّروا عن سخطهم في مواقع التواصل الاجتماعي وتداولوا الأسعار الجديدة للأدوية: علبة الأسبرين بـ27 ألف ليرة لبنانية، علبة حليب الأطفال ما دون عمر السنة، يبدأ سعرها من 100 ألف ليرة.
ناشطون ومغردون رأوا أن الدواء “لمن استطاع إليه سبيلاً”. وبات مقتصراً على الأثرياء والميسورين فقط، ما ينذر بكارثة إجتماعية ستصيب الطبقات الفقيرة التي لن تستطيع الحصول على علاجها.
حتى أن البعض هاجم وزير الصحة الحالي، فراس أبيض، وتحسر على أيام الوزير السابق حمد حسن، لكن هؤلاء يتناسون أن الدعم سياسة حكومية لا يقررها وزير الصحة منفرداً. ويتناسون أيضاً أن دعم الأدوية، أيام الوزير حمد حسن، لم يؤمّن الدواء للفقراء، بل لطالما كان مقطوعاً من الصيدليات، بل على العكس تماماً، لم يستفد منه سوى تجار السوق السوداء والمحتكرون. حتى الميسورون والأثرياء كانوا يشترون الدواء، وما زالوا حتى اليوم، من الخارج، عبر المغتربين القادمين إلى لبنان.
انقطعت المواد الغذائية المدعومة من السوق، مشكلة لم يتم حلها إلا برفع الدعم، تكرر الأمر نفسه مع الوقود ولم تختفِ الطوابير أمام المحطات إلا مع رفع الدعم عن المحروقات. حينها أصرّ رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل على إقرار البطاقة التمويلية قبل رفع الدعم. شعار تبين لاحقاً أنه مجرد مماطلة وشعبوية.
اليوم يرفع الدعم عن الدواء من دون الأخذ في الاعتبار، الوضع الاجتماعي للطبقات الفقيرة، التي بات ينضوي تحتها 80% من الشعب اللبناني، من دون أن تقر بطاقة تموينية، ومن دون أي خطة استشفائية تمنع الموت عن أولئك العاجزين عن شراء الأدوية.
الطريقة التي يُرفع فيها الدعم عن الدواء، اليوم، تعكس الفشل الحكومي الذي تصر حكومة نجيب ميقاتي، والطبقة السياسية من خلفها، على الاستمرار فيه. النهج نفسه الذي اتبعته حكومة حسان دياب من قبل، رغم الشعارات والبكائيات والتظاهر بالاكتراث لحال المواطن اللبناني.