تكثر التوقعات والتحليلات حول مصير سعر صرف الدولار الأميركي في السوق الموازية الذي يستقر راهناً عند سقف الـ93 ألف ليرة. بعضها يُجمع على انخفاضه ليلامس الـ90 ألفاً أو أقل، وذلك لأسباب متعدّدة أبرزها: دولرة السلع والخدمات، توافد المغتربين إلى لبنان في فصل الصيف والدولارات الوافرة التي سيضخّونها في السوق… إلخ.
والبعض الآخر يرجّح ارتفاع سعر الصرف بدون سقف عند انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
أين الحقيقة في كل تلك التوقعات والترجيحات؟
نقيب الصرّافين ماجد المصري يشير عبر “المركزية” إلى أن “الدولار في لبنان “سياسي” في الفترة الراهنة وليس “اقتصادياً”، بمعنى أنه مرتبط بالأخبار والتطورات السياسية على الساحة الداخلية”، ويوضح أنه “بقدر ما تكون الأخبار إيجابية ومطمئنة ينخفض سعر صرف الدولار في السوق الموازية، والعكس صحيح. ففي نهاية المطاف يخضع سعر الصرف لعملية العرض والطلب، والسوق هي التي تفرض نفسها”.
ويشدد في السياق، على أنه “لا يمكن التأكيد على إمكانية انخفاض سعر الصرف في المديَين القريب والمتوسط، إذ أن احتمال انخفاضه يتساوى مع احتمال ارتفاعه. فنحن نتوقّع كل شيء… ومن نافل القول أنه مع اقتراب توافد المغتربين خلال الصيف ورفدهم السوق بالدولارات الوفيرة ينخفض سعر صرف الدولار حتماً، تماماً في حال تم انتخاب رئيس للجمهورية، مع التأكيد أن استمرار العمل بمنصّة “صيرفة” يهدّئ سعر الصرف من دون أدنى شك”.
ويخلص إلى القول “يمكننا إطلاق التوقعات في هذا الموضوع، لكن هل نستطيع تأكيدها؟ للأسف كلا”.
ضجيج إعلامي!
وفي قراءة من الزاوية المالية، يقول رئيس دائرة الأبحاث الاقتصادية والمالية في بنك بيبلوس الخبير المالي والاقتصادي الدكتور نسيب غبريل لـ”المركزية”: السعر الحالي هو اصطناعي بامتياز، واستطاع البنك المركزي حتى الأشهر القليلة الأخيرة، المحافظة على استقرار سعر الصرف. لكنه لا يشكّل السعر الحقيقي لوجود سوق موازية أولاً، وثانياً بفعل غياب أي رؤية إصلاحيّة.
أما الكلام عن احتمال تراجع سعر الصرف إلى 90 ألف ليرة أو ما دون “فهذا الكلام لا يرقى إلى التوقعات ولا إلى التنبؤات… بل مجرّد ضجيج إعلامي لا أكثر” يقول غبريل، ويعتبر أن “هناك جهات ليس لديها أي مصلحة في انخفاض سعر صرف الدولار في السوق الموازية، لذلك تُطلق تكهّناتها من هنا وهناك…”.
ويؤكد أنه لا يدخل من باب التحليل والتكهّنات في موضوع سعر الصرف، “لأن أي رقم أعطيه في هذا الشأن سيخدم فقط المضاربين وتجار الأزمات. فالسوق الموازية غير شفافة ولا تخضع للرقابة ولا لأي قانون! وبالتالي يتحكّم بها المضاربون والمتلاعبون في سعر الصرف وتجار الأزمات… وهنا أكرّر التأكيد أن هناك جهات لا مصلحة لديها في انخفاض سعر صرف الدولار مقابل ارتفاع قيمة الليرة اللبنانية”.
وليس بعيداً، يرى أن “من الضروري العمل على تحقيق توحيد أسعار صرف الدولار وبالتالي الاستغناء عن السوق الموازية، لا أن يقتصر الهدف على تهدئة السوق واستقرار سعر الصرف”. ويتابع: سنتوصّل إلى السعر الحقيقي للدولار بعد توحيد أسعار الصرف، وانطلاق عجلة الإصلاحات، واستعادة الثقة، وبدء التدفق التدريجي لرؤوس الأموال من الخارج، وعودة الاقتصاد إلى نشاطه الطبيعي… من دون الإغفال أن عملية العرض والطلب في السوق هي التي تحدّد السعر الحقيقي.
ويكشف غبريل أخيراً، أن “التصوّر اليوم هو الاتجاه إلى توحيد سعر الصرف واعتماد سعر الدولار المعمول به على منصّة “صيرفة” كسعر مرجعي لاحقاً”.