الدولار بـ6250 ليرة سعر يشق طريقة نحو التثبيت: الكارثة تتوالى فصولاً

سبق وكتبنا في موقع “الاقتصاد” عن وقائع خطيرة حصلت منذ العام 2017 وكانت تشي بقرب انفجار ​الأزمة المالية، ولكن هذا لا يفسر وحده سبب الأزمة، ولا يبرر السقوط المدوي لليرة، فمقدمات الانهيار كانت حاضرة حتى قبل العام 2017، وكانت توقعات الخبراء، تشير الى أن الاستمرار بتثبيت ​سعر صرف الدولار​ عند 1500 ليرة، سيغدو مستحيلا في يوم من الأيام.

في ايلول 2016 أعدت جمعية ​المصارف​، في احدى نشراتها الشهرية، دراسة حول مدى صمود سعر صرف الليرة، في ظل تراكم ​عجز ميزان المدفوعات​ واستمرار الأزمات في لبنان كانعكاس لحرائق ​الشرق الأوسط​، وخلصت إلى أنه إذا استمر الوضع كما هو عليه، فإن القدرة على تثبيت سعر الصرف ستنهار بعد سنتين. ويعني ذلك تضاعف سعر صرف الدولار إلى 2659 ليرة عام 2018 و5638 ليرة عام 2020.

ذكرت الدراسة يومها انه بين 2011 و2015 تراكم العجز إلى 8.7 مليارات دولار، وفي الأشهر الستة الأولى من السنة (2016) ازداد بقيمة 1.77 مليار دولار. أما أسبابه، فتكمن في اعتماد لبنان على التدفقات الرأسمالية الخارجية التي تأثّرت بعوامل عدة، أبرزها ​الأزمة السورية​، والأزمة الاقتصادية في البلدان التي يعمل فيها لبنانيون مغتربون وضعف قدرتهم على التحويل إلى لبنان.

وهنا نعود إلى توقعات ​جمعية المصارف​. فلو تم التحرير الجزئي لسعر الصرف طواعية في العام 2018، كاول اجراء تتخذه حكومة الحريري بعد الانتخابات النيابية، فيكون ​سعر الدولار​ 2659 ليرة، لأمكن لجم الانحدار الى حد كبير، وحافظ البنك المركزي على دولاراته، على أن يتبع ذلك تنفيذ خطة طموحة بتفعيل ​القطاعات الانتاجية​ من صناع وزارعة لجلب الدولارات من الخارج، على عكس ما يجري من نزيف هائل للعملات الصعبة، جراء الاستيراد المفتوح.

يبدو أن سعراً رابعاً للدولار يشق طريقه الى السوق، ليصير لاحقاً هو سعر التثبيت الرسمي، وهو 6250 ليرة للدولار، وقد ظهر هذا السعر في مناسبتين: الأولى، عند الحديث عن قرض ​البنك الدولي​ البالغ 246 مليون دولار، والمفترض أن يوزع على الأسر الأكثر فقراً، فقد اقترح حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ان يحتفظ بالمبلغ بالاتفاق مع البنك الدولي، فلا تدفع ​المساعدات​ بالدولار بل بالعملة الوطنية، على سعر 6250 ليرة للدولار.

بغض النظر عن قبول البنك الدولي وسائر المنظمات الدولية، بما يريده مصرف لبنان، فان حاكم المركزي يبشر، من حيث يدري أولاً يدري، بسعر جديد للدولار هو 6250 ليرة، ولعله السعر الأقرب إلى واقع الليرة اللبنانية، فالسعر رسمي 1500 ليرة، هو سعر ورقي، يحتاجه مصرف لبنان للحصول على الدولارات وتحويلها ورقيا الى الخزينة على أساسه، وسعر المنصة 3900 ليرة، هو مجرد قناع للـ haircut، لان المصارف تستخدمه لتحويل الودائع بالدولار الى الليرة عند سحبها من قبل اصحابها، اما سعر ​السوق السوداء​ 9000 ليرة فهو غير دقيق، لانه مستمد من عمليات تبادل ومضاربات وتحويلات او تهريبات، وكلها اعمال غير مشروعة، وغير قابلة للضبط والتحديد.

قد يقول المواطن العادي ان 6250 ليرة افضل من 9000 ليرة، ومن شأن اعتماد السعر الجديد أن يلجم توحش الاسعار (والتجار) اليوم على أساس سعر السوق السوداء. وهذا ما يبدو في الظاهر، ولكن الخطير في الامر ان اعتماد هكذا سعر سيعني، وسيترافق، مع الغاء الدعم عن ​القمح​ و​المحروقات​ والدواء والمسلتزمات الطبية وبعض ​المواد الغذائية​، والتي يغطيها بنسبة كبيرة مصرف لبنان حتى اليوم. وهذا يعني أن ​اسعار السلع​ المدعومة الآن ستتضاعف اربع مرات ونصف!

مصدرالنشرة
المادة السابقةالقيمة السوقية للأسهم المتداولة على بورصة بيروت تتراجع
المقالة القادمةجيروم باول: سوق العمل الأميركي لا يزال بعيدًا عن التعافي الكامل