الدولار بلا سقف بعد تخطيه الـ 15 ألف ليرة: لبنان رهينة سلامة والمحتكرين

حين يُحوّل القيّمون على الدولة الاستشفاء والنقل والكهرباء والبنزين والدواء والسكن والتغذية والتعليم من حقّ للسكّان إلى «سلعة»، تؤمّنها حصراً المرجعيات السياسية والطائفية، يُصبح «منطقياً» فهم ما يمر به اللبنانيون حالياً. بلدٌ بأكمله أُخذ رهينة صراعٍ مادّي بين مجموعةٍ من الجشعين، سياسياً ومالياً، مُصرّين على التمسّك بما يعتبرونه «مُكتسبات» لهم حتى بعد الانهيار التام، وعلى حساب كلّ المجتمع. سعر صرف الدولار تخطّى أمس الـ 15 ألف ليرة. مصرف لبنان «فوجئ» بوجود أزمة محروقات، كما لو أنّ حاكمه وموظفيه يقودون سيارات كهربائية! وزارة الصحة تنفض يدها من مسؤولية كشف كارتيلات الدواء التي استفادت من استيراد أدوية بناءً على سعر الصرف الرسمي، ثمّ خبّأتها في مخازنها، بحجّة أنّ الوزارة لا تُراقب ولا تُوافق للشركات على الاستيراد! ولا يجد أحدٌ نفسه معنياً بالتبرير كيف يُترك موضوع حسّاس، كاستيراد الأدوية والمعدات الطبية، بيد مُدير في مصرف لبنان، فيما مثلاً استيراد حليب الأطفال «المدعوم»، والذي يُباع في الصيدليات، بحاجةٍ أولاً إلى طلب من وزارة الاقتصاد؟

طوال يومين، لُعب على أعصاب مرضى غسل الكلى بسبب غياب المواد اللازمة لعلاجهم. الوضع نفسه ينطبق على كلّ من يُعانون من أمراضٍ مُزمنة، وجدوا بين ليلةٍ وضحاها أنّ أدويتهم الضرورية مقطوعة، وباتوا عاجزين حتّى عن إيجاد البديل منها! التجّار الذين استوردوا مواد غذائية «مدعومة» بيعت في الخارج، وأودعوا أرباحهم الناتجة من المواد المدعومة في الخارج، لا يُحاسبهم مسؤول.

«… والأسبوع المقبل سيكون الوضع أسوأ»، تُبشّر مصادر وزارية، «بعد أن «تبجّ» بين المستوردين ومصرف لبنان الذي لم يدفع لهم بعد كلّ مستحقاتهم». بحسب حسابات مصرف لبنان، هناك نحو 130 مليون دولار فواتير عالقة لمصلحة تجّار المواد الغذائية والمواشي وحليب الأطفال… «أنجزت دائرة القطع الحسابات، ولكن لم يتمّ تحويل الأموال بعد». ولم يعد التجّار يكتفون بالتهديد بالتوقف عن الاستيراد، بل «رفعوا السقف» للمسّ بمصير الموظفين العاملين لديهم، «عبر قول بعضهم إنّهم قد يُقفلون أبوابهم ويتوقفون عن العمل، وبالتالي طرد الموظفين».

في هذا الإطار، طلبت وزارة الاقتصاد من مصرف لبنان الحصول على بيانات الشركات التي قدّمت طلباتها إليه ــــ بعد حصولها على موافقة الوزارة ــــ لاستيراد المواد المدعومة، وتلك التي حُرّرت الأموال لها. وقد تبيّن أنّه بين 25% و30% من مُجمل الذين حصلوا على موافقات للاستيراد من «الاقتصاد»، لم يُقدموا أوراقهم لـ«المركزي». التفسير الذي يُقدّمه المسؤولون المعنيون أنّ «هذه الشركات تنتظر أن يدفع مصرف لبنان الفواتير القديمة، وتطلب الدفع مُسبقاً قبل استيراد البضاعة».

وفي أول العنقود، يحلّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. أصدر التعميم 158 القاضي بدفع 800 دولار لأصحاب الحسابات بالدولار، (مُقسمة بين الدولار واللبناني)، وأحد أهدافه كسب المزيد من الوقت (إضافةً إلى قطع الطريق على «الكابيتال كونترول»، والتمهيد للتوقف عن دعم الاستيراد)، يمدّ حبال الإنقاذ للمصارف، يرمي المسؤوليات النقدية على الحكومة… وكلّ ما يُريده شراء الوقت إلى حين انتهاء ولايته بعد سنتين، أو التوصل إلى اتفاق مع الدول الغربية يُتيح له «خروجاً مُشرّفاً».

 

مصدرجريدة الأخبار
المادة السابقةالى اللبنانيين: لا تذلوا أنفسكم… لا انقطاع للبنزين!
المقالة القادمةتعاونيات قوى الأمن: «المحظيّون»… أوّلاً!