شَهد الدولار الأميركي ارتفاعاً ملحوظاً أمس الإثنين، ممّا دفع العملات الأخرى إلى أدنى مستويات في عدة سنوات، بعد نشر تقرير قوي عن سوق الوظائف في الولايات المتحدة، ممّا أكد قوة أكبر اقتصاد في العالم، وأربك التوقّعات بشأن خفض أسعار الفائدة من قبل مجلس “الاحتياطي الفدرالي” هذا العام.
وصعد الدولار إلى أعلى مستوياته في أكثر من عامين أمس الإثنين، مقابل سلّة من العملات، حيث بلغ ذروته عند 109.98، مواصلاً موجة الصعود التي بدأها الأسبوع الماضي. ورغم ضعف التداول في الجلسة الآسيوية نتيجة عطلة الأسواق اليابانية، شهدت سوق الصرف الأجنبي تحركات متقلبة، حيث سجّلت عملات أخرى أدنى مستويات جديدة على خلفيّة قوة الدولار، وفق “رويترز”.
وسجّل اليورو أضعف مستوى له منذ تشرين الثاني 2022 عند 1.0275 دولار، بينما كان الجنيه الإسترليني أحد أكبر الخاسرين، حيث انخفض بأكثر من 0.5 في المئة إلى أدنى مستوى له في 14 شهراً عند 1.2128 دولار.
وتعرّض الجنيه الإسترليني لضغوط شديدة بسبب المخاوف المحلية المتعلقة بارتفاع تكاليف الاقتراض، والقلق المتزايد بشأن الوضع المالي في بريطانيا، حيث شهد تراجعاً بنسبة 1.8 في المئة الأسبوع الماضي.
وأظهرت بيانات يوم الجمعة أن نمو الوظائف في الولايات المتحدة تسارع بشكل غير متوقع في كانون الأوّل، في حين انخفض معدل البطالة إلى 4.1 في المئة، مما يبرز قوة سوق العمل، ويعزّز التوقعات باستمرار الأداء الاقتصادي الجيد.
ودفع هذا التقرير المتداولين إلى تقليص رهاناتهم على خفض أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفدرالي هذا العام. حاليّاً، تسعر الأسواق 27 نقطة أساس فقط من تخفيضات أسعار الفائدة، انخفاضاً من نحو 50 نقطة أساس في بداية العام.
ومع قراءة بيانات التضخم الأميركية المقررة يوم الأربعاء المقبل، فإن أي مفاجأة صعودية قد تؤدي إلى إغلاق الباب أمام التيسير النقدي تماماً. ومن المتوقع أن يتحدّث عدد من مسؤولي بنك الاحتياطي الفدرالي هذا الأسبوع، ممّا قد يُساهم في توضيح سياسة البنك المستقبلية.
وقال نيك ريس، رئيس أبحاث الاقتصاد الكلي في “مونيكس أوروبا”، تعليقاً على تقرير الرواتب غير الزراعية: “تؤكد هذه الجولة الأخيرة من البيانات أن الاستثنائية الاقتصاديّة الأميركيّة تظل موضوعاً رئيسياً للسوق في بداية عام 2025″، لافتاً إلى أنّ “استقرار سوق العمل في الولايات المتحدة جنباً إلى جنب مع مخاطر التضخم الصاعدة، قد يدعمان وقفة ممتدة في سياسة التيسير من قبل بنك الاحتياطي الفدرالي”.
وتابع ريس، مشيراً إلى التوقعات السياسية في الولايات المتحدة: “خطط ترامب لفرض تعرفات جمركيّة عالية وتخفيضات ضريبية وقيود على الهجرة قد تؤدي إلى تأجيج التضخم، وهو ما قد يعيق التيسير الاقتصادي في المستقبل”.
في المقابل، هبط الدولار الأسترالي إلى أضعف مستوى له منذ نيسان 2020 عند 0.6131 دولار، كما انخفض الدولار النيوزيلندي بنسبة 0.05 في المئة ليبلغ 0.55525 دولار، مواصلاً الانخفاض بالقرب من أدنى مستوياته في أكثر من عامين.
وفي حين خالف اليوان الاتجاه العالمي، ارتفع يوم الإثنين، بعد أن كثفت بكين جهودها لدعم العملة الضعيفة. وقامت الصين بتخفيف بعض القواعد للسماح بمزيد من الاقتراض الخارجي، وأرسلت تحذيرات شفهية لدعم استقرار اليوان. وفي أعقاب هذه التحركات، ارتفع اليوان المحلي بشكل طفيف إلى 7.3318 مقابل الدولار، بينما سجل اليوان الخارجي مكاسب تزيد على 0.15 في المئة ليبلغ 7.3535 مقابل الدولار.
وتعرّض اليوان لضغوط متجددة، حيث لا يزال المستثمرون يشعرون بخيبة أمل إزاء عدم اتخاذ مزيد من إجراءات التحفيز من قبل بكين لدعم الاقتصاد المتعثر. ورغم أن بيانات التجارة الصينية لشهر ديسمبر أظهرت تحسناً في الصادرات والواردات، فإنّ الأسواق لم تستجب بشكل إيجابي؛ حيث ازدادت المخاوف في شأن آفاق التجارة الصينية في ظل عودة ترامب إلى البيت الأبيض.
على جانب آخر، ارتفع الين الياباني بنسبة 0.1 في المئة إلى 157.53، وذلك بعد أن خفف انخفاضه من الأخبار التي أفادت بأن صناع السياسات في بنك اليابان قد يرفعون توقعاتهم للتضخم، في اجتماع السياسة هذا الشهر، تمهيداً لرفع أسعار الفائدة مرة أخرى.