في أقل من 24 ساعة، ارتفع سعر صرف الدولار بنحو 600 ليرة ليتراوح أمس بين 9200 و9500 ليرة للدولار. السبب الرئيسي هو عدم تلبية الصرّافين الطلب الكبير الناتج عن حاجات الاستهلاك ولا سيّما المحروقات، بالإضافة إلى «هجمة» المصارف على تجميع الدولار. النتيجة تبقى واحدة: كلّ ارتفاع في سعر الصرف، هو «مُصيبة» تحلّ على الناس «العاديين»، لأنّ انهيار الليرة يليه ارتفاع في أسعار السلع الاستهلاكية، تمتنع أو لا تفلح الرقابة الرسمية في لجمها، ما يؤدي إلى تقلّص قدرة الناس على تأمين احتياجاتهم الرئيسية
ما الذي استجد؟ «أقفل الصرّافون حنفياتهم»، يقول مسؤولون في «القطاع». القصّة تعود إلى الأيام القليلة الماضية، حين أوصلت التحقيقات مع «عصابة نصب أموال» إلى الاشتباه بدور لبعض الصرّافين في القضية، فأوقف المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم عدداً منهم، وصادر مبالغ مالية وختم محال صيرفة بالشمع الأحمر. تفاقمت الأحداث في الـ72 ساعة الماضية، وأوقف أمس أحد الصرّافين، «ما أدّى إلى إغلاق البقية لهواتفهم والامتناع عن بيع الدولار حتى ولو بـ9500 ليرة». قليلون «خافوا» من أن يؤدّي عَرض الدولارات إلى إيقافهم، ولكن في الأساس هي لُعبة ابتزاز يُمارسها الصرّافون على قاعدة «تُريدون إيقافنا عن العمل؟ إذن لن نُلبّي الطلب، وليرتفع سعر صرف الدولار». علماً أنّ السيولة المتوفرة من العملة الصعبة «تفوق حجم السوق اللبناني»، بحسب مسؤول مصرفي. الكلام يعني بشكل خاص النقد في التداول بين الصرّافين و«أصحاب الشنطة»، الذي يدخل لبنان من خارج النظام المصرفي وشركات تحويل الأموال. ويُضاف إليه الدولارات «الخاصة»، المدّخرة في المنازل والتي تختلف التقديرات بشأن قيمتها. ليست المُشكلة إذاً في «الكمية»، بل في أنّ «العصيان» غير المُعلن للصرّافين أمس أدّى إلى أن «يفوق الطلب على الدولار العَرض، خاصة أنّه خلال الأيام الماضية حجزت مصارف وتُجّار كميات كبيرة من الدولارات لتشتريها، وفجأة وجدت نفسها مقطوعة».
حتى ذلك الحين، وإلى أن تكون شركات الصيرفة قد فتحت أبوابها، لا تُظهر السلطة النقدية (مصرف لبنان)، أي نية للقيام بأي خطوة من شأنها خفض وتيرة انهيار سعر الصرف. انهيار بدأ في صيف 2019، وسيزداد حدّة كلما تفاقمت الأزمة التي يمكن أن ينقلها إلى مستويات عالية قرار بإلغاء دعم استيراد السلع الأساسية.