60 ألف طن من أجود أنواع القمح القاسي والطري هي حصاد سهل البقاع، يصل سعرها إلى نحو 20 مليون دولار (310 دولارات للطن)، تتكدّس في المستودعات. ففي وقت، تغدق فيه الحكومة موافقات على طلبات وإجازات استيراد عشرات آلاف الأطنان من القمح من أوكرانيا وروسيا، وبعضها بمواصفات غير متطابقة مع المعايير الغذائية والصحية بسبب الحرب الدائرة في أوروبا، فيما تتلكّأ عن قرار واضح بشراء 60 ألف دونم من مزارعيها، وتحرمهم في الوقت نفسه من التصدير، ما يجعلهم أسيري ابتزاز أصحاب المطاحن والتجار الذين يصدّرون الطحين المدعوم الى الخارج.
وكان المزارعون قد استبشروا خيراً بإعلان وزراء الزراعة والاقتصاد والمالية عن آلية تسلّم محصول القمح، إلا أن الفرحة لم تكتمل كون الآلية منقوصة وغير مدروسة، ويحتار المزارع في كيفية التصرف بمحصوله، إذ حدّدت الآلية الوزارية سعر شراء طن القمح من المزارع بـ 270 دولاراً، على أن يوصله الى المطاحن أو مستودعات وزارتَي الاقتصاد والزراعة، ما يعني كلفة 20 دولاراً على كل طن ما بين تحميل ونقل وتنزيل، في حين أن الطن يباع «في أرضه» بـ 280 دولاراً نقداً. لذلك، أحجم المزارعون عن بيع محصولهم للدولة وعن تقديم طلبات تسليم القمح في أيٍّ من مراكز وزارة الزراعة التي «لم تستقبل أيّ طلب حتى الساعة»، كما يؤكد رئيس تجمّع مزارعي وفلاحي البقاع إبراهيم الترشيشي، علماً أن مهلة تقديم الطلبات تنتهي آخر الشهر الجاري.
وشدد الترشيشي على أن سعر شراء طن القمح من المزارع اللبناني يجب ألّا يقلّ عن 350 دولاراً وفق سعر منصة «صيرفة» بحسب آلية التسلّم التي حدّدتها الوزارات الثلاث. وناشد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي جعل عملية الشراء من المزارع مباشرة، على أن يكون الدفع في المطاحن عند التسليم، وتمديد تقديم الطلبات حتى منتصف آب المقبل. ودعا إلى إعطاء أولوية لشراء القمح من المزارع اللبناني بدلاً من الاعتماد بشكل كامل على الاستيراد، علماً أن «حاجة لبنان تقارب 600 ألف طن سنوياً، وإنتاجنا المحلي يصل إلى 60 ألف طن».
«هي آليّة كلام غير مجدية»، وفق رئيس نقابة مزارعي القمح نجيب فارس، معتبراً أن الإعلان عن الآلية كان «إعلامياً وإعلان براءة من وزيرَي الزراعة والاقتصاد من تقصيرهما حيال هذه الزراعة الاستراتيجية. والأسوأ أن وزيرَي الزراعة والاقتصاد لم يلتقيا أيّاً من مزارعي القمح، بل اكتفيا ببيان إعلان عن الآلية».