الدولة تقبض على المتلاعب بسعر الدولار: المنصات!

يمكن للبنانيين أخيراً أن يطمئنوا، فقد قبضت الدولة على المسبّب الرئيسي لأزمة الدولار، واجتمع مسؤولوها يوم أمس لاتخاذ سلسلة إجراءات بحق «المجرم»: إنها المنصات الإلكترونية! بدا المشهد سوريالياً وأصعب من أن يُصدّق، في الاجتماع الاقتصادي والمالي والأمني والقضائي الذي ترأسه رئيس الجمهورية، بحضور حافظ السياسة النقدية وحامي الليرة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف سليم صفير ورئيس نقابة الصرافين محمود مراد. وجد الثلاثة الشماعة التي يعلقون عليها الفساد المصرفي وسرقة الودائع والتلاعب بسعر الدولار في السوق السوداء. إنها المنصات التي تنشر أسعار الدولار، فلنطلب من «غوغل» التعاون معنا لإيقاف بعض المخلين بأمن الليرة في الخارج، فيما يتكفّل القضاء بالمنصات غير الشرعية في الداخل. ليطمئن اللبنانيون مجدداً، ستعود الليرة الى «أيام العز».

أما أكثر ما يثير السخرية فكان اتخاذ قرار يقضي بتكليف الأجهزة الأمنية ضبط جميع الأشخاص الذين يخالفون أحكام قانون النقد والتسليف وقانون تنظيم مهنة الصرافة، سواء كانوا من الصرافين المرخّصين أم غير المرخّصين الذين يمارسون المضاربة. وهؤلاء يمثلهم الثلاثة الجالسون إلى طاولة القرار، لكن أحداً لا يمسّهم. لا بل تنصّل حاكم مصرف لبنان كعادته من مسؤولياته، متذرّعا بحجة عدم القدرة على ضبط الدولار في ظل عدم تأليف حكومة تنفّذ الإصلاحات؛ الإصلاحات نفسها التي تشمل التدقيق الجنائي الذي يرفض سلامة تنفيذه في حسابات مصرف لبنان والمصارف. وقد بدا الحاكم متفائلاً من عودة زخم المصارف حالما يتم تأمين السيولة الخارجية المطلوبة وفقاً للتعميم الرقم 154 الصادر عنه، فيعود النظام المصرفي الى عمله وتتحسن الأوضاع

الاجتماع انتهى بقرارات فارغة لن تحدّ من النزيف الاقتصادي والاجتماعي القائم، ربطاً بكون «اللقاء» ليس سلطة قرار، لكونه ليس مؤسسة دستورية قادرة على التقرير أو التنفيذ. في مستهل الاجتماع، أكد رئيس الجمهورية، ميشال عون، أن الأوضاع المستجدة على الصعيدين المالي والأمني تحتاج الى معالجة سريعة، لأننا نشهد ارتفاعاً غير مبرر في سعر صرف الدولار، بالتزامن مع شائعات هدفها ضرب العملة الوطنية وزعزعة الاستقرار. وطالب بإجراءات مالية وقضائية وأمنية حاسمة لملاحقة المتلاعبين بلقمة العيش. وحول ما حصل يوم أمس في الشارع، اعتبر عون أن «من حق المواطنين التعبير عن آرائهم بالتظاهر، إلا أن إقفال الطرقات هو اعتداء على حق المواطنين في التنقل والذهاب الى أعمالهم، ولا سيما بعد أسابيع من الإقفال العام الذي فرضته حال التعبئة العامة». وطلب من «الأجهزة الأمنية والعسكرية أن تقوم بواجباتها كاملة وتطبيق القوانين من دون تردد، خصوصاً أن الأمر بات يتجاوز مجرد التعبير عن الرأي الى عمل تخريبي منظم يهدف الى ضرب الاستقرار».

 

مصدرجريدة الأخبار
المادة السابقةالزراعة بلا دعم: نحو تثبيت سعر «دولار الخضار»؟
المقالة القادمةمرحلة جديدة إنفتحت… البقاء يتطلّب مقايضة السلطة على الأولويات