الدولة تهدُر ثروتها العقارية بلا سبب

 

 

أكثر من مليار دولار قيمة المبلغ الذي تهدره الدولة سنوياً من خلال إهمال استثمار محفظتها العقارية، وهي بدلًا من ذلك تبحث عن توفير أو كسب حفنة من الدولارات، بإعفاءات من هنا، أو ضرائب جديدة على الناس من هناك.

رغم وجود 1100 حالة اعتداء واحتلال موثّقة للأملاك البحرية والنهرية للدولة، تتهرّب الحكومة دائماً من فتح ملف الأملاك البحرية المشغولة والتي تقدّر ايراداتها السنوية الفعلية (وليس بتقديرات الحكومة) بحوالى 400 مليون دولار، يُضاف اليها تحصيل غرامات بقيمة ملياري دولار ونصف عن السنوات السبع الماضية.

إذا سلّمنا جدلاً انّ الحكومة تتغاضى عن فتح هذا الملف بشكل جدّي رغم انّها بحاجة ماسّة للإيرادات المالية ضمن موازنة 2019 «التقشفية»، وذلك لحسابات سياسية ومصالح شخصية، لكنّ سؤالاً آخر يطرح نفسه: لماذا تتجاهل الدولة أملاكها العامة؟ وما هي العقارات المنسيّة للدولة وغير مستثمرة أو توهبها او مؤجّرة بأبخس الاسعار؟

من ضمن مجموعة كبيرة من العقارات التي تملكها الدولة، تمّ اختيار عيّنة صغيرة من بعض العقارات التي تقع في مناطق مصنّفة راقية عقارياً. تبلغ مساحة العيّنة العقارية 1.195.000 متر مربع، تستفيد خزينة الدولة منها حالياً بـ550 ألف دولار سنوياً فقط. في حين انّ قيمة استثمارها الحقيقية تبلغ مليار دولار! والعيّنة هي التالية:

– نادي الغولف الذي تبلغ مساحته 420 الف متر مربع، والذي قامت الدولة بتأجيره الى جمعية لا تبغي الربح بكلفة 1100 ليرة لبنانية فقط منذ العام 1963، لترفع في العام 2018 القيمة التأجيرية الى 50 الف دولار سنويا!

– حصّة الدولة من مارينا – ضبيه، وهي ارض تبلغ مساحتها 330 الف متر مربع غير مستخدمة وغير مستثمرة لغاية اليوم، رغم انّ الاراضي المجاورة لها قد تمّ استثمارها، وهناك مشاريع قيد الانشاء في تلك المنطقة تحديداً. وللتذكير، تمّ في العام 1983 ردم جزء من البحر في منطقة المارينا – ضبيه، واستُكملت اعمال الردم لتنتهي في العام 2000، لتحصل الدولة في النتيجة على مساحة اجمالية تبلغ مليونا و30 الف متر مربع، قُسّمت بين 330 الف متر مربع حصلت عليها الشركة المنفذة وهي الشركة الوطنية للتعهدات، و330 الف متر ملك للدولة، بالاضافة الى 344 الف متر طرقات وحدائق.

– نادي سباق الخيل في وسط بيروت الذي تديره جمعية «حماية وتحسين نسل الجواد العربي» والذي تبلغ مساحته 200 الف متر مربع والذي يدرّ حوالى 700 الى 800 مليون ليرة فقط.

– أملاك سكك الحديد والنقل المشترك التي قدّمتها الحكومة الى شركات نقل خاصة لاستخدامها كمواقف للسيارات والباصات، مقابل مبلغ رمزي قيمته 1000 ليرة لبنانية سنوياً.

– عقار بمساحة 25 ألف متر مربع لسكك الحديد في منطقة سن الفيل تمّ استثماره من قِبل الشركة اللبنانية للمواصلات بكلفة 1000 ليرة لبنانية سنوياً منذ حوالى 4 اعوام.

– عقار تابع لسكك الحديد في منطقة النهر – مار مخايل مساحته 160 الف متر مربع، شاغر وغير مُستخدم.

– عقار في منطقة العدلية بجانب مبنى وزارة المالية – TVA مساحته 60 الف متر مربع، شاغر وغير مُستخدم.

ورغم وجود آلاف العقارات الفارغة والتي وهبت والتابعة ملكيتها للدولة اللبنانية، فانّ الحكومات المتعاقبة مصرّة على الهدر المالي وتواظب على استئجار الأبنية والمكاتب للوزارات والإدارات الحكومية في مناطق ذات إيجارات مرتفعة، كوسط بيروت التجاري ورأس بيروت والحمرا والقنطاري والصنايع وفردان، فيما الدولة تملك في بيروت وحدها على سبيل المثال، حوالى 235 عقارًا شاغراً.

ووفقاً لأرقام موازنة 2018، فانّ كلفة ايجارات الابنية والمكاتب التابعة للوزارات والإدارات الحكومية بلغت حوالى 114 مليارا سنويا في العام 2017، مع الاشارة الى انّ هذه الأرقام لا تشمل إيجارات العقارات غير التابعة للوزارات، كالبلديات والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، مؤسسة المحفوظات الوطنية، المشروع الأخضر، مجلس الجنوب، الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، المعهد الوطني للإدارة، المؤسسة العامة للمنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس، المركز التربوي للبحوث والإنماء وغيرها، مما يرفع كلفة ايجارات المباني الحكومية والمؤسسات العامة الى الضعف تقريباً.

بواسطةرنى سعرتي
مصدرجريدة الجمهورية
المادة السابقةبالأسماء – أدوية مهربة تُباع في مستوصفات غير مستوفية الشروط… ما هي؟
المقالة القادمةقراءة في موازنة تُخالف أحكام الدستور