الدول الفقيرة تواجه جائحة الديون بعد التعافي من كورونا

تطرح تحليلات الاقتصاديين أسئلة حول إذا كانت جائحة فايروس كورونا المستجد قد ألحقت بالعالم خسائر بشرية ومادية باهظة وأودت بحياة مئات الآلاف من الأشخاص، فإن تداعياتها سوف تستمر لسنوات طويلة قادمة وبخاصة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، حتى في الدول التي كانت أقل تضررا من آثارها الصحية.

وأنفقت الحكومات المثقلة بالديون على امتداد العالم من أميركا اللاتينية إلى أفريقيا أموالًا لم تكن تمتلكها لدعم الأنظمة الصحية المتهالكة وتوفير شبكة أمان للمواطنين، مما أدى إلى تدهور مواردها المالية. وفي ظل مؤشرات على أن الضغوط المالية تؤجج الاضطرابات السياسية، تصاعدت الدعوات الدولية لتخفيف الضغط على تلك الدول التي تكافح لخدمة ديونها الخارجية.

وعن الدول الأشد عرضة للمخاطر المالية، تقول ماكي إن دول أميركا اللاتينية سجلت نحو ثلث إجمالي عدد الوفيات الناجمة عن فايروس كورونا المستجد على مستوى العالم حتى منتصف العام الحالي، في حين أنها تمثل فقط 8 في المئة من سكان العالم.

في الوقت نفسه فإن دول المنطقة وبخاصة الأرجنتين والبرازيل والإكوادور والسورينام تواجه صعوبة في سداد ديونها في ظل الجائحة مما أثار المخاوف من تكرار الكارثة الاقتصادية التي شهدتها تلك الدول في ثمانينات القرن العشرين عندما توالى إفلاسها على طريقة “نظرية الدومينو” لتدخل مرحلة ركود اقتصادي طويلة.

وفي ظل هذا الوضع القاتم، يصبح السؤ ال المطروح هو من الذي يمكنه محاولة مساعدة الدول المثقلة بالديون لتجاوز الكارثة؟ تقول ماكي إن الدول الأغنى بقيادة الولايات المتحدة ضخت في اقتصاداتها تريليونات الدولارات عبر برامج شراء السندات خلال الجائحة.

وقدمت هذه الدول جزءا يسيرا للغاية من تلك الأموال إلى الدول الأفقر من خلال مؤسسات التمويل الدولية. كما أوقفت دول مجموعة العشرين الكبرى مؤقتا تحصيل أقساط الديون الحكومية لدى الدول الفقيرة ثلاث مرات، ومددت إجراءات تخفيف عبء الديون حتى نهاية 2021 كما وافق صندوق النقد الدولي على منح أكثر من 80 دولة تمويلات طارئة.

ويستعد الصندوق لزيادة ما يعرف باحتياطيات حقوق السحب الخاصة بمقدار 650 مليار دولار حتى يتيح للدول الفقيرة الاقتراض بشروط مسيرة.

وفي ما يتعلق بأكبر العقبات التي تواجه الدول الفقيرة في طريق الخروج من الأزمة ترى ماكي أنه في حين تتزايد الدعوات لتأجيل سداد ديون الدول الفقيرة مرة أخرى، قالت مجموعة العشرين إنها لن تمدد وقف تحصيل أقساط ديونها إلى ما بعد نهاية العام الحالي. كما أن صياغة أي اتفاقيات جديدة بشأن تخفيف أعباء الديون ستتوقف بدرجة كبيرة على الصين التي أصبحت أكبر دولة دائنة في العالم، حيث تستحوذ على حوالي 60 في المئة من ديون الدول الفقيرة، التي كان مقررا سدادها خلال 2020.

ويمكن أن يؤدي فشل الدول الفقيرة في سداد ديونها إلى حرمانها من الاقتراض من أسواق المال العالمية، وهو ما يزيد من صعوبة تعافي اقتصاداتها. وعلى سبيل المثال قالت إثيوبيا إنها لن تطلب من دائنيها من القطاع الخاص نفس الإعفاءات التي تحصل عليها من دول دائنة مثل فرنسا وإيطاليا حتى لا تثير خوف مجتمع المال العالمي.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةاستفحال أزمة الليرة يهدد نظام الرعاية الصحية اللبناني بالانهيار
المقالة القادمةأوهانيان: لصرف إعتمادات وزارة الشباب والرياضة لتحسين واقع المنشآت الرياضية