تتسابق شركات السيارات على الذكاء الاصطناعي مما يتسبب في تحول عميق في مستقبل هذا القطاع، حيث تلعب هذه التكنولوجيا دورا حاسما في تحسين راحة السائق وسلامته، بما في ذلك التجهيزات التي تعمل كأعين في المركبة مع اكتشاف النقاط العمياء، مما يجعل القيادة أكثر ملاءمة ويقلل من خطر وقوع حادث.
يشكل توظيف الذكاء الاصطناعي في ابتكار السيارات المستقبلية أحد الاتجاهات التي بدأت تبرز بشكل لافت في القطاع، حيث تتيح هذه التكنولوجيا المتقدمة مزايا كثيرة للتصميم ودمج التجهيزات، مما يرسم معالم ثورة يحتاجها السائقون للتنقل.
وغالبا ما يكون الذكاء الاصطناعي والسيارات ذاتية القيادة موضوعين متكاملين في مجال التكنولوجيا. وببساطة، لا يمكن مناقشة أحدهما دون الآخر، إذ مع وجود الكثير من البيانات تكافح الخوارزميات لتحديد الميزات المهمة وأيها لا يهم.
وعلى الرغم من بروز الذكاء الاصطناعي بسرعة كبيرة في مجموعة متنوعة من القطاعات، فإن الطريقة التي يتم بها استخدامه في صناعة السيارات تشكل قضية ساخنة.
ومن خلال استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات، تعمل شركات صناعة السيارات وشركات التكنولوجيا على إنشاء مركبات أكثر ذكاءً وأمانا وكفاءة يمكنها التكيف مع البيئات المتغيرة وتفضيلات المستخدم.
رولف نيكوديموس: معالجة البيانات باتت بشكل متزايد في أجهزة تحكم مركزية
ومع تسابق كل شركة مصنعة للسيارات لتطوير الذكاء الاصطناعي وتقنيات القيادة الذاتية، ثمة أيضا مجموعة من شركات التكنولوجيا والشركات الناشئة التي لها نفس الغرض.
وفي ظل اعتقاد الكثيرين أن المركبات الشخصية ذاتية القيادة هي المستقبل، إلا أن هناك طرقا متعددة يتم بها تنفيذ الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في كيفية بناء السيارات وكيفية تشغيلها على الطريق.
ويهدف الذكاء الاصطناعي في قطاع السيارات إلى تحسين السلامة وزيادة كفاءة الوقود وتزويد السائقين بميزات اتصال محسنة.
ويتكوّن نموذج التعلم الآلي في هذا المجال من عنصرين، أحدهما يمكن أن يمكّن المصممين من تجربة مفاهيم التصميم الجديدة بشكل أكثر مرونة، والآخر يمكن أن يساعد المسوقين على اختيار المكان الذي يركزون فيه جهودهم.
وعلى سبيل المثال، تسهم الكاميرات في توفير المزيد من السلامة والأمان أثناء قيادة السيارة، لذا أصبحت من المكونات، التي لا غنى عنها لأنظمة القيادة الآلية، وهنا تزداد أهمية دور
الذكاء الاصطناعي.
وأوردت مجلة السيارات “أوتو غازيته” الألمانية أنه لا توجد سيارة جديدة حاليا لا تشتمل على كاميرا واحدة على الأقل، مؤكدة أنه على المدى المتوسط سيتم الاعتماد على أكثر من 10 كاميرات أو مستشعرات بصرية لمراقبة مقصورة السيارة والنطاق المحيط بها.
وأشارت شركة بوش الألمانية المغذية لصناعة السيارات إلى تزايد كفاءة أنظمة الكاميرات بفضل الاعتماد على الذكاء الاصطناعي.
وإلى جانب الذكاء الاصطناعي، هناك اتجاه تقني كبير حاليا يسود عالم السيارات، ويتمثل في المركزية، فبدلا من تركيب جهاز تحكم لكل مستشعر في السيارة، تتم معالجة البيانات بشكل متزايد في أجهزة تحكم مركزية.
وأوضح رولف نيكوديموس، مدير القسم التقني بشركة بوش، هذا الاتجاه من أنه يتم الفصل بين عيون السيارة وعقلها، حيث تقوم أجهزة التحكم المركزية بمعالجة البيانات المستمدة من المستشعرات بشكل أكثر كفاءة وفعالية. وذكر أنه لا يمكن التعامل مع الكميات الكبيرة من البيانات في المستقبل إلا بهذه الطريقة.
وفي هذا السياق تتحدث بوش عن رؤوس الكاميرات بدلا من الكاميرات، وتتكون وحدات المستشعرات المعيارية بشكل أساسي من مكونات بصرية مثل العدسة والجسم ومعالج جهاز التصوير.
ويتم ترحيل جميع التقنيات الأخرى إلى مكان آخر، وبالتالي فإن الوحدات تصبح أصغر حجما وأقل تكلفة وأكثر مرونة في الاستعمال. ويمكن مستقبلا استعمال ما يصل إلى 16 كاميرا فردية بداخل السيارة وخارجها.
وتتمثل مهمة هذه الكاميرات في مراقبة حركة المرور وإظهار العوائق المحتملة في النطاق المحيط بالسيارة ومراقبة مقصورة السيارة.
وتستفيد من هذه البيانات أنظمة المساعدة والسلامة على متن السيارة، ولا يقتصر ذلك على نظام المكابح في حالات الطوارئ ومنظم السرعات، بل تمتد الاستفادة إلى الوسادات الهوائية وشدادات الأحزمة أيضا.
ويفسر المطورون ذلك بأن هذه التجهيزات تستجيب بشكل أكثر استهدافا عند معرفة موضع جلوس الركاب في السيارة.
وتلعب الكاميرات دورا مهما في القيادة الآلية؛ حيث تقوم بمراقبة النطاق المحيط بالسيارة بالتعاون مع المستشعرات الأخرى.
ولا تزال هناك نقاشات في صناعة السيارات حول أهمية المستشعرات البصرية في التعرف على الصور، لدرجة أن شركة تسلا الأميركية تخلت في تقنية القيادة الذاتية الكاملة عند دعم الرادار في الموديلات القياسية الحالية، واعتمدت على الكاميرات فقط.
وإلى جانب تقنية الرادار والكاميرات تعتمد معظم شركات السيارات على تقنية الليدار باهظة الكلفة نسبيا.
وتقوم شركة مرسيدس بتجميع مستشعرات الليدار بشكل غير واضح نسبيا في المقدمة مثلا، في حين تقوم شركات السيارات الأخرى، مثل فولفو أو نيو، بتركيب مستشعرات الليدار على سطح موديلاتها. ويرى نيكوديموس أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يوفر إمكانيات كبيرة لمراقبة النطاق المحيط بالسيارة؛ حيث يعمل على توسيع الإدراك الحسي بدرجة كبيرة.
وقال “إذا قمنا بتدريب رؤوس الكاميرات ومستشعرات الرادار معا، فإنه يمكننا مراقبة نقل المعارف السياقية بين النظامين.” وفي حالة إيقاف تشغيل الكاميرا بعد ذلك، فإن “نطاق رؤية الرادار سيزداد بدرجة أكبر مما يمكن رؤيته دون التدريب المشترك.”
ومن خلال ما يعرف باسم “معسكرات التدريب الخوارزمية” يمكن تعويض العديد من القيود التقنية الخاصة بتكنولوجيا الكاميرات، حيث تعمل هذه التقنية على تحسين الرؤية أثناء السير في الضباب أو الغسق.