لم يتبدّل المشهد على محطات المحروقات في منطقة النبطية، على العكس، إرتفع “أدرينالين” الغضب عند الناس وتُرجم إشكالات عدة. كان متوقّعاً أن تفتح كل المحطات، فباخرة البنزين أفرغت حمولتها، غير أن الحقيقة مختلفة، والحجة هذه المرة جاهزة “ما بدنا مشاكل مع الناس”، في حين يعلّل الآخرون السبب “ما وصلنا لليل” اذ بات الليل مهرباً للمحطات التي تملأ للمحسوبين عليها فقط، وباقي الناس “مش ضروري يعبو”. اللافت أن أصحاب المحطات يتحكّمون بالوقت، كلّ يختار الوقت الذي يناسبه، الغريب أنّ عدداً كبيراً بدأ يفتح ليلاً أو بعيد منتصف الليل، والبعض يملأ الخزّانات على العتمة. إبتدع كل واحد حيلة تجنّبه العجقة وِفق تبريره، ضارباً بعرض الحائط حاجة الناس للبنزين للتنقّل الى أعمالها.
منطقة النبطية تواجه الازمة بشكل أكبر من غيرها، لم تشفع إستغاثات المواطنين العالقين في تحريك ضمير نواب المنطقة وحكامها، بل ازداد الامر سوءاً، لماذا النواب والحكام يريدون وضع اصحاب المحطات ببوز المدفع؟ يسأل أحد أصحاب المحطات الذي يجزم بـ”أن الازمة تتجه نحو مزيد من الشحّ وبالتالي مزيداً من الغضب الشعبي الذي بدأ يترجم على الأرض، وهذا ما يخيفنا، والقوى الامنية غائبة عن الامر وتركتنا لمصيرنا”، ويؤكد ان “البنزين بات أكثر شحّاً وطالعة براس المواطن، بات البحث عن بضعة ليترات أشبه بالخبز اليومي اللبناني، فالبنزين شبه مفقود، وان توفر فبالقطارة، هذا عدا البحث طويلاً عن محطة “شغالة” فمعظمها مقفل”، واذا كانت تعمل، قد يصل دورك بعد انتظار ساعة ويأتيك عامل المحطة بخبر “خلصنا لليوم تعا بكرا”.
وفيما تتجه الازمة نحو التفاقم أكثر، يبدو أن كل المصالح ستتعطّل، وبدأت الشوارع تفرغ من السيارات الا من الطوابير، فالموظف يحتاج 4 ساعات ليصل دوره لملء خزّان سيارته، ما يعني أن دوامه انتهى على المحطة. الطبيب الذي يكون على عجلة من امره وينفد وقوده لا يجد البنزين، فهو غير مدرج على لائحة الاستثناءات، في حين يتوفر البنزين “سوق سوداء” والتنكة وصلت الى 60 ألفاً، وهو ينشط ليلاً، بعيداً من اعين الناس العطشى لقطرة بنزين يصعب إيجادها.