يعتقد كثير من المستثمرين أن سوق الذهب تشهد حالياً نشاطاً محموماً، بعد أن لامست أسعار المعدن النفيس رقماً قياسياً في منتصف تعاملات امس عندما سجلت الأونصة 2135.39 دولاراً. يعد الذهب ملاذاً آمناً، إذ إنه يميل إلى تحقيق أداء أفضل كلما زادت أحوال العالم اضطراباً.
ارتفعت أسعار الذهب بنسبة 16% تقريباً منذ أوائل تشرين الاول، وهي زيادة أطلقت شرارتها الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في البداية، ومع ذلك، أصبحت منذ ذلك الوقت مدفوعة بالرهان على أن الاحتياطي الفيدرالي سوف يتحول إلى سياسة نقدية توسعية في أوائل العام المقبل.
في آب 2020، سجلت أسعار الذهب رقماً قياسياً بلغ 2075.47 دولاراً للأونصة، عندما تسبب الوباء في زيادة الطلب على سلع الملاذ الآمن. أما الزيادة الحالية في الأسعار، فترجع إلى تصاعد الأخطار الجيوسياسية ومراهنة المتعاملين بقوة على تخفيض أسعار الفائدة بداية من شهر آذار من العام القادم.
صرح رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول الأسبوع الماضي بأن سعر الفائدة الأساسية حالياً يقع في منطقة تقشفية بدرجة كبيرة، وهو ما تفسره الأسواق بأنه تصريح تيسيري إلى حد بعيد. وعادة ما يؤثر انخفاض تكاليف الاقتراض إيجاباً على قيمة الذهب التي لا تدر أي فوائد.
في الهند، ثاني أكبر الدول المستهلكة للذهب بعد الصين، ارتفعت أسعار المعدن إلى رقم قياسي جديد بالعملة المحلية في شهر تشرين الثاني .
لماذا قد تشتري الذهب حالياً؟
أوضاع سوق الذهب حالياً تبدو داعمة لارتفاع أسعاره في 2024، مدفوعة بوجهة أسعار الفائدة عند الاحتياطي الفيدرالي وزيادة المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية، وفق تصريحات سوني كوماري، خبيرة أسواق السلع في مجموعة «إيه إن زي بانكينغ غروب».
تؤكد كوماري: «علاوة على ذلك، فإن مشتريات البنك المركزي من الذهب سوف تدعم أسعاره السنة القادمة، وتستطيع تعويض أي ضعف في الطلب الحقيقي».
للذهب تاريخ ثقافي غني في مختلف أرجاء آسيا يتجاوز مجرد اعتباره رمزاً للثراء. ويمتلك القطاع الخاص الهندي مجتمعاً كمية من الذهب أعلى مما يملك القطاع الخاص في أي دولة أخرى في العالم، ويلعب هذا المعدن دوراً محورياً في الطقوس الدينية علاوة على أنه استثمار مفيد وعملي قابل للحمل والانتقال.
يقول الرئيس التنفيذي الإقليمي عن الهند في «مجلس الذهب العالمي» بي آر سوماسوندارام إن الذهب من أصول الاستثمار طويل الأجل، وله قيمة تمتد عبر الآجيال عند الآسيويين.
كثيرون من كبار المتحمسين للذهب يعتبرونه أيضاً حماية ضد انهيار العملات الرسمية الورقية.
ما الذي ينبغي أن تنتبه إليه عند شراء الذهب؟
يجب على من يشترون الذهب أن يراقبوا درجة نقائه وجودته. يقول سوماسوندارام: «واضح أن هذا هو أسهل فخ يقع المستثمرون فريسة له لمجرد أن يحصلوا على المعدن بسعر أرخص أو بدون فاتورة شراء بهدف تجنب سداد الضرائب».
ينبغي على المستهلكين أن يشتروا الذهب من بائع يتمتع بسمعة طيبة – سواء كان متجراً للحلي أو منصة رقمية – فالغش والتزييف ينتشران بوتيرة سريعة عندما ترتفع أسعار أصل من الأصول الاستثمارية.
قد يواجه أولئك الذين يشترون الذهب في صورة سبائك أو عملات أو حلي زيادة في أسعارها عن الأسعار الفورية المعلنة لا يمكن تعويضها دائما عند إعادة بيعها.
يقول أدريان أش، رئيس البحوث في شركة «باليون فولت» للوساطة (BullionVault): «ينبغي على من يشترون ذهباً أن يتنقلوا بين عدة متاجر عند الشراء وعند البيع بحثاً عن الأفضل».
كيف تقيم الجودة؟
بالنسبة إلى المستثمرين الأفراد، أسهل وسيلة هي تقييم نقاء المعدن على أساس القيراط. فكل السبائك من الدرجة الاستثمارية تقريباً بدرجة نقاء تبلغ 24 قيراطاً – وهي أعلى درجة نقاء في المعدن – حيث تشكل المعادن الأخرى أقل من 1% من الكتلة الإجمالية.
عادة ما يستخدم الذهب الأقل نقاءً في الحلي، لأن الذهب من فئة 24 قيراطاً أضعف كثيراً عند استخدامه في الأغراض العملية. في آسيا، حيث يعتبر هذا الذهب استثماراً، تصنع معظم منتجاته من فئة 18 قيراطاً فأعلى – بدرجة نقاء 75% على الأقل.
بلدان العالم المختلفة تضع معايير دنيا مقبولة لدرجة نقاء الذهب. ففي الولايات المتحدة، يبلغ الحد الأدنى القانوني 10 قراريط، فيما يصل هذا الحد الأدنى إلى 9 قراريط في فرنسا والمملكة المتحدة وأستراليا والبرتغال وايرلندا.
سبائك الذهب التي تسكها معامل معتمدة مثل جمعية سوق السبائك في لندن هي الأعلى قيمة، في ضوء إلزام الشركات بأن تخضع لعمليات تدقيق سنوية للتحقق من التزامها بمعايير النقاء ومسؤولية المصدر. وتمتلك أسواق أخرى، من بينها إسطنبول ودبي، قواعد ومعايير مماثلة.