“الريجي” وأدَت ثورة المزارعين وحمت ثروتها

على سعر 5 دولارات ونصف، بدأ مزارعو التبغ قبض بدل محاصيلهم بعدما امتنع قسم كبير منهم العام الماضي عن تسليمها وفق سعر 50 الف ليرة للكيلو. تداركت الريجي خطورة موقفهم، وقد أحجم عدد منهم عن زراعة أرضه هذه السنة نظراً للكلفة العالية. صحيح أن الـ5 دولارات ونصف لن تسدّ اتعابهم الموزعة بين حراثة واسمدة وزراعة وشتول ومياه ويد عاملة وغيرها، غير انها افضل الممكن في هذه المرحلة بالذات.

زراعة الدخان، أو اللقمة المرّة كما هو متعارف عليها، تُعدّ إحدى الزراعات الأبرز بالنسبة لقرى عدشيت الزوطرين يحمر وكفرتبنيت وقرى الشريط الحدودي، ويعتمد عليها الاهالي كمورد رئيسي في حياتهم، لكنّها تراجعت كثيراً في السنوات الماضية، الى أن خسرت الريجي نسبة لا بأس بها من مزارعي التبغ العام الماضي بسبب السعر، ما سيؤثر على انتاج التبغ اللبناني الذي يدخل بمعظمه في صناعة الدخان الوطني “سيدرز” ويصدّر الباقي الى الخارج.

التبغ اللبناني من أجود انواع الدخان في العالم، غير أنّ الريجي لم تنصف المزارع يوماً، وعادة ما كانت تظلمه في السعر، وقد بقي 11 الف ليرة للكيلو لسنوات طويلة، “ولولا ثورة مزارعي التبغ العام الماضي لما رفعته هذا العام”، على حد ّما يقول المزارع ابراهيم.

لعبت الريجي اذاً على وتر الازمة لتكسب مزارعي التبغ من جديد، وتدفعهم نحو زراعة أرضهم، ولا تخفي مصادر متابعة “ان نسبة كبيرة من رخص التبغ تعود لاصحاب النفوذ والسلطة الذين يشترون المحاصيل من المزارعين بنصف السعر ويعيدون بيعها للريجي التي لا تصدر رخص زراعية جديدة هذه الايام، وكثر يزرعون الاراضي من دون رخص ويعيدون بيعها لاصحاب الرخص الوهميين”، وتشير المصادر الى أنّهم الاكثر ربحاً، لأنهم يسرقون تعب المزارع لتحقيق الارباح. اذاً، انطلقت عملية تسليم التبغ الجنوبي في مركز الريجي في كفررمان، وكلّ مزارع عينه على السعر الافضل، اذ يخشى كثر أن تدخل الاستنسابية في التسعيرة وتظلم المزارعين الذين ينتظرون هذا التوقيت بالسراج والفتيلة لأخذ مالهم.

لا يخفي المزارع محمد أنّ كلفة زراعة التبغ اليوم كبيرة جدّاً، وجلّ ما نحتاجه هو دعم بالاسمدة والادوية لأنها باهظة الثمن، ويؤكد أنّ التسعيرة مقبولة “غير انها لا تسدّ اتعابنا كمزارعين، فكلّ دونم زراعة يحتاج 200 دولار أسمدة، وقرابة 600 الف حراثة ناهيك عن المياه التي نشتريها لريها وكلفة اجرة اليد العاملة”. بدوره، يؤكد الحاج ابو يوسف اضطراره لزراعة ارضه بالتبغ، لأنّ لا بديل لديه، لافتاً الى تراجع نسبة الزراعة هذه السنة رغم أنّ الانتاج جيد نسبياً، ولكنه غير كاف. اذاً، دفعت الريجي ثمن ظلمها لمزارعي التبغ السنة الماضية، في زمن بات التبغ مطلوباً اكثر وتسعيرته عالية جداً، وبحسب رئيس اتحاد مزارعي التبغ حسن فقيه، “نحصد اليوم نتيجة المبادرة التي عملنا عليها مع ادارة حصر التبغ والتنباك لشراء محاصيل المزارعين بالدولار لأنّ كل المواد اصبحت تشترى بالدولار ونحن نريد دعم المزارع وواجبنا ان نكون الى جانب أهلنا”، واكد الحرص على “تقاضي المزارع حقه عبر الـomt كي لا يعلق بشباك المصارف ويذلّ”. وعليه، طوّقت الريجي ذيول ازمة العام الماضي، لسبب بسيط، هو أنّها تريد أن تحافظ على الزراعة التي تدرّ عليها أرباحاً طائلة، خاصة وأنّ التبغ الجنوبي يعتبر تبغاً شرقياً بامتياز وجودته عاليه المستوى، وعليه وأدت ثورة المزارعين كي تحمي ثروتها.

مصدرنداء الوطن - رمال جوني
المادة السابقةهكذا حصل الهدر في “مبنى قصابيان” بتوثيق ديوان المحاسبة
المقالة القادمةتراجع سحوبات “اللولار” بانتظار رفع السعر