تطرقت محادثات مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، المقام في السعودية حتى الجمعة، إلى الزراعة التجديدية بوصفها أحد الحلول للحدّ من تدهور الأراضي، لكن هذه الطريقة لا تزال تعاني من ضعف التمويل.
وأكدت برافينا سريدهار رئيسة قسم العلوم والتكنولوجيا في حركة إنقاذ التربة أن مؤتمر كوب 16 الذي تحتضنه العاصمة السعودية الرياض سيدعم نهج الحفاظ على البيئة باستخدام تقنيات من النوع الذي طورته المنظمة غير الحكومية مع المزارعين الهنود.
وأوضحت سريدهار خلال مقابلة مع وكالة فرانس براس على هامش القمة أن الزراعة التجديدية تعيد التنوع البيولوجي للتربة، ما يحسن القدرة على الصمود في مواجهة الأحداث الجوية المتطرفة.
وعلى سبيل المثال، تساعد ممارسات مثل زراعة الأشجار واستخدام البقوليات التربة على الاحتفاظ بالمياه وتحمّل الجفاف.
وترى الخبيرة أن التربة الصحية لا تعمل على تحسين الإنتاجية الزراعية فحسب، بل يمكنها أيضا أن تعمل كمصارف للكربون، مما يساهم في التخفيف من تغير المناخ.
ويبدو من المهم اليوم تركيز السياسات العامة على الزراعة التجديدية بدلا من إعادة التحريج، إذ من المهم عدم حصر الحديث في زراعة الأشجار. ورغم أهمية ذلك، فإن الزراعة التجديدية تغطي مجموعة من الممارسات التي تهدف إلى إثراء التربة.
وضربت سريدهار مثال على ذلك بالقول “تحتوي برتقالة مزروعة في تربة صحية غنية بالمغذيات على مستويات أكبر من الفيتامينات والمعادن مقارنة بالبرتقال المزروع في تربة متدهورة.”
وأشارت إلى أن الزراعة التجديدية قادرة على استعادة العناصر الغذائية في التربة، ما يحسن بشكل مباشر الجودة الغذائية للطعام الذي نتناوله.
وتعد التربة المتدهورة مصدرا رئيسيا لانبعاثات الغازات المسببة للاحترار المناخي. والزراعة المكثفة التي تستنزف التربة من دون تجديدها، تساهم في إطلاق الكربون في الغلاف الجوي.
ومن ناحية أخرى، يمكن للتربة الصحية التي تتم إدارتها بشكل متجدد أن تلتقط الكربون وتحارب تغير المناخ بنشاط.
وتعتبر سريدهار أن التمويل وتشجيع البلدان على الاستثمار في تجديد التربة هما الأساس، حيث يؤدي القطاع الخاص دورا مهما، ولكن البلدان ذات الدخل المنخفض غالبا ما تواجه أسعار فائدة أعلى عند الوصول إلى التمويل.
ويشكل خفض هذه الحواجز، وفق المسؤولة في حركة إنقاذ الترب، أمرا ضروريا لمساعدة الدول النامية، إذا ترى أنه يجب على المؤسسات مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي العمل معا لتسهيل الوصول إلى التمويل لتجديد التربة.
وهناك نماذج ناجحة في هذا المضمار، ففي الهند، عملت هذه المنظمة البيئية بالفعل مع ربع مليون مزارع، وساعدتهم على تبني ممارسات الزراعة التجديدية مثل الزراعة الحرجية أو الزراعة القائمة على الأشجار.
وقالت سريدهار “مهمتنا هي ربط المزارعين والمواطنين وصناع السياسات ونريد أن نكون حافزا للتحول المنهجي والمستدام للتربة والسياسات الزراعية.” ومن الواضح أن تعزيز اتفاقيات الأمم المتحدة لمعالجة تحديات اليوم تشكل أحد الأهداف الرئيسية من أجل مواجهة منغصات الاحتباس الحراري.
وتقول سريدهار إنه تم إبرام الاتفاقيات المتعلقة بالتنوع البيولوجي والتصحر والمناخ ولكن تطويرها غالبا ما كان يحصل وفق مسارات منفصلة، واليوم ينبغي إنهاء حالة الفصل هذه. وأوضحت أن النظم البيئية مترابطة، وعندما “نصلح التربة، فإننا نصلح أيضا المياه والتنوع البيولوجي ولابد من إجراء محادثات عبر الاتفاقيات لتعظيم تأثير أفعالنا.”