«الزراعة» تتابع مسح الأضرار… والتعويضات تنتظر الهيئات المانحة

يتصدّر القطاع الزراعي قائمة القطاعات المتضرّرة بفعل العدوان الإسرائيلي الذي خلّف أضراراً هائلة طالت، بشكل مباشر، المحاصيل والثروة الحيوانية والبنى التحتية الأساسية لهذا القطاع، ناهيك عن الضرر الكبير الذي لحق بالأراضي الزراعية التي قد يحتاج استصلاحها إلى سنوات بفعل الأسلحة المحرّمة التي استخدمها العدو في عدوانه.

فور انتهاء العدوان، دعت وزارة الزراعة أصحاب الحيازات الزراعية، بمختلف أنواعها، إلى تعبئة الاستبيان الأوّلي حول الأضرار التي لحقت بهم، واليوم تستكمل وزارة الزراعة عمليّة توزيع بطاقة المزارع للمزارعين المسجّلين في المحافظات، «كأداة لتوثيق أعدادهم وحفظ حقوقهم في التّعويضات»، وفق ما يؤكد وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال، عباس الحاج حسن، لموقع «الأخبار».

ويوضح الحاج حسن أنّ بطاقة سجل المزارع «وإن كان هدفها الأساسي تزويدنا بالداتا التي نستطيع من خلالها أن نحصي عدد المزارعين في لبنان ونوعية الزراعات أو المواشي، إذا كانوا في القطاع الحيواني، وإضافة إلى كونها تساعدنا على رسم استراتيجية داخلية وروزنامة زراعية داخلية واستهداف المزارعين المسجلين بالعطاءات والهبات والتقديمات، إلا أنها تفتح لنا، في الوقت نفسه، آفاقاً على عملية مسح الأضرار».

ويلفت الحاج حسن إلى أنّ عدد الاستبيانات التي ملأها المزارعون، حتى اليوم، تقدّر بنحو 37 ألفاً، مشيراً إلى أنّ عملية مسح الأضرار انطلقت فعلياً، بعد اتخاذ مجلس الوزراء قراراً بهذا الشأن، بالتعاون مع الشركاء الدوليين من «الفاو» و«برنامج الأمم المتحدة الإنمائي» (UNDP)، والمحليين من الجيش اللبناني والبلديات والتعاونيات الزراعية والنقابات والوزارات المختصة و« المجلس الوطني للبحوث العلمية» وكل المراكز البحثية، أكان في وزارة الزراعة أو الصناعة وبعض الجامعات الخاصة.

مسح الأضرار خلال العدوان وبعده
ويشرح الحاج حسن لموقع «الأخبار» نوعين من المسح أجريا للكشف عن الأضرار، الأول عبر وزارة الزراعة، «إذ بدأنا منذ 8 تشرين الأول 2023 تسجيل الأضرار، بشكل يومي، خاصة الحرائق، وهو مسح كان يجري عن بُعد بالاستعانة بالبلديات والمخاتير والصليب الأحمر والدفاع المدني وعدد من الهيئات الموجودة في 52 بلدة جنوبية».

ويشير وزير الزراعة إلى أنّ نحو 80% من المساحات المتضررة تمّ تسجيلها من خلال هذا المسح، أما نسبة الـ 20% «فقد تمكنا بالتعاون مع الفاو والمجلس الوطني للبحوث العلمية من إجراء مسح جوي بشأنها، ويبقى أن ننجز المسح الميداني ليُصار بعد ذلك إلى إنجاز ملف الأضرار ورفعه إلى الحكومة».

وفي المقابل، يشير الحاج حسن إلى أنّ هناك مناطق خطرة، وحتى لو خرج العدو منها لا يمكن ريّها أو حرثها لأنها تحتوي على قنابل عنقودية وتحتاج وقتاً لإصلاحها، وهي في المفهوم الزراعي تسمى مناطق تصحُّر.

أما بالنسبة إلى المدة الزمنية التي يمكن بعدها زراعة الأرض، بشكل طبيعي، يوضح الحاج حسن «أنّ الأمر هنا يتعلق بنسبة الضرر، ونحن نأخذ عينة من التربة نحدّد من خلالها نسبة تركيز المواد الخطيرة، وبالتالي المدة الزمنية لاستصلاح الأرض الزراعية، لأنّ العدو الإسرائيلي استخدم في عدوانه أسلحة محرمة دولياً، مثل الفوسفور الأبيض، الذي تسبب بنشوب حرائق ضخمة أدت إلى تدمير مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية والغابات».

80% من الأضرار في الجنوب
ورغم أنّ العدوان الإسرائيلي الأخير لم يستثن أياً المناطق اللبنانية، إلا أنّ 80% من الأضرار طالت القطاع الزراعي في الجنوب، حيث بلغت المساحات المتضررة بالكامل، وفق أرقام وزارة الزراعة، أكثر من 3220 دونماً، والمتضررة ما بين أحراج وأراض زراعية 7200 دونم، إضافة إلى 65000 شجرة زيتون، بعضها مُعمّر، أحرقها العدو. فيما تقدر الخسائر في الثروة الحيوانية ما بين 25 و30% في معظم بلدات الجنوب، وتصل في بعضها إلى 100% مثل الخيام والعديسة ومركبا وسهل مرجعيون.

بالإضافة إلى الأضرار الزراعية التي طالت، بشكل مباشر، الأراضي الزراعية والأشجار والمحاصيل والمواشي، هناك أضرار غير مباشرة تتعلق بالبنية التحتية للقطاع، كالآبار والمعدات وغيرها، «هنا يأتي دور مجلس الجنوب ووزارة الأشغال ومجلس الإنماء والإعمار»، يقول الحاج حسن، مضيفاً: «نحن نحدد هذه الأضرار ونقدم الملفات للحكومة وكل جهة تعمل ضمن مجال اختصاصها».

الأمن الغذائي
ورغم ما أثاره العدوان الإسرائيلي من مخاوف على الأمن الغذائي، خاصة بعد أن توسّع العدوان في أيلول الماضي، «إلا أننا كنا نخشى أن يكون الأثر أكبر من ذلك، وأن تُقطّع أوصال البلد وأن يفرض حصار على المطار والموانئ وعلى الحدود البرية»، يقول الحاج حسن، مشيراً إلى أنّ عملية الاستيراد والتصدير «بقيت تجري بانسيابية مقبولة نسبياً ولم تفقد أي سلعة من الأسواق اللبنانية، وإن طرأت زيادة في السعر، فذلك مردّه إلى صعوبات الإنتاج وتلف نسبة كبيرة من المحاصيل الزراعية وتضرّر مزارع المواشي والدواجن وقفران النحل».

تقدير الكلفة صعب في المرحلة الحالية
تتضارب التقديرات بشأن خسائر القطاع الزراعي، بسبب العدوان الإسرائيلي، وفي حين قدّر البنك الدولي في تقريره الصادر في تشرين الثاني 2024 هذه الأضرار بـ 124 مليون دولار بين 27 أيلول الماضي حتى الأسبوع الثالث من تشرين الأول 2024، يرى وزير الزراعة أنّ الكلفة تتجاوز هذا الرقم، وإن كان من الصعب في الوقت الحالي، تحديد هذه الكلفة بشكل دقيق.

ويؤكد «أنّنا بحاجة إلى بناء الثقة مع المجتمع الدولي والهيئات المانحة عبر بيانات واضحة تراعي مبدأ الشفافية، لضمان وصول التعويضات وصرفها للمزارعين، في أقرب وقت ممكن، لنتمكن من إعادة النهوض بهذا القطاع الهام الذي يمكن أن يشكل رافعة للاقتصاد الوطني».

مصدرجريدة الأخبار - إنعام خروبي
المادة السابقةفياض وحبيب يبحثان قروض «مصرف الإسكان» للطاقة الشمسية
المقالة القادمة“تنفيعة” القرم لموظفين في “تاتش”