بانتظار التصويت على منح الثقة البرلمانية للحكومة الجديدة، ألغى وزير الثقافة والزراعة الجديد عبّاس مرتضى، من دون العودة إلى مجلس الوزراء، قرار نظيره الوزير السابق حسن اللقيس رقم 810/1 والذي عدّل المادة الثالثة في قرار 701/1 ليُخضع الخضار والفاكهة المستوردة من مصر إلى إذن استيرادٍ مسبق يصدر عن وزير الزراعة. وبذلك يكون قد سارع إلى فتح المعابر البحرية اللبنانية أمام البطاطا المصريّة لإغراق السوق بها، هادفاً الى استعمال محصول المزارعين اللبنانيين كورقة ضغط يطالب بها بإعادة العلاقات مع سوريا لتصريف المحصول وإلا “الجوع”.
بعد أيام من إطلاق صرخة المزارعين ومربّي المواشي عبر “نداء الوطن” راجين فيها تدارك الموسم الزراعي المقبل وإلا نسبة 80% من الأراضي الزراعية ستبقى بوراً، وفي خضمّ أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها البلاد منذ عقود صار حليب البقرة فيها لا يعيلها، جاء قرار الإختصاصي الجديد في وزارة “المعترين” ليقضي حتى على محصولهم الأخير الذي زرعوه قبل ارتفاع سعر الدولار وعلى آخر مصدر رزق لهم وبحجة أنه سيعمد الى تأخير استيراد البطاطا 18 يوماً، ويحدد كميتها بـ25 ألف طن، كما لو أن ما سيصيبهم اليوم لن يصيبهم بعد 18 يوماً!
“علّقوا مشانقنا”
وتحت عنوان “علقوا مشانقنا” يدعو رئيس الإتحاد العام للنقابات الزراعية في لبنان يوسف محي الدين وأمين عام العلاقات العامة للنقابات الزراعية علي شومان إلى مظاهرة سينزل فيها آلاف المزارعين إلى الشارع يوم الثلثاء المقبل ورمي محاصيلهم من البطاطا وحليب البقر في ساحة الشهداء إذ، بحسب قولهم “حرص الوزير السابق على حماية الإنتاج الزراعي اللبناني خصوصاً البطاطا وتريّث في منح أذونات استيرادها حتى إنجاز دراسة حاجات الأسواق المحلية وتصريف الإنتاج اللبناني بعكس الوزير الحالي الذي يقتلنا علناً”.
تجاهل حاجات السوق
ودعت وزارة الزراعة في بداية الشهر، ممثّلين عن النقابات الزراعية في لبنان لما كان يجدر به أن يكون اجتماعاً لمعالجة أزمة البطاطا الموجودة في برادات المزارعين ولدراسة امكانية استيراد البطاطا من مصر وفق الاتفاقية التي تجمع البلدين، ليُفاجأ فيه الاتحاد العام للاتحادات الزراعية والممثلون الحصريون لكل النقابات في حضور ثلاث نقابات زراعية فقط وأكثر من خمسين شخصاً، من كبار التجار المستوردين.
وخلال الإجتماع، اعترضت النقابات عندما شكّل الوزير لجنة مؤلفة من مستشارته ماجدة مشيك والتاجرين جورج الصقر وابراهيم الترشيشي، تخوفاً من آرائهم التي يمكن ألا تراعي أوضاع المزارعين. كما اقترحوا على الوزير تشكيل وفد والسفر معه إلى مصر لعفوهم هذه السنة من الاتفاقية لما يمرّ به لبنان من ضائقة وبما أن المزارعين على حافة الافلاس.
وإذ بهم يقرأون في الخامس من الشهر عن لقاء الوزير مع وفد من نقابة مصدري ومستوردي الفاكهة والخضار برئاسة نعيم خليل بحث في ملف استيراد وتصدير وتسويق المنتجات الزراعية والغذائية، وعن فتح الباب على مصراعيه أمام المنتج المصري ضارباً بمصلحة المزارعين عرض الحائط.
وكشف يوسف محي الدين عن تخوفه من الكارثة القادمة وتساءل “سبق للوزارة أن كشفت عن كمية البطاطا الموجودة في البرادات والمستودعات اللبنانية، وهم على علم تام بوجود أكثر من 20 ألف طن للبيع في السوق المحلية، عدا عن موسم البطاطا العكارية الذي سينتج في أول آذار والذي يبدو أنه سيُتلف اذا بقي الأمر على ما هو عليه، فلمَ اتخذ الوزير الذي يدّعي مصلحتنا قراراً مجحفاً بحقنا ووافق على استيراد 25 ألف طن لا يحتاجه سوقنا المحلي، وتجاهل صرخاتنا المتكررة في مكتبه وعبر الإعلام؟”.
تصل أول شحنة بطاطا مصرية إلى بيروت الإثنين، بعكس ما تمّ التصريح عنه، ويتحضّر المزارعون للإعتصام أيضاً عند المرفأ، ليخبروا السلطات أنهم عاجزون عن التصدير البحري مع القيود المصرفية الحالية وارتفاع سعر الصرف، وعن زراعة أرضهم للموسم المقبل أو بيع الحليب وأنهم يخشون احتكار التجّار لهم أو استعمالهم كورقة ضغط سياسية.