هناك حالات من السالمونيلا في لبنان. في بلدٍ يتقاذف كل من فيه المشاكل منذ سنين كثيرة، إما بالتذرع بما هو أعظم “بالهمّ الكوروني مثلاً، وإما برمي المشاكل على الآخرين، وإما بالسكوت عن تلوث وفساد ظناً منهم أنهم قادرون دائماً على إخفاء الحقيقة غير عالمين أن الناس ما عادوا يأخذونهم على محمل الجدّ وما عادوا يثقون بهم لا في الأمور الصغيرة ولا طبعاً الكبيرة.
نعم، في البلد هيئة وطنية يفترض أن تُعنى بسلامة الغذاء نشأت عام 2015 بعد عقود طويلة من الإلحاح بضرورة وجودها ولكن، حتى اليوم، حتى شباط 2021، لا وجود كيانياً لها سوى تعيين رئيس لها في 21 أيار 2018 هو الدكتور إيلي عوض.
ثمة أوضاع كارثية في الطعام وفي الشراب في لبنان. كلنا نعرف ذلك، لكن قلة تتذكر أن الأوضاع الغذائية الشائنة في لبنان استدعت إقرار قانون سلامة الغذاء في تشرين الثاني عام 2015، ومهمتها متابعة ومراقبة سلسلة الغذاء من الألف الى الياء.
مصلحة حماية المستهلك في لبنان في وزارة الإقتصاد غائبة عن السمع. فهل سمعت جمعية حماية المستهلك بوجود تسمم وحالات سالمونيلا في لبنان؟ يجيب رئيس الجمعية الدكتور زهير برو “هناك حالات كثيرة تحصل. والهيئة لم يباشر العمل بها لأن وجودها يضرّ بالتجار لأنهم لن يعودوا قادرين على تصريف السلع الفاسدة”. كلام برو واضح ويعلل: “كل أمر يضرّ بالتجار ممنوع تمريره”.
يتحدث برو عن وجود السالمونيلا في لبنان ويقول “معظم حالات التسمم الغذائي في لبنان سببه وجود جرثومة السالمونيلا في الدجاج وفي سواها”. وهل تتلقى الجمعية شكاوى بهذا الخصوص؟ يجيب “هناك شكاوى ولكنّ هناك مواطنين كثراً ما عادوا يثقون حتى بوجوب تقديم شكوى. والأرقام يفترض أن تتعلق أساساً بمديرية حماية المستهلك التي عليها أن تتحرك وتفحص المطعم المرفوعة عليه الشكوى ومحاسبته. فالقانون موجود غير أن التطبيق في مكان آخر”.
وماذا عن الهيئة الوطنية لسلامة الغذاء؟ يجيب برو “عيّن رئيس للهيئة لكن لم يعط الضوء الأخضر لمباشرة العمل لأن ذلك “سيضرّ بالشباب” (بالتجار الفاسدين) لذا يؤجلون بتّ العمل في الهيئة مثل كل شيء في البلد.
الهيئة الوطنية لسلامة الغذاء ليست ولن تكون، الى أجل ليس بقصير، أولوية بالنسبة الى الدولة المصونة. لأن لكل طرف في هذه الدولة حساباته ومصالحه و”تجارته” وأرباحه. والعمل بهذه الهيئة سيضرّ بهؤلاء. فليتسمم الناس. المهم أن يعيش أكَلَة الديناصورات.